ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 25/01/2013 Issue 14729 14729 الجمعة 13 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

أفاق اسلامية

خطباء الجوامع يؤكدون لـ(الجزيرة):
البشرية لم تعرف ديناً ولا حضارة ولا ميثاقاً اهتم واعتنى بالمرأة مثل الإسلام وشريعة الله

رجوع

الرياض - خاص الجزيرة:

كفل الإسلام حقوق المرأة في جميع مراحل حياتها، وحمى الحقوق بنصوص شرعية ثابتة لا تقبل التأويل والاجتهاد، ولم تعرف المجتمعات عبر التاريخ إنصافاً للمرأة وحماية وصيانة لدينها وعرضها ومالها وكافة شؤونها كما حفظها الإسلام، ولقد انساق بعض الجهلة مع حملات شعواء تريد النيل من كرامة المرأة - بوجه عام - والمرأة المسلمة بوجه خاص، والادعاء بهتاناً وظلماً بأن الإسلام يبخس حق المرأة، وينتقص منها، وكان لابد من الرد على هؤلاء بتبيان مكانة المرأة في المجتمع المسلم وما ورد لها من حقوق ثابتة.. عدد من خطباء الجوامع تناولوا ذلك.. فماذا قالوا ؟!

حقوقها كاملة

ففي البداية ،قال خطيب جامع الشميسي بالرياض الشيخ محمد بن عبدالله الغنام: إن الله - عزوجل - خلق لنا في هذه الدنيا أزواجاً نسكن إليها، وجعل المودة والرحمة دوحة نستظل بها، ورغبة في تجديد ما تقادم من المعلومات وتذكير من غفل من الإخوان والأخوات، فإن الحقوق الزوجية عظيمة، ويترتب عليها أمور مهمة، فقد قال الله - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} وهذه المرأة التي تحت يدك أمانة عندك، ومسؤول عنها يوم القيامة، هل أديت حقوقها أم فرطت وضيعت ؟!.. قد أوصى الله - عز وجل - بالنساء خيراً: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (استوصوا خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة)، وبعض الناس يأخذه الكرم والسخاء مع الأصدقاء وينسى حق الزوجة، مع أن المرء يؤجر على إنفاقه في بيته، كما روى ذلك أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفته على أهلك)، وآخرون اتخذوا ضرب زوجاتهم مهنة لهم، فلا يرفع يده عنها، وعائشة - رضي الله عنها - تقول: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً...) والرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة والمثل، وآخرون اتخذوا الهجر عذراً وطريقاً لأي سبب، وإن كان تافهاً، وربما هجر المسكينة شهوراً لا يكلمها ولا يوانسها، وقد تكون غريبة عن أهلها، أو شابة صغيرة يخشى على عقلها من الوحدة والوحشة.

وأضاف يقول: ومن حقوقها أيضاً: تعليمها العلم الشرعي وما تحتاج إليه من أمور العبادات وحثها على ذلك، قال - تعالى -: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} وقالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وعن أبيها: (نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)، وعلى الزوج أن يتابع تعليمها القرآن الكريم والسنة المطهرة، ويشجعها ويعينها على الطاعة والعبادة، قال - تعالى -: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ} وقال صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقضت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)، ومن حق المرأة على زوجها: معاملتها المعاملة الحسنة والمحافظة على شعورها وتطيب خاطرها، قال - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وقال - جل وعلا - {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

وأشار الشيخ محمد الغنام إلى أن من الأمور التي انتشرت في أوساط بعض الأسر المسلمة من المخالفات في تلك المعاملة الحسنة التي أمرنا بها: بذاءة اللسان، وتقبيح المرأة خلقةً، أو خلقاً، أو التأفف من أهلها وذكر نقائصهم، وكذلك سب المرأة وشتمها ومناداتها بالأسماء والألقاب القبيحة، ومن ذلك إظهار النفور والاشمئزاز منها، ومن ذلك أيضاً تجريحها بذكر محاسن نساء أخر، وأنهن أجمل وأفضل ؛ فإن ذلك يكدر خاطرها في أمر ليس لها فيه يد، ومن المحافظة على شعورها وإكرامها مناداتها بأحب أسمائها إليها، وإلقاء السلام عليها حين دخول المنزل، والتودد إليها بالهدية والكلمة الطيبة، ومن حسن الخلق وطيب العشرة عدم تصيد أخطائها ومتابعة زلاتها، بل العفو والصفح والتغاضي خاصة في أمور تجتهد فيها وقد لا توفق، وتأمل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم)، ويجب المحافظة على الزوجة من الفساد ومن مواطن الشبة، وإظهار الغيرة عليها، وحثها على القرار في البيت، وإبعادها عن رفيقات السوء، والحرص على أن لا تذهب إلى الأسواق بكثرة، وإن ذهبت فاذهب معها، وأن لا تسافر بدون محرم، واستشعر أن هذه أمانة عندك مسؤول عنها يوم القيامة (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). واستمر الشيخ الغنام قائلاً: ومن حقوقها إعفافها وتلبية حاجاتها، فإن ذلك يحفظها، ويغنيها عن التطلع إلى غيرك، وإشباع حاجاتها العاطفية بالكلمة الطيبة والثناء الحميد، واقتطع من وقتك لها، واجعل لبيتك نصيباً من بشاشتك ودماثة خلقك، مطالباً فضيلته عموم الأزواج بالتأسي بخير الأزواج في مؤانسة الزوجة وحسن العشرة، وإدخال السرور على قلبها، روى عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل شيء يلهو به الرجل فهو باطل إلا: تأديبه فرسه، ورميه بقوسه، وملاعبته أهله)، ومن أحق منك بحسن الخلق وطيب المعشر، ممن تخدمك وتطبخ لك، وتنظف ثوبك، وتفرح بدخولك، وتربي أبناءك، وتقوم بشئونك طول حياتك ؟! ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فقد كان - عليه الصلاة والسلام - يسابق عائشة إدخالاً للسرور على قلبها، ويناديها بـ « ياعائشُ تقرباً إلى قلبها، وكان - عليه الصلاة والسلام - يوانسها بالحديث ويروي لها بعض القصص، ويشاور زوجاته في بعض الأمور مثلما شاور أم سلمة في صلح الحديبية.

الشعارات الزائفة

ويسترشد خطيب جامع الأمير محمد بن عبدالعزيز بحي الناصرية بالرياض، الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري في خطبته التي تركزت حول حقوق المرأة بما جاء في خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع عن هذه الحقوق، ويقول: أعلن - عليه الصلاة والسلام - في تلك الخطبة حقوق المرأة ،وأنها إنسانة، لها شأنها في المجتمع، فهي تمثل نصف الأمة، ثم هي ذلك النصف الآخر، فهي أمة كاملة، ففي خطبة صلى الله عليه وسلم كانت وصيته بالنساء خيراً (واستوصوا بالنساء خيراً) ما أروعها من وصية، وما أحرى بالإنسانية اليوم أن تلتزم بها وتهتدي بهديها، بعد أن أذاقت المرأة أشد العذاب - تحت شعار حرية المرأة - ودفعت بها على مهاوي الذل والرذيلة، وجردتها من كل معاني الكرامة والشرف، تحت شعارات مزيفة، لا تمت إلى الحقيقة بصلة، فلقد جهل أصحاب تلك الشعارات، بل تجاهلوا الفرق بين كرامة المرأة وحقوقها الطبيعية التي كفلها لها شرع الله، وما نادوا به من شعارات تطلب بحرية المرأة، فهي كإنسانة لا تفترق عن الرجل وفي الحقوق أيضاً (أيها الناس، إن لكم على نسائكم حقاً، ولهن عليكم حقا، لكم عليهن ألا يُوطئن فرُشكم أحداً تكرهونه، وألا يأتين بفاحشة مبينة) ثم كان الأمر بالترفق بهن، والقضاء على أشكال العنف والقهر التي كانت تمارس ضد المرأة (فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع، وتضربوهن ضرباً غير مبرح) فإن إصلاح عوج المرأة راجع إلى زوجها ؛ لمنع العوج والنشوز، وليعود الاستقرار إلى جوانب البيت في معالجة داخلية.

وأضاف يقول: كما حدد الإسلام حقوق الزوجة على زوجها في وجوب الإنفاق عليها وكسوتها مع معاملتها بالمعروف (فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوانٍ لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وأنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)، والمتأمل في مواريث العرب والجاهلية قبل الإسلام يجد أنها احتقرت المرأة، بل لعلها رأت أنها شر لابد منه. وإذا كانت مواريث الجاهلية قد جعلت المرأة في خلفية الصورة، ونظرت إليها على أنها شؤم وعار، فإن مسلك التقدم المعاصر قد جعلها مصيدة لكل الآثام، ولكن هدى النبي الكريم أعطى كل ذي حق حقه، وحفظ لكل نصيبه.

المحور الأساسي في الأسرة

ويؤكد إمام وخطيب جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب بحي الفهد بنجران الشيخ سعود بن عبدالرحمن الشمراني أن الإسلام خص المرأة بنظرة خاصة؛ لكونها تمثل محور الأساس في الأسرة المسلمة، ومركز الثقل فيها، فهي أم تخرج الأجيال، وتصنع على عينها الرجال، وتعد النشء ؛ ليقوم بدوره المنوط به.

واستعرض فضيلته مكانة المرأة قبل الإسلام وبعده، ثم شدد على أن البشريةُ لم تعرف ديناً ولا حضارةً عُنيت بالمرأة أجملَ عناية، وأتمَّ رعايةٍ، وأكملَ اهتمام كالإسلام. تحدَّث عن المرأة، وأكّد على مكانتها وعِظم منزلتها، جعلها مرفوعةَ الرأس، عاليةَ المكانة، مرموقةَ القدْر، لها في الإسلام الاعتبارُ الأسمى، والمقامُ الأعلى، تتمتّع بشخصيةٍ محترمة وحقوقٍ مقرّرة وواجبات معتبرة، نظر إليها على أنها شقيقةُ الرجل، خُلِقاَ من أصل واحد، ليسعدَ كلٌّ بالآخر، ويأنسَ به في هذه الحياة، في محيط خيرٍ وصلاح وسعادة، قال: (إنما النساء شقائق الرجال)، وقال - تعالى -: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}، فجاءت هذه الشريعة شريعة الإسلام خاتمةُ الشرائع المنزلة من عند الله بما فيه صلاح أمر العباد في المعاش والمعاد ومن ذلك: الدعوة إلى كل فضيلة، والنهي عن كل رذيلة، وصيانةُ المرأة، وحفظُ حقوقها

ومضى يقول: إن الشريعة الإسلامية لا ترضى بمسلَك الغلوّ في النظرة للمرأة، بحيثُ تُحتقَر وتمتهَن وتُهمَّش عن واقع الحياة، ولا هي في الوقت نفسِه ترضى بمسلَك التحرّر والانطلاق، فكلا طرفَي قصدِ الأمور ذميم. فالأمّة كذلك ينبغي أن لا تسمَع للمتشائمين المتنطِّعين، وأن لا تتابع المتهوِّرين العابثين؛ إذ الأمة لا تتأثر بقول الغلاة في كبتِ حقّ المرأة، ولا هي التي تنساق خلف الناعقين الذين يريدون إخراج المرأة من حيائها وحجابها، ومما ذكر لنا التاريخ أنه حين بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء قال: (بايعنني على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين) قالت هند بنت عتبة: وهل تزني الحرة ؟ فسؤالها يدل على أنفة وعفة وطهارة، وتلك هي الفطرة السوية التي فطر الله عليها النساء، تعرف الحق، وتتجه للخير. والفطرة حين تسلم من العوارض المشوشة عليها، والتأثيرات المخدرة لها، وتسقط عنها الحواجز، فإنها عندئذ تستقيم لربها، وتعرف الحق، وتدعو إلى كل خلق جميل.

وأكد الشيخ الشمراني أنّ وظيفة المرأة في الحياة والمجتمَع ليست مبنيّةً على عقدِ استرقاقٍ لجسدِها، بل المرأة لها حقّ في المجتمع والأسرَة؛ إذ لها حقٌّ أن ترفع عنها الأمّيّة، وأن يكونَ لها قصَبٌ في النصح والتوجيه والتربية والتعليمِ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن حقِّها أيضًا أن تسعَى إلى الأفضلِ عند توفُّر فُرصِ العمل الملائم لوضعِها خَلقيًّا وشرعيًّا، في ميدان العِلم النافع والعمل الصالح ودعوةِ الخير، فالأمّة المسلمة بحاجةٍ ماسّة إلى المربّية المسلمة، والمعلِّمة المسلمة، والممرّضة المسلمة، والطّبيبة المسلمة، والكاتبة المسلمة، والمرأةُ ذاتُها بحاجةٍ ماسة لأن تكون صالحة مصلحة، لا أن تعرِّي جسَدها، وتترك دينها وحياءها.

وقال: إن وظيفة المرأة في المجتمع ستبقى خطيرةً وحسَّاسَة، لا تقبل التفريطَ فيها ولا التجاربَ المُرّة عليها، كما أنّ المجتمع كلَّه مطالبٌ بصيانةِ الأعراض ومنعِ أيّ عَبَثٍ بها. والأمة الموفّقَة هي التي تستطيع أن تلائِم بين هذه الأهدافِ النبيلة للمرأة وبين احتياطاتِ المجتمع في ظلِّ حمايتِها وصيانتها، فلا هي تضَعها في قفصِ الاتهام والامتهان، ولا هي تطلِقها لتكونَ مصيَدةً للبغي والآثام، ولا تجورُ على غَيرةِ الرجل وتمتهِن حقوقَ الله، وإن مما ينبغي إيضاحُه أنّ دعوى التّساوي بين الجنسين الذكرِ والأنثى في جميع الوجوه إنما هي كمثل من يريد التسوية بين المتناقضين، فالمسلمُ الحقّ ينبغي أن لا يشُكَّ في أن الله - جل وعلا - قد خصَّ كلَّ جنسٍ بخصائصَ امتاز بها عن الآخر، فقال - سبحانه -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

وخلص فضيلته إلى القول: يجب أن نعطي كل شيء حقه من العناية والاهتمام، فنربي البنات على الفضيلة والأخلاق الكريمة والعفاف والطهر والحياء، ونعلمهم قصص الصحابيات الجليلات ونساء السلف الصالح؛ كي يقتدين بهن، ونحذرهن من مكايد الشيطان وأعوانه، ونبصرهن بما يُراد بالإسلام والمسلمين، فالواجب أن نتقي الله - سبحانه وتعالى -، وأن ننصح لزوجاتنا وبناتنا، ونعلمهن ما هو حلال، ونعينهن عليه، وما هو حرام فنزجرهن عنه، لأن الرجل هو الذي يغار على أهله، ويحفظهم من نظرات الساقطين والسافلين، فلنكن جميعاً رسل هداية ومنابر توجيه لأهلينا.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة