ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 31/01/2013 Issue 14735 14735 الخميس 19 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

لم تتقدم الشعوب في مختلف دول العالم إلاّ حينما تخففت من العنصرية التي تمزق مجتمعاتها، ولم تستطع أن تفعل ذلك إلاّ حينما وضعت قانوناً واضحاً، وسنَّت عقوبات صارمة على كل من تثبت لديه تهمة العنصرية، وهي تهمة بغيضة يمكن أن تسقط وزيراً أو حتى حكومة بأكملها، لأن هذا الفعل ينهى عنه الله سبحانه في محكم كتابه، قبل البشر أنفسهم الذين عانوا من مثل هذا الفعل، الذي نحَّى أشخاصاً موهوبين فقط لأنهم من هذه الفئة أو تلك.

فيما يخص مجتمعنا، فإنّ الأمر يصبح أكثر تعقيداً وخطورة، خاصة مع أجهزة الاتصال الذكية، ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، فمن السهل أن تفتح جهازك المحمول، وتكتشف مقاطع بالصوت والصورة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، بدءاً من العبارات البذيئة، والمصطلحات المستخدمة للنَّيل من المواطنين، سواء بالكتابة أو بمقاطع الفيديو.

وحتماً لن يكون مقطع معلّم القرآن الكريم الذي أهان الطفل الأسمر، وسخر منه، ونال من ملامحه التي وصف فيها بشكل عنصري خلقته، ولكن الخطورة في ذلك أنّ هذا الشخص هو معلم، بمعنى أنه مسؤول عن بث القيم والأخلاق الفاضلة في الجيل الذي يتربّى على يديه، وحينما يكون عكس ذلك، فهو ينشئ جيلاً عنصرياً بامتياز، وهذا ما ينفي صفة «التربية» عن هذه الوزارة المحترمة.

ولعلّ الخطورة الأخرى، أن يكون معلّم قرآن، وهو يلقِّن التلميذ سورة «المسد»، فيسخر منه ويهينه ويصفه بأبشع الأوصاف ويدعو عليه، وهو ما لا يمكن قبوله إطلاقاً من أيّ معلّم، منخرط في أشرف المهن على وجه الأرض، فما بالكم أن يكون معلم أكرم الكتب الربانية؟ أكاد أجزم أنّ الأمر محزن، وينذر بالخطر الذي يمكن أن ينسف العملية التربوية بأكملها.

قد يقول بعضكم، إن كثيراً من التلاميذ يتعرّضون لمثل ذلك يومياً، وإنّ هذا الأمر موجود منذ عشرات السنين، وهذا صحيح، لكن التقنية في العصر الحديث فضحت هذه الأعمال المشينة أمام الملأ، وأصبح علينا أن نعلن حالة الطوارئ في التعليم، ولعل أبسط ما يمكن أن يفعله وزير التربية والتعليم، هو أن يفتح ملف المعلم، ويولي هذه القضية أهمية قصوى، فليس معقولاً، أن يفتح وزير التربية هذا المقطع، ويبتسم أو يضحك، مثلما يفعل الآخرون، لأنه صاحب صلاحية، ويملك سلطة لأن يتخذ قراراً بشأن هذا المعلّم، يكون عبرة وعظة للآخرين، ويجعلنا نشعر أننا في مجتمع بدأ يخطو، وإنْ كان ببطء، نحو المجتمعات المدنية المتحضّرة، التي تدين الأعمال العنصرية وتعاقب عليها.

من الطبيعي ألاّ يتنبّه الرأي العام للأعمال اليومية التي تكشف عن عنصرية ما، وبالتالي لا يمكن المطالبة بعقوبات على ما يجهله الرأي العام، ولكن ما إن أصبحت هذه القضية قضية رأي عام، وتم بثها وتداولها في مختلف وسائل الاتصال الحديث، فإنّ على وزارة التربية والتعليم، ممثلة بالوزير، أن تتحرك في اتخاذ خطوات رادعة ضد هذه الأفعال العنصرية البغيضة.

نزهات
الوزير لن يبتسم!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة