Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 08/02/2013 Issue 14743 14743 الجمعة 27 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

مازال الحديث عن الديمقراطية يخضع لعقلية الكثير ممن يظنون أنها مفتاحٌ سحري قادرٌ على فك أي شفرة مستعصية.. هذه الكلمة ملأت الدنيا وشغلت الناس وغدت موجة من موجات الاستقطاب الذهني لدى الجميع.

وحين يجترُنا الحديث نحو فهم الديمقراطية في سياق كينونتها الحضارية فإني أستشهد دوماً بقول أحد الفلاسفة حيث يشير في مقولةٍ له [ إن مشكلة كل شيئ تكمن في مفهومه العمومي وأنماط استخداماته المختلفة] وعلى ضوء هذه المقولة فإن الحديث عن الديمقراطية نظرياً.. هو أمرٌ سهل لكن يبقى المحك حول التطبيق العملي لكل ماتفيض به هذه الكلمة من جزئياتٍ متعددة كالعلاقة التي تقوم مابين الفرد والجماعة، ومابين الجماعة والسلطة الناظمة لهذه الجماعة، وانتقال من علاقة التبعية إلى علاقة الشراكة، وأن الإنسان جزءٌ من وطن وشريكٌ فيه وكأي شريكٍ في أي مصلحة فإن عليه واجبات تجاه مصالح وطنه وبالتالي فالحقوق التي ينالها ليست إلا أرباحاً ناتجة عن حسن القيام بالواجبات المناطة به تجاه وطنه.. غيضٌ من فيض لمفهوم ديمقراطية قائمة على ثوابت تُجلُها الشعوب.

يُخطئ من يتصور أن إلحاق الهزيمة بنظامٍ سلطوي يعني الوصول فوراً إلى ديمقراطية منشودة.. فالعديد من دول العالم أطاحت بأشد النظم ديكتاتورية وتسلطاً لكنها انحدرت إما إلى حروبٍ أهلية طويلة أو أنها عادت أدراجها إلى حكمٍ سلطويٍ معتمدٍ على الإخضاع بقوة السلاح.. كما أن دولا كثيرة تحققت فيها الديمقراطية ولكن لفترة قصيرة من الزمن ثم مالبثت أن خسرتها في سنوات لاحقة ولنا في المسار التاريخي العام لدول العالم شواهد كثيرة على ذلك.

إن إشكالية الديمقراطية ليس كونها في المقام الأول مبدأ وإنما تكمن في التطبيق والممارسة العملية الصحيحة على أرض الواقع لتستأنس بها الشعوب.. لكن مايظهر في عصرنا الحالي أن مبدأ الديمقراطية هو مبدأ نظري فقط وواجهة تتشدق بها منابر الإعلام صباحاً ومساء.. وكثيرة هي القيم والمبادئ التي يتغنون بها وتبقى الشعوب تسأل أين التطبيق أيتها الأنظمة!؟ في عالمنا العربي لازلنا نحتاج الكثير كي نتعلمه من تجارب الأمم السابقة.. فالنضال من أجل نيل الحقوق ومن أجل الحياة بكرامة وعدالة ليس مسألة مصطنعة بل هو جزء من نهجٍ طبيعي في نسق التاريخ البشري.. لذا فاندلاع الثورات في أجزاء الوطن العربي.. أتت لدحرجة الأنظمة الفوقية المتعنتة.. والقضاء على المعضلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي صنعتها أيدي الاستبداد وبالتالي تعكس مدى إدراك الشعوب لقضاياهم التي تشبعوا معاناة منها سنواتٍ وسنوات.. لكن لابد أن نضع في الحسبان أن الديمقراطية التي يُنادي لها القاصي والداني ليست فقط غياب السلطوية وطمس الفوقية كما يظن الكثير.. الديمقراطية هي مبدأ عملي قبل أن تكون مبدأً نظرياً هي مرحلة مؤسسية شاملة معززة بمجتمعٍ مدني منفتح وسلطة قضائية قوية.. وإعلام حر ومحايد وتعاطي مع الإنسان ليس كونه مستهلكا سياسيا قابلا للصرخة إذا ماطعنته سكاكين الظلم بل باعتباره فرداً منتجاً فاعلاً يشارك في صناعة القرار.. واستثمار قدراته ومهاراته الفكرية والإنتاجية لدعم وجوده كرقمٍ مؤثر في سياق المجتمع الذي يعيش فيه. فإذ كانت الثورات قد أطاحت بالأنظمة المستبدة فهل فعلاً قد بدأ التغيير؟ وإذا حدث التغيير فإلى أي مدى سيسهم التغيير في تصالح مضمون الديمقراطية مع شكلها.. لتصبح معياراً يمثل الاستقرارالحقيقي والفعلي لأنظمة حكم ديمقراطية.

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia

عود على بدء
أين تكمن إشكالية الديمقراطية.. ؟
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة