Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 13/02/2013 Issue 14748 14748 الاربعاء 03 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لن تعيش بسلام قبل أن تترك غيرك يعيش بسلام.. وبين السيطرة على الآخر وتحمُّل مسئوليته مسافة لا تكاد تُرى، وفيها تختلط المفاهيم.. ولا أبالغ إنْ قلت إنّ الوضع هلامي.. ضاعت فيه روابط كانت من القوة أن تظنها باقية للأبد.. باسم المسؤولية والحماية والوصاية والإصلاح والصلاح.. وفي جانب آخر تدافعت رغبات البشر وتعالت، حتى باتت السيطرة تأخذ كل طريق يضمن لها الهيمنة الأبدية، وإنْ كانت ميكافيلية.. بالظلم والترهيب والتخويف والمكر والخديعة وغيرها.

لذا كيف نصل إلى الموازنة، بحيث نحصل على السلام بجرعة مناسبة من السيطرة الشريفة، التي تمارس بهدف حفظ السلام وليس إثبات القوة أو الانتفاع من وضعية الخنوع.. وما هي حدود المسئولية التي تضمن حرية الاختيار والقرار دون تسيُّب أو غفلة؟

بين فوضى السيطرة والمسئولية تقع أغلب المنازعات.. بدءاً من الإنسان مع ذاته.. مروراً بالعلاقات الخاصة والعامة وانتهاءً بالدول فيما بينها.. الصديقة والعدوّة.. القوية والضعيفة.

السيطرة تسود وتثبت جذورها في أي مكان أطرافه متناحرة.. لأنهم مشغولون بتصفية الحسابات.. ومن طرافة التصفية أنها تأخذ الإنسان معها إلى أن يحارب حياته واستقراره دون أن يشعر.. فإذا أردت أن تسرق.. اشغل المتواجدين بعراك مفتعل.. وإنْ أردت أن يخلو المكان لك.. دبِّر مكيدة تتقاتل بسببها البشر ويقل عدد المقاومين لك.. هذا إنْ لم تنته المعركة بالساحة خالية لمن أراد التملك والهيمنة.

وأقدم مكيدة لازالت ناجعة وستظل كذلك.. استغلال العاطفة الدينية والمذابح المذهبية.. لأنّ كل حزب قرر أنه من جند الله وحارس الأرض من الضلال.. في حين أنّ الأرض لله.. ولحظة خلقها لم يلغ وجود الزنديق والكافر والملحد وحتى إبليس الذي تحدّاه.. وفي سبيل ذاك الاعتقاد بالحماية تضيع فرص السلام الذي هو شرط عمارة الأرض.. لأنّ التعايش مستحيل.. والاختلاف سبب كافٍ لمناصبة العداء والكراهية والقطيعة وحتى القتل.

ويذكِّرني ذلك بجملة كتبها الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله -، حيث قال:»إنّ الأشياء التي تفرّق اليهود لا تختلف في تنوُّعها وكثرتها عن الأشياء التي تفرّق العرب.. إلاّ أنّ اليهود تعلّموا من الحريق النازي الهائل، أنّ بقاءهم على قيد الحياة رهن بقدرتهم على إنشاء تنظيم فعّال يتمحور حول إسرائيل».

فهل يحتاج المسلمون إلى إبادة جماعية مفتعلة بأيديهم، كي يتعلّموا أنّ الحياة أثمن من أن تهدر.. وأنّ أرض الله للجميع.. وأنّ الاختلاف لن يضر دينهم.. إنما موقفهم العدائي منه، سوف يشغلهم عن الحقوق الإنسانية ومشاكلهم الحقيقية من بطالة وجوع ... إلخ .. ويبدأ الفقر ينخر الأخلاق.. فثورة الجياع لا تستوعب لغة العفّة.. ولا المنطق ولا حتى الدين نفسه.

amal.f33@hotmail.com

إيقاع
ثورة الجياع!
أمل بنت فهد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة