Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 15/02/2013 Issue 14750 14750 الجمعة 05 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

فقيد الوطن

حينما أجريت أول حديث صحفي مع سطام بن عبد العزيز الشاب العائد مؤهلاً من إحدى الجامعات الأمريكية العريقة.. كان يتدفق طموحاً وشوقاً لخدمة بلاده، وكان يملك من وضوح الرؤية قدراً كبيراً تعلمه في النشاط الكشفي الذي عشقه ومارسه في معهد الأنجال حيث تلقى تعليمه قبل الجامعي. وتعين سموه في إمارة منطقة الرياض وكيلاً ونائباً ثم أميراً.. ولاحظت أن الطموحات التي تحدث عنها في أول حديث صحفي معه تتحقق على يديه حتى آخر يوم من حياته -رحمه الله- ولذا فقد اشتعلت المواقع الإعلامية منذ إعلان نبأ وفاته بذكر إنجازاته ومحاسنه وصفاته التي لم يكن أحد يتحدث عنها في حياته خشية أن يُتهم بالنفاق والتملق، وأول من سيوجه النقد للكاتب هو سطام بن عبد العزيز نفسه الذي يرى أن المديح حتى ولو كان صحيحاً لا لزوم له، فمن يؤدي واجبه وعمله لا يستحق ذلك. وطريقة الفقيد الراحل في توجيه النقد فريدة من نوعها، فهو يوجه النقد حتى ولو كان لاذعاً بابتسامة تجعل المتلقي للنقد راضياً ومبتسماً أيضاً.. والمواقف من هذا النوع كثيرة، ومنها أن أحدهم دخل على سموه في مكتبه فإذا هو منهمك في العمل حيث يقرأ المعاملات بتمعن ثم يشرح عليها بيده شروحات واضحة لا غموض فيها ولا عموميات.. ولانشغاله بالمعاملات قال صاحبنا للأمير (لقد مررت فقط للسلام ولن أجلس)، فرفع الأمير بصره وابتسم قائلاً (أحسن ومن قال إنه يجب عليك أن تجلس)، وفي ذلك توجيه لطيف من الأمير بأن المكاتب للعمل وليست لزيارات المجاملة الطويلة.. ومثل ذلك قال الأمير -رحمه الله- لشخص اعتذر عن تقصيره (نعم أنك مقصر)، وكان يتوقع أن يقول الأمير كالعادة (لا لم يحصل تقصير). أما عن قوته في الحق وعدله بين الجميع فقد شهدت موقفاً لا يمكن نسيانه، فقد قدم له أحد الأمراء معروضاً يطلب الاستثناء من أمر معين، وبعد قراءة المعروض توجه بالحديث إليه على مسمع من الحاضرين في المجلس قائلاً: ما رأيك لو جاء أحد الذين طبق عليهم هذا الإجراء وعددهم مائة شخص وسأل لماذا لم يُطبق عليك مثلهم، فماذا أقول.. ضع نفسك مكاني.. وهنا اعتذر الأمير الشاب وانصرف راضياً بالمنطق الذي تم إقناعه به.

أما الموقف الأخير الذي ينم عن حسم الفقيد الكبير للأمور بصورة عاجلة، فقد تم في مناسبة خاصة حضرها سموه عند تعيينه أميراً لمنطقة الرياض، وقد تحدث أحد رجال الأعمال المعروفين في المجال العقاري بأنه قدم للأمير اقتراحاً بإيجاد مستشفى آخر للعلاج من إدمان المخدرات في مدينة الرياض، حيث لم يعد مستشفى الأمل الموجود حالياً يستوعب الأعداد المتزايدة من الطالبين للعلاج.. وهنا نظر إليه الأمير سطام نظرة من فرح طرحه السؤال عن هذا الموضوع وقال (نعم اقتراحك لدي وأمامي على المكتب وهو فكرة جيدة جداً.. ولكن أرض هذا المستشفى ستكون تبرعاً منك وبذلك تختصر الإجراءات ويؤسس المشروع عاجلاً.. ووافق رجل الأعمال على التبرع بأرض لا تقل عن ثمانين ألف متر في جنوب الرياض.. وتهلل وجه الأمير قائلاً: غداً صباحاً سأشرح على المعاملة للتنفيذ بعد التنسيق مع الجهات المختصة. وطرحت في ذلك اللقاء وفي غيره من اللقاءات الخاصة التي يفترض أن تكون للراحة والأحاديث الاجتماعية العديد من المقترحات.. والأمير يؤشر للموظف من الإمارة كان بصحبته لتسجيل الأفكار الهامة وتذكيره عنها غداً لإعطائه مزيداً من البحث لكي يتم تنفيذ الممكن منها في أسرع وقت.. كما حدث بالنسبة للسماح للشباب بدخول الأسواق والذي كان عبارة عن فكرة طرحت.. وتبنى الأمير فتح أسواق الرياض للشباب فهدأت الأنفس وزال الاحتقان وعوقب من ارتكب المخالفات بشدة ودون قبول الشفاعة من أولياء الأمور الذين تجمعوا وقابلوا سمو الأمير للإفراج عن أبنائهم، فكان موقفه حازماً بأنهم سيعاقبون أولاً ثم يفرج عنهم. وهكذا سارت الأمور بشكل طبيعي.. وهكذا يتم التعامل مع المخالفين لأنظمة المرور كما يؤكد مدير مرور الرياض.

وأخيراً: هذه جوانب من شخصية الفقيد الكبير سطام بن عبد العزيز -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- والتي تبرز قوته في الحق وعدله بين الجميع.. وغير هذه القصص الكثير ستُكتب وتُروى في المجالس لأن الناس شهود الله في الأرض كما ورد في الحديث الشريف.

alshiddi@daralwatan.com.sa

سطام بن عبد العزيز.. قوة في الحق والعدل
علي الشدي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة