Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 19/02/2013 Issue 14754 14754 الثلاثاء 09 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

مثل هذه العبارات تكثر على ألسنة الناس. إذا حصل موقف سلبي لأحدهم مثل حادث سيارة أو فرصة مفقودة فإن من أكثر الأشياء التي يتشبث بها الناس هو أن يلوموا الظروف أو الحظ أو العوامل الخارجية. طبعاً لا شك أننا جميعاً نؤمن بالقدر خيره وشره، ومفهوم ذلك هو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، أي أنه لو أتاك رزق فهذا مكتوب ولو فاتك رزق فهذا مكتوب أيضاً فلا تتحسر عليه، ولو بذلت كل ما في وسعك وعملت المستحيل فما كان ذلك الرزق الفائت ليكون من نصيبك، أما ما أريد فعلاً مناقشته فهو ما يسمّيه علماء النفس «موقع التحكم»، وسأبدأ بسؤال للقارئ الكريم، فلو أنك تأملت تعاملك مع الظروف السلبية فكيف تجد نفسك؟ هل أسلوبك أن تلوم تقصيرك وعدم احتياطك؟ أم أنك دائماً تضع المسؤولية على العوامل الخارجية مثل الظروف والناس والوقت؟

مما رأيته أنه الغالبية الساحقة من الناس يلومون الظروف والغير على ما يحصل لهم من مواقف سلبية، وهذا لا شك أن فيه تعزية للنفس، فلوم الذات فيه مرارة ومشقة ولا أحد يحب أن يتحمل كامل المسؤولية أمام ذاته لأن هذا يحرمه من لذة لوم الغير والظروف، غير أن مبدأ «موقع التحكم» والذي يسمى بالانجليزية Locus of Control -والذي وضعه عالم النفس الأمريكي جوليان روتر عام 1954م- يشرح هذه المسألة ويبين أنواع الناس فيها، ليس فقط في الظروف السلبية بل حتى الإيجابية، وموقع التحكم يمكن أن يكون خارجياً أو داخلياً، فمن لديه موقع تحكم داخلي فهو الشخص الذي يعتقد أنه هو المسؤول بشكل أساسي عن فشله ونجاحه. هذا الشخص إذا نجح في الاختبار فإنه يعزو الفضل إلى دراسته الشاقة، وإذا رسب فإنه يلوم تقصيره. إذا حصل على ترقية فهو يشعر أن عمله الدؤوب المخلص هو السبب، وإذا فاتته لام نفسه لأنه لم يسعَ أقصى سعيه. أما من لديه موقع تحكم خارجي فإذا نجح فيظن السبب سهولة الأسئلة أو تعاون المدرس، وإذا رسب لام المدرسة والمدرّس. إذا حصل على ترقية شعر أن الإدارة لطيفة وأنه حسن الحظ، وإذا فاتته فإنه يلوم مديره وإدارته.

ولما قرأت في هذا المجال لم أملك إلا أن أحمد الله على نعمة الإيمان بالقدر، ذلك أن الشخص يمكن أن يبذل أقصى جهده في شئ ما ولا يدركه، مثل من يذاكر باجتهاد ويرسب، أو من يعمل بإخلاص ولا تأتيه ترقية، فإذا كان هذا الشخص من ذوي مراكز التحكم الداخلية فسيلوم نفسه ويقسو عليها، وإذا كان من النوع الآخر فسيلوم الظروف، هذا بافتراض أن كليهما قد ذاكر باجتهاد أو عمل بجد، لكن الإيمان بالقدر يريح البال من التفكير في هذا الأمر، فيعرف الشخص أنه إذا أخذ بالأسباب وأدى ما عليه فهذا المطلوب، وأن ما فاته من خير قد لا يكون خيراً ولم يكن أصلاً من نصيبه.

ولكن يظل عامل موقع التحكم موجوداً عند الجميع، وسؤالي للقارئ الكريم: من أي الصنفين أنت؟ موقع تحكم داخلي أم خارجي؟

Twitter: @i_alammar

الحديقة
تباً لحظي العثر!
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة