Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 19/02/2013 Issue 14754 14754 الثلاثاء 09 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

لو عاد من هو في عمري إلى تاريخه، وتجاربه، لوجد أن أول قرار خطير اتخذه في حياته هو الإقدام على الزواج. أن تختار شريكة حياتك بالنسبة للشاب، أو شريك حياتك بالنسبة للشابة، هو بالفعل قرار قد يكون إلى حد كبير مصيري، وخصوصاً (للشابة) في مجتمع ذكوري الطابع مثل مجتمعنا؛ لذلك يجب على الشباب أن يولونه عناية فائقة، وألا يُقدمون على الارتباط إلا إذا توفرت قناعة كافية - ولا أقول كاملة - بالطرف الآخر. صحيح أن كل قرار يتخذه الإنسان في هذه الحياة فيه قدر من المخاطرة، لكن هذه المخاطرة متى ما كانت محسوبة جيداً أصبحت صوابية القرار أكثر احتمالاً والعكس صحيح.

القناعة تبدأ من القبول بالشكل طبعاً، لكنها لا تتوقف عليه؛ فلا يكتفي الإنسان بالمظاهر مهما كانت جذابة، فالمظاهر في أغلب الأحيان تكون خادعة، وإنما يجب أن تمتد إلى أدق التفاصيل الشخصية حتى الصغيرة منها ما أمكن، ففي التفاصيل الصغيرة هذه تكمن المشاكل التي قد تؤدي إلى الانفصال، والشيطان - كما يقولون - يكمن في التفاصيل؛ وبالتالي فكلما غاص كل طرف في تفاصيل شخصية الطرف الآخر (بموضوعية وعقلانية) كان أقدر على اتخاذ القرار الصائب.

ولعل ما يثير الخوف بل والفزع في مجتمعنا، ويثير قلق الطرفين، الشاب والشابة معاً، وأن كان خوف المرأة أكبر في هذا الجانب، الأرقام الإحصائية التي تقول: إن واحدة من كل خمس زيجات في المملكة تنتهي بالطلاق. والسؤال: هل كانت هذه النسبة في الماضي أقل؟ .. الجواب: هي أقل بكل تأكيد؛ ففي جيلي مثلاً كان الطلاق نادراً، وأكاد أجزم أنه - على الأقل - لم يكن بهذه النسب المرتفعة، والأسباب كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها، ولكن أهمها أننا نمر الآن في فترة تحوّل (حقوقية)؛ فقد كانت المرأة في الماضي غالباً ما تصبر على (تسلط) الرجل ولا مبالاته وقمعه وظلمه وتهوره وتقييداته، بينما المرأة المتعلمة اليوم لا تقبل في الغالب بما كانت تقبل به الزوجة في الماضي، ما يجعل الرجل التقليدي (سي السيد) الديكتاتور المتسلط هو من يتسبب في إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق؛ خاصة إذا كانت الزوجة على قدر من العلم والثقافة وصاحبة شخصية قوية ومستقلة ويكتنفها أيضاً قدراً من الإباء والأنفة؛ وبالذات إذا أظهر الزوج أثناء فترة الخطوبة صفات وعادات مثالية لا تتناسب مع طباعه وتقاليده وقناعاته (الحقيقية) في نظرته للحياة، ولعلاقته للمرأة كيف يجب أن تكون؛ والمرأة - في المقابل - عادة ما تعيش مع خطيبها في فترة الخطوبة أو عقد القران (حياة رومانسية)، فتختفي طباعها وقناعاتها وآراؤها، وتتنازل عن كثير من شروطها دون أن تعي، فتصطنع هي الأخرى شخصية (مثالية) قد لا تمت بصلة إلى شخصيتها الطبيعية، وبمجرد الزواج يبدأ ما اختفى فترة الخطوبة بالظهور شيئاً فشيئاً، ويبدأ التباين بين الزوجين تزداد فجوته؛ عندها تبدأ كرة الثلج بالتدحرج لتكبر وتتضخم مع الزمن حتى تنتهي العلاقة بالانفصال.

لذلك يجب أن يضع الزوجان نصب عينيهما أثناء فترة الخطوبة عنواناً كبيراً مفاده: (كن طبيعياً وصادقا ومتزناً وموضوعيا)؛ فأن تتراجع من أول السلم خير لك من أن تسقط من أعلاه. ولم يقتل العلاقة الزوجية، خاصة إذا كانت مبنية على العشق والغرام، إلا القناع المزيف الذي يُسمى (الرومانسية)؛ فهذه فضلاً عن أنها قناع مزيف هي أيضاً خدّاعة وكاذبة في الغالب الأعم، فهي كالسراب يحسبه الظمآن ماءً ثم لا يلبث إلا ويكتشف أنها (خراط فاضي)؛ فأي زواج ناجح يقوم على عوامل موضوعية وعقلانية كثيرة، وليس على (العواطف) أو حتى الشكل فقط؛ وهذه العوامل تختلف من إنسان إلى آخر، ومُهمّة كل طرف قبل أن يقترنا أن يبحث عن ماهية الطرف الآخر على حقيقتها، ومدى قدرته على التعايش معها قبل أن يتخذا هذا القرار الخطير.

إلى اللقاء

شيء من
الزواج أخطر قرار يتخذه الشباب
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة