Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 22/02/2013 Issue 14757 14757 الجمعة 12 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

نص
كابوس

رجوع

ينهض من على سريره الكبير

وقد امتلئ قلبه رعبا

يسمع صوت صرخات متتالية

تأتي من بئر عميق , تحت أنقاض الأرض

أصاب ربيع الذهول للحظات

من أين هذه الصرخات

يستيقظ أكثر

إنها تنبع من داخلي، يردد إنها صرخاتي

يعرف جيدا أنها قدمت من الأعماق السحيقة

كادت تصل لأقصى المحيط

يستوعب ربيع أنه خرج من كابوس مرعب

وسط ليلة حالكة السواد

اختلطت بدقات قلبه

***

ينهض ربيع من سريره العاجي

يتأمل أطرافه الدائرية

كم هو كبير

كم هو وحيد

تبحر فيه الوسائد القطنية

ذات الألوان الأرجوانية

تعكس روح الطابع العصري

يتأمل كنبته التاريخية

التي حضنته وحضنها في الليالي الشتوية

عندما غطت الثلوج كل أنحاء المدينة

كانت عزلته طبيعية

جعلته يعانق كتبه الفلسفية

نظرية تضرب نظرية

من المدرسة التحليلية إلى النظرية الإنسانية

* * *

تصدر قربه إضاءة جانبيه ذات زخارف فضية

تضيء بعض ملامح غرفته الأنيقة

يردد إنه كابوس

لكنه هذه المرة قوي

أكمل ربيع محاولته النهوض

مرتديا بجامته السكرية

تفوح منها عطوره الشرقية

تحاكي ربيع أنا الوفية

* * *

يتذمر ربيع

لم يتبق له في بلاد الغربة سوى بضعة شهور

قد أكمل عامه السابع في هذه البلاد الوردية

وحضنته طبيعتها الشجية

وأمطارها الزكية

والمقاهي الفكرية

تعلم ربيع فن الحوار ومحاكاة العقول الذكية

شهور تفصل ربيع عن حلم العمر

بلقب الدكتور

ينتاب ربيع القلق والتوتر لاقتراب النهاية

الحلم أصبح حقيقة

وهل يوجد أفضل من مساعدة الناس

أصحاب القلوب المجروحة

والرجال المقهورة

والنساء المحرومة

* * *

يردد ربيع ما أجمل البلوغ للكمال

وجعل بصمتك في كل مكان

معكم الدكتور الوقور

الذي سيغير عالمكم من الجنون إلى الفنون

يضحك ربيع ضحكة مدوية , تعم شقته الفاخرة

يتذكر بعدها كابوسه المرعب , ينهي مسرحيته الهزلية

ما تفعله الآن هو الجنون

* * *

نهض وتجرع قليلا من الماء ليسكن تلك الأفكار

يحاول الرجوع إلى النوم

يتفاجأ أن النوم قد غدر به

ملوحا بتحدٍّ

حاول ربيع الاسترخاء بهدوء

وتكرير عباراته الإيحائية

ذات النغمات التخديرية

تخيل البحر، والمطر

لكن

النوم تحداه منذ البداية

أخذ وقتاً طويلاً لكي يغلبه النوم

لمدة ساعتين

* * *

تشتد الطرقات على الباب

تصبح أكثر عنفاً

أكثر جنوناً

يستيقظ ربيع

لكن اختلط الحلم بواقعه المرير

سقط على طاولته الدائرية

فأيقن أنه في واقع لا مفر منه

ركض ربيع مسرعاً نحو الباب

تجاوز الصالة والممر

يفتح الباب بقوة

لا يوجد أحد

هدوء يعم المكان

أعاد إقفال الباب

هنا توقف لحظة

يسمع همسات ضاحكة

لقد فعلناها بك يا دكتور

* * *

يقف ربيع وسط صالته ونوافذها الكبيرة

المطلة على كل أنحاء المدينة

يشاهد ظهور بعض النور

يجلس على إحدى كنباته البيضاوية

بذهول ويأس

غاب عن الوعي

عم الهدوء مرة أخرى

لتشع أشعة الشمس على ملامح المكان

معلنة يوما جديدا

* * *

يفيق ربيع على حرارة الشمس

يتأمل المكان بصمت مهيب

يفاجأ باختفاء كل شيء

حينها يدرك أنه كان في كابوس طويل

ذهب به إلى عالم الأحلام

يتذكر أنه مازال في أول سنة التحضيرية

يحمد الله أنه مازال هنا

يسمع صوته الداخلي

لا تنسى ربيع إنك قطعت عهدا

مساعدة الناس

مساعدة الناس

مساعدة الناس

هيفاء صفوق

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة