Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 22/02/2013 Issue 14757 14757 الجمعة 12 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

أفاق اسلامية

فضل النظر في الكتب
د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري

رجوع

الكتاب العلمي خير جليس للإنسان في حياته يؤنسه في وحدته، ويقص عليه أنباء الماضين ولا يحتاج معه إلى تكلف، ولا أن يتحفظ منه سراً، كما قال أبو الطيب المتنبي:

أعز مكان في الدُنى سرج سابح

وخير جليس في الزمان كتاب

وكان بعض العلماء يجعل الكتاب جليسه الدائم فلا يمل الحديث معه، لأنه يتحدث مع عقل مؤلفه، ويجني من فوائده، ولا يخشى منه عثرة ولا سوء عشرة، وهذا كقول أبي الحسن بن عبدالعزيز:

ماَ تَطَعَّمتُ لذةَ العيش حتى

صِرت في وَحدتي لكُتبي جليساً

رَوى ابن عبد البر بسنده المتصل في جامع بيان العلم وفضله ( 2-202 ) أن أبا أيوب أحمد بن محمد بن شجاع بعث غلاماًً من غلمانه إلى أبي عبدالله بن الأعرابي صاحب الغريب يسأله المجيء إليه فعاد إليه الغلام، فقال قد سألته ذلك فقال لي عندي قوم من الأعراب فإذا قضيتُ أربى أتيت، قال الغلام وما رأيت عنده أحداً إلا أن بين يديه كتباًً ينظر فيها، فينظر في هذا مرة وفي هذا مرة، حتى جاء فقال له أبو أيوب يا أبا عبدالله سبحان الله العظيم تخلَّفت عنا وحرمتنا الأنس بك، ولقد قال لي الغلام إنه ما رأى عندك أحداًً وقلتَ له أنت مع قوم من الأعراب فإذا قضيت أربى معهم أتيت فقال ابن الأعرابي:

لنا جلساءُ ما نمل حديثهم

ألباء مأمونون غيباً ومشهدا

يفيدوننا من علمهم علم ما مضى

وعقلا وتأديباًً ورأياً مسددا

بلا فتنة تُخشى ولا سُوء عشرة

ولا نتقى منهم لساناً ولا يدا

فإن قلت: أموات فما أنت كاذب

وإن قلت: أحياء فلست مفندا

هذه حياة الجادين وأصحاب الهمم العالية في العلم، لا يستغنون عن الكتب والقراءة فيها، وكثير من طلاب الجامعات جعلوا بينهم وبين الكتب والقراءة فيها حاجزاً وسداً منيعاً بما في أيديهم من وسائل التقنية وركنوا إليها واعتمدوا عليها وفي مقاعد الدراسية اكتفوا بملازمة آفة العلم ( المذكرات المكتوبة) وجعلوها عوضاً عن الكتب فبئس ما صنعوا.

ومن أراد طلب الكمال في العلم فعليه بالاطلاع على تآليف العلماء وما زبرته أناملهم فحينئذ سيرى من علومهم وعلو هِمَمِهم ما يشحذ خاطره، ويُحرك عزيمته للجد، فإن مَن قرأ سير السلف وطالع تصانيفهم وأخبارهم فكأنه يراهم ويستمع لحصافة فكرهم.

فهذا ابن الجوزي يقول عن نفسه في صيد الخاطر (ص:706 ): ما أشبع من مطالعة الكتب وإذا رأيت كتاباً لم أره، فكأني وقعت على كنز، ولقد نظرت في ثبت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية - في بغداد - فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد ... ولو قلت إني طالعت - عشرين آلف مجلد_، كان أكثر، وأنا بعدُ في الطلب فاستفدت بالنظر فيها مع ملاحظة سِير القوم وقدر هِمَمهم وحفظهم وعباداتهم، وغرائب علومهم ما لا يعرفه من لم يطالع، فصرت استزري ما الناس فيه واحتقر هِمَمَ الطلاب.

فالطالب الجامعي يسعى إلى تقوية مداركه وتوسيع مفاهيمه بالقراءة و الإطلاع في الكتب المقررة دراسيا وغيرها من المراجع الأصيلة ليعرف ما في كتب أهل العلم من الكنز الثمين فيقبل عليه وُيسرح النظر فيها ليصيد الشوارد والفوائد، ولا يخلو كتاب من فائدة.

وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة