Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 25/02/2013 Issue 14760 14760 الأثنين 15 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

كنت أجلس في المقعد الخلفي من سيارتي وبجواري الصديق الدكتور عبدالرحمن الشبيلي الذي لاحظ أن سائقي يسرع ويتجاوز السيارات الأخرى من الجهة اليمنى، فنصحني بأن أوجِّه سائقي بألاَّ يرتكب هذا الخطأ الذي قد يسبب - لا سمح الله - حادثاً.

قلت للدكتور الشبيلي إنني أتردد كثيراً وأقاوم رغبتي في إسداء أي نصيحة أو توجيه لسائقي، لأنني اكتشفت أنه أعرف مني بسيكولوجية السائقين بعد أن ثبت لي أن نصائحي «النظامية جداً» مضرة وخيالية ومثالية وأن تطبيقها قد يوقعنا في مشاكل لا تحمد عقباها!

وقلت أيضاً لصديقي العزيز إنني كنت في السابق لا أتوقف عن توجيه النصائح والأوامر والتعليمات لسائقي الصبور منذ أن أركب إلى جانبه إلى أن ينتهي مشوارنا الذي قد يطول في خضم زحمة الرياض، لكنني بعد مواقف صعبة عديدة فَطِنتُ إلى أن ما أفعله لا جدوى منه! ليس ذلك فحسب، بل إنه مضر ويتناقض مع الثقافة السائدة في شوارعنا، وقد يُلقي بي وبسائقي إلى التهلكة.

في شوارع مدينة الرياض ينطبق المثل الشهير «خطأ شائع خيرٌ من صواب مهجور»، وحين تقود سيارتك بنظامية فعليك أن تتحمل عواقب «الصواب المهجور». هذه العواقب تتراوح بين احتجاجات غاضبة تتلقاها من السائقين الآخرين بالمنبه أو الأنوار أو شتيمة باللسان أو حركة هابطة باليد، وقد تصل إلى ارتطام ووقوع حادث.

ولأن الأمور في شوارع الرياض تمضي على هذا النحو البائس، يصبح من الأسلم لك أن تفعل ما يفعله الآخرون حتى لو تسبب لك ذلك بأذى نفسي، لكونه يتناقض مع قناعاتك. وقديماً قيل: «عندما تكون في روما فافعل مثلما يفعل الرومان»!

كتبتُ ذات مرة عن الجناية التي نرتكبها بحسن نية كل يوم بحق أبنائنا عندما نربيهم على احترام الأنظمة، وأولها الطابور، في مجتمع لا يحترم الأنظمة لأننا نخلق منهم كائنات رخوة في بيئة خشنة شعارها «إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب».

كيف يستطيع الإنسان أن يمارس سلوكاً عادياً لا يزيد عن أن يكون احتراماً للأنظمة أو تجاوباً مع مقتضيات الذوق السليم في بيئة ترى أن مثل هذا «السلوك العادي» هو «مثالية» أو حتى «شذوذ»؟!

سائقي الفطين يفهم كل هذه الأمور بالسليقة، وكان يتحمل دائماً نصائحي التي لا بد أنها تبدو له ساذجة وتدل على «غشامة» متناهية من جانبي. وقد لاحظت أنه يستمع إلى كلامي ولا يناقش، لكنه ينفذ ما يريده فقط! وأنا متعايشٌ الآن مع هذا الوضع الذي قد لا يكون «سليماً» من الناحية النظامية لكنه «منطقي» من الناحية العملية، و»أسلم» بحكم التجربة الطويلة.

alhumaidak@gmail.com
ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض

على وجه التحديد
مثلما يفعل الآخرون
د. عبدالواحد الحميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة