Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 01/03/2013 Issue 14764 14764 الجمعة 19 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

قصة قصيرة
(1) دامعة العينين
د. ماجدة الغضبان

رجوع

- أقدمت من هناك؟

- أجل

- كيف هو الحال؟

- إنهم قادمون.

أصبحنا نسرع كثيراً.

لم يتسن لي اصطحاب أولادي وامرأتي الدامعة العينين، كنت أعلم أنهم يبحثون عن الرجال، رغم ذلك شعرت بالقلق الشديد على زوجتي، قد حرصت على إبقاء اللثام على وجهها وسلة الخبز على رأسها، أكان ذلك كافياً لاخفاًء هويتها؟؟.

فوق هام النخيل والقباب الذهبية عوى الدخان ونبح الرصاص وزأرت القذائف وحامت طائرات لا تجتهد كثيراً في البحث عن إحداثيات أهدافها .. ابتعدت كثيراً عن النهر صوب بغداد.

(2) لست وحدك

قال لي مراراً: إنه في الطريق إليها، ما كان السبيل لإيصال رسائله؟

عند النافذة تبقى من الغصن نسيج مجعد بني اللون.. لم يَعُد من الشمس سوى هالة تشي بوجودها الخجول.

حاولت سحب كل ما تبقى من خصل الهواء..

قلت له مراراً لست وحدك في الطريق إليها.

تباعد صوتانا ثم رسائلنا.. رغم أننا كنا نسير نحوها إلاّ أننا لم نلتق أبداً.

تبدت في الظلام ملامح شخص آخر له نبرته.

- أأنت أياد؟؟.

- أأنت خزعل؟؟.

حملنا الأسماء ذاتها؟؟.

- أيها الرجل أنا لا أرى فيك صاحبي؟؟.

- ولا أنا..!!.

لم نوفق كثيراً في إيقـاف الزمـن وهو يطوي الملامح.. إلاّ أننا بلغناها..

هي أيضا لم تعرفنا.. كنا ثلاثة أغراب..

عند ألاصيل وقف كلانا عند خدرها تلك التي تأبى النهوض فجراً.

(3) دون دمع

لست أدري من تكون.. فهي ليست سوى امرأة صرخات لا يتوقف دويها في أذني.

اللهاث خلف اللقمة لم يدع لي من الوقت ما يكفي لأتساءل عمن تكون، ولمَ تصرخ؟؟.

قد أعلنت عن وجودها، أما أنا فمازلت حريصاً على وأد صرختي بين ثيابي المهترئة.

ربما أحببت ما تفعل.. فهي تنتحب بصوتها عني..

أمام عربتي الخشبية بددت حصتي من الزعيق فوق بضاعتي الرخيصة الثمن.

العيد قادم والناس يتبضّعون على عجل.

نسيتها حقاً لبعض الوقت.. فالأيام بتعاقبها كانت تنسخ نفسها حد الاهتراء.

سرت فـي الحي إشاعات عن اختفائها.. تهامسوا حول عصابة مسلحة قد اقتادتها ليلاً، هناك من قال إن الفاتحة تقام على روحها، آخر أكد لي ان زوجها وأهلها قد دفنوا الجثمان بلا رأس..

على قارعة الطريق أقام أصغر أولادها كأنه قد ابتلع عشبة جلجامش عوضاً عن الثعبان، وبدا متوحشاً كأنكيدو ملتحماً ببرية أجهلها.

تشظت صرخاته جافة دون دمع وبلا تمهل..، تودعني حين أهرب منه صباحاً وتستقبلني عند الغروب..

أليس هنالك من يصلح للخلافة غيري؟؟.

تمعنت في وجهه يوماً ورأيت الرحيل في عينيه يسرق نبضي من بين أضلعي.

ليس أغبى من الشك في أنه ابنها لا محالة، وأن صرخاتها إرثه الوحيد من جسد دفن دون رأسها.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة