Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 01/03/2013 Issue 14764 14764 الجمعة 19 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

قراءة في كتاب
(الجامع لمفردات الأدوية والأغذية) لابن البيطار

رجوع

كان المسلمون أول من أسس مدرسة للطب، وألحقوا بها مستشفى وعيادة خارجية، وسُمح للطلبة بتحصيل العلوم الطبية من هذه المدرسة في العصر العباسي. ومن الأطباء البارزين في ذلك الوقت ابن سيناء وأبو بكر الرازي وابن زهر وابن النفيس. وظلت مصادر المسلمين في الطب المصدر الوحيد للدراسة في أوروبا خلال ثمانية قرون، كما برزت مجموعة من العلماء في مجالات الكيمياء والنبات.

ومؤلف هذا الكتاب هو ضياء الدين ابن بيطار، وقد عُرف ببراعته في علم النبات، وألّف في ذلك كتابه. ويقول عنه معاصروه: هو الحكيم الأجل، العالم النباتي أوحد زمانه وعلامة وقته في معرفة النباتات، وتحقيقه واختباره، ونعت أسمائه على اختلافها وتنوعها. سافر إلى بلاد اليونان، وتجول في المغرب ومصر والشام رغبة في العلم، وجمع الحشائش والنباتات، واجتمع هناك ببعض الذين يعنون بالتاريخ الطبيعي. وقد أخذ من هؤلاء العلماء الذين قابلهم كثيراً من المعرفة النباتية، كما فحص النباتات في بيئتها، فتحقق من خصائصها في منابتها دراسة دقيقة.

وكان ابن البيطار موضع إعجاب العلماء، فكتب أحدهم فيه (كان أول اجتماعي بابن البيطار بدمشق فوجدت فيه العلم الغزير والدراية الواسعة، وكان قوي الذاكرة ملماً بمراجع اليونان، يذكرها بلغتهم، ويترجمها إلى العربية بدقة منقطعة النظير، وكان ينقد هذا وذاك بأمانة وحرية رأي). وقد وعى ابن البيطار ما حوته كتب العلماء الذين سبقوه من العرب وغير العرب، كما فهمها فهماً جيداً، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا طبقها عملياً على النباتات، فاستخلص من النباتات أدوية وعقاقير.

وقد استقصى ذكر الأدوية وأسماءها، وعرَّف القارئ بفوائدها ومنافعها، وبيّن الصحيح من المنافع والمشتبه فيها. وقد اعترف بفضله علماء الغرب وأطباؤه، فقالوا عن كتبه إنها أعظم ذخيرة ظهرت في علم النباتات بالعربية، ويعد كتابه هذا من أهم الكتب التي وضعها، وقد وضعه بعد دراسات طويلة في بلاد اليونان والإسبان والمغرب، وآسيا الصغرى، كما اعتمد في بحوثه على كتب عديدة لأكثر من مائة وخمسين مؤلفاً من مختلف الأقطار، وكان رجوعه إلى هذه المراجع على أساس الدرس والنقد الدقيق، وكان يثبت ملاحظاته ومنتجاته المتعددة. وقد وصف في كتابه أكثر من (1400) عقار بين نباتي وحيواني ومعدني، وكان منها (300) عقار جديد، ولم يقتصر على وصف العقار بل تعداه إلى كيفية الاستعمال.

ومما توج عمله في هذا الكتاب أنه كان يثبت أسماء الأدوية وغيرها بسائر اللغات، إضافة إلى منابت الدواء ومنافعه وتجاربه، وكان يقيد كل شيء بدقة، ويضبط بالشكل والنقط، بحيث لا يدع مجالاً لأي تحريف. وقد تُرجم كتابه هذا إلى اللاتينية والفرنسية والألمانية وغيرها، واعتمد علماء الغرب عليه، وأخذوا عنه الكثير.

وهكذا يضرب ابن البيطار مثلاً أعلى للعالم العربي المسلم الذي يعتمد على البحث والتجريب والمشاهدة؛ ما جعله في مقدمة علماء المشرق والمغرب؛ حيث جاء كتابه فريداً في النباتات، واستقصى ذكر الأدوية وأسماءها، وعرّف القارئ بفوائدها ومنافعها، ورتب كتابه طبقاً لحروف المعجم؛ ليسهل على القارئ مطالعته.

وإن هذا النوع من الكتب لجدير بالحفاوة والتقدير لمؤلفه الذي شغف بالعلم والبحث والتجريب، وهو شاهد على إسهام أسلافنا في مجال العلوم التطبيقية كالدمنهوري والإدريسي والبغدادي والقزويني، وغيرهم من علماء النبات.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة