Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 08/03/2013 Issue 14771 14771 الجمعة 26 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

من الناحية التاريخية، فإن قيام الدولة الصفوية في إيران على مرتكزات سياسية، ومذهبية، اتصفت بالأحادية، بعد أن كانت تتبع المذهب السني قرابة التسعة قرون، شكّل خنجرا في خاصرة - الأمتين - العربية، والإسلامية..

.. فتوسعت شرقا، وغربا باتجاه خراسان، وأفغانستان، وأذربيجان، والعراق، وديار بكر، وبلاد الكرج في الشمال؛ من أجل استئصال الوجود السني، وتعميم مذهب الاثني عشرية على جميع سكان تلك البلاد؛ لاستعادة مكانة الإمبراطورية الفارسية.

قبل أيام علق - الأستاذ علي عبد العال، على ما خصصه الباحث الفرنسي - الدكتور - ثيري كوفيل، حول قسم هام من كتابه: “ إيران: الثورة الخفية “، الصادر في ترجمته العربية عن دار الفارابي، “ بيروت- لبنان”، للاحتلال الإيراني غير الشرعي في الأحواز العربية، وبلوشستان، ومناطق الأكراد السنة.

ودعّم الباحث دراسته بإحصاءات، ووثائق، تكشف التناقضات، والتراجع الأخلاقي، والاقتصادي، والديني في إيران - اليوم -، في ظل نظام ولاية الفقيه. كما سلّط الضوء على معلومات هامة بخصوص معدّل الإعدامات، وحالات الانتحار، والبغاء في الشوارع الإيرانية، كـ “المتعة، أو ما تسمى بالفارسية الصيغة”، وغير ذلك من الأمثلة، التي يقدّمها بحثا على الإجابة على السؤال الأهم في دراسته، وهو: هل إيران دولة إسلامية، أم قومية فارسية صفوية؟

وفي إطار الإجابة على هذا السؤال المحوري، أكد - الكاتب - بشكل علمي، أن: إيران “بلد قومي بحت”، يستغل كل الواجهات الأخرى؛ لخدمة طموح، واستعلاء القومية “ الفارسية “ على حساب الشعوب الأخرى غير الإيرانية - خاصة - السنية، لكن - في نفس الوقت - يقول الباحث: “ إن القومية الفارسية - بحد ذاتها -، تعيش في صراع داخلي على السلطة “.

الفصل المخصص لاحتلال إقليم الأحواز العربي، حمل عنوان: “الإثنية في إيران”، تحدّث فيه ثيري كوفيل: عن منطقة الأحواز التي وصفها، بأنها الرئة الاقتصادية “النفطية” لإيران، مشيرا إلى أن القومية العربية الأحوازية، محرومة من الكثير من الحقوق، وعلى رأسها حقوقها الدينية. ومن هنا بدأ الكاتب يشرح وضع الحركة السنية الأحوازية، وبروزها، ودورها في الصراع القائم بين العرب، والإيرانيين، وأهميتها الواضحة في الثورة الوطنية الأحوازية. كما تكلم عن الشعوب غير الإيرانية الأخرى، كالشعب البلوشي، والكردي، وتكلم قليلا عن الشعب الآذري التُركي، ومعاناة تلك الشعوب ضمن كيان الاحتلال الإيراني الفارسي.

وفي السياق كتب الباحث الفرنسي، يقول: إن السنة في إيران، وخاصة في الأحواز المحتلة، غير قادرين على ممارسة شعائرهم الدينية بحرية. كما أنه لا يوجد مساجد لهم، وفي مناطقهم لا تدرس إلا الدروس الدينية الشيعية جبرا، كما لا يمكن للسنة تولي المناصب السياسية، والقيادية في النظام. وينص الدستور الإيراني، على أن: وظيفة المرشد “أعلى سلطة دينية، وتنفيذية، وسياسية في إيران”، لا يتبوؤها إلا شيعي.

والحكام المعينون في المناطق السنية في كردستان، والأحواز، وبلوشستان، هم من الشيعة، ويؤكد الكاتب: أن الكثير من القرى تم تدميرها في هذه المناطق، ووقع فيها الكثير من الضحايا بسبب النزاع المسلح بين المقاومة الوطنية، وقوات الاحتلال الإيرانية، مشيرا إلى أن قضية الاحتلال مطروحة بقوة حتى الساعة، وذلك بسبب التمييز الثقافي، والاقتصادي، والديني، الذي جعل “العرب، والبلوش، والأكراد” من ضحاياها، - وبالتالي - فإن التوترات “الإثنية” كما يسميها الباحث، قد توسّعت بفعل التمييز الذي تعانيه تلك الشعوب، “كون هذه الشعوب، هي سنّية في أغلبها”.

ويرى الباحث: أن هذه المناطق تعتبر - دائما - في عداد المناطق الأقل نموا في إيران، كما يرى أن التوترات القومية، التي ستنجم في المستقبل عن هذا التمييز، ستكون ذات عواقب خطيرة على إيران، ففي إمكان الوزن السكاني، والاقتصادي لهذه الشعوب “غير الفارسية” أن تحدث، وتولد ظهور حركات أكثر حزما في مواجهة الهيمنة الشيعية الفارسية، كون الأحواز - مثلا -، هي الرئة النفطية لإيران، وظهور النخبة السنية فيها، يصب في هذا الاتجاه.

وتطلق تسمية الأحواز على المنطقة الغربية من إيران، المقابلة لدول الخليج العربية، والتي تسكنها قبائل عربية، ويطالب سكانها العرب بالانفصال عن إيران. والسُنة في الأحواز كانوا الأغلبية، حتى بدأت الحملات العسكرية الصفوية على المنطقة من قبل شاه إسماعيل الصفوي - قبل خمسة قرون -، حيث قتل الآلاف في مدن كانت مركزا للمذهب السُني في العالم، كعبّادان، وتستر. وكان من السُنة علماء عظام في التاريخ العربي الإسلامي، وذلك في مجالات عدة، في علوم الحديث، والفقه، والصرف، والنحو، وغيره.

وفي عام 2006 م، تم حرق، وإغلاق الجامع الوحيد المتبقي لأهل السُنة، والجماعة في الأحواز، وهو مسجد الإمام الشافعي في “القصبة”، وتم إعدام عدد من مشايخ أهل السنة، والجماعة في السنين القليلة الماضية، وما يزال “الاعتقاد بعقيدة أهل السنة، والجماعة”، أخطر تهمة ممكن أن يواجهها الإنسان في الأحواز المحتلة، حيث سنويا يتم اعتقال المئات بسببها، منهم من يسجن، ويعذّب، ومنهم من يحكم عليه بالموت، ويعدم عبر المشانق.

ورغم القهر، والقمع، والتنكيل، يؤكد الباحث: أن مذهب أهل السنة - اليوم - منتشر بشكل واسع جدا في الأحواز المحتلة، ففضلا عن انتشاره بالسواحل الخليجية الأحوازية ذات الغالبية السُنية، فإن هنالك أعداداً أخرى ضخمة في مدينة “كوت عبد الله” جنوبي الأحواز العاصمة، وفي أحياء كثيرة “ شرقي مدينة الأحواز”، هذا - بالإضافة - إلى وجود أعداد معتبرة في مدن الفلاحية، وعبادان، والمحمرة.

وقد دأب السُنة في الأحواز على الخروج في مظاهرات حاشدة في أول أيام عيد الأضحى، وعيد الفطر من كل عام، وذلك؛ لإقامة صلاة العيد في الخلاء، رغم حملات الإرهاب الإيرانية، التي تستبق العيد بعشرة أيام من كل عام، وتستمر حتى عقب انتهاء فترته الزمنية. - وغالبا - ما تردد الرموز الدينية الصفوية التهديد، والوعيد، بأنه يجب اجتثاث التسنن، - وعليه - بدأت إيران بإيفاد مئات الملالي الشيعة إلى الأحواز، وصرف ملايين الدولارات؛ كي تحارب التراث العربي، والمنهج السٌني هناك.

وصدق - شيخُ الإسلامِ - ابنُ تيميةَ - رحمه الله -، عندما قال في “ منهاجِ السنة “، (3-243): “ فلينظر كلُّ عاقلٍ فيما يحدث في زمانه، وما يقربُ من زمانهِ من الفتنِ، والشرورِ، والفسادِ في الإسلام، فإنه يجدُ معظم ذلك من قبل الرافضةِ، وتجدهم من أعظمِ الناسِ فتناً، وشراً، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن، والشرور، وإيقاع الفساد بين الأمة”.

drsasq@gmail.com
باحث في السياسة الشرعية

هل تمهد إيران لإعلان دولة صفوية؟
د.سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة