Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 09/03/2013 Issue 14772 14772 السبت 27 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

أصدر مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي الموافق 4 مارس 2013 قراره التاريخي بإنشاء هيئة تقويم التعليم العام في المملكة والتي أشار القرار إلى أهميتها في كونها أحد الضمانات التي ترى الدولة أنها تساعد على تجويد التعليم في مراحله كافة، وذلك من خلال تقويم أداء المدارس الحكومية والأهلية بناء على معايير محددة تعتمد معايير الجودة والتمهين في المراحل الدراسية كافة بما فيها رياض الأطفال.

وقد أوضح وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله في تعليقه على قيام الهيئة، أن الغرض الأساسي من إقامتها هو مساندة الوزارة في تقويم التعليم العام بكل مراحله الدراسية وأنواعه، ولذا سيكون لزاماً على الهيئة أن تمارس الكثير من المهام أبرزها تأسيس نظام للتقويم ومراقبة تطبيق معايير الجودة في التعليم العام، إضافة إلى بناء معايير متقدمة لمراحل التعليم تستخدم كفاءة الأداء، وكذلك معايير مناهج التعليم وتحديد ما يجب أن يعرفه الطالب في كل مرحله، ووضع معايير لمهنة التعليم وتنظيمات لرخص المعلمين، بالإضافة إلى إجراء الاختبارات الوطنية. كما ستقوم الهيئة بتقويم أداء المدارس الحكومية والأهلية واعتمادها بشكل دوري وفق معايير الهيئة.

المدهش في الأمر أن قيام هيئة كهذه لم يثر أية ردود فعل أو توجس في الصحافة المحلية كما قد نتوقعه، حيث إن قيام هيئة كهذه والذي إذا ما تم وفقاً للمعايير العالمية المتعارف عليها فسيغير من وجه التعليم إلى الأبد. وأظن أن الأمر يعود إلى عدم تعود المدارس والمؤسسات التعليمية في مجال التعليم العام حكومية أو أهلية على معايير الهيئات المستقلة التي من أبرز مهاماتها الحفاظ على جودة التعليم المقدم في المؤسسات التعليمة العامة من خلال تطبيق معايير الجودة.

تطبيق معايير الجودة يعني ببساطة وجود لجان مستقلة تابعة لمؤسسات مستقلة عن الوزارة وعن المدارس مثل شركات أو جمعيات علمية أو مؤسسات دراسات تضع برامج محددة وخطوات دقيقة، وتضم خبراء من الميدان يزورون هذه المدارس ويتابعون ما يجري فيها من عمليات تعليمية ويراقبون نتائجها ويؤدون امتحانات مستقلة لطلابها في المفاهيم والمعارف التي تقدمها مرحلتهم، ليتم الكشف عن ما تم إنجازه، وهل تمكنت المؤسسات التعليمية حكومية أو أهلية من تحقيق أهداف المرحلة التي تتبع لها من حيث المدخلات والعمليات والمخرجات، ثم وضع خطط زمنية على المدارس أن تتبعها وتقوم بتقييم أدائها كل سنتين مثلاً حتى تعطي الرخص التي تظل في حالة من التقييم المستمر والمراجعة الدورية كل خمس أو عشر سنوات كما هو معتاد في الممارسات الاعتمادية العالمية.

وجود هذه الهيئة المستقلة عن الوزارة المشرفة -وهي هنا وزراة التربية والتعليم- يعني أن المدارس ستكون مجبرة على تغيير طريقتها والى الأبد. لم تعد المدرسة محصورة في عالمها الخاص فتوظف من تشاء أو ترسل لها الوزارة من تشاء وتضع جداولها كما تشاء وتخرج طلابها كما تشاء.. سيكون الجميع مجبراً قبل أن يبدأ على طرح أسئلة محددة حول ما يجري في داخل بيته التعليمي من مثل:

- ماذا أريد لهذا الطالب الموجود معي الآن في الفصل أو المرحلة أن يكون قادراً على القيام به من عمليات معرفية ورياضية وقرائية.. إلخ من أهداف المرحلة التي ينتمي إليها؟ إجابة هذا السؤال لن تكون عبر استمارة التقويم المستمر الذي يجريه المعلم داخل فصله دون أن يدري أحد به أو تقوم به المدرسة من امتحانات تقويمية. تحقيق أهداف المرحلة هي مسئولية الهيئة الآن التي يجب أن لا تقر انتقال طالب من فصل إلى آخر أو مرحلة إلى أخرى حتى يحقق أهداف مستواه الدراسي أو مرحلته عبر نتائجه التي تعرض على هيئات مستقلة خارج حدود المدرسة.

- ما مستوى المعارف والمعلومات التي تحصلوا عليها الطلاب، وما أهم العوامل التي تؤثر في تحصيلهم؟ هل هي مستويات المعلمين أو طرائق التدريس أو مستوى الأسرة أو الأنشطة المدرسية أو المباني أو البيئة الصفية أو الإدراة المدرسية، وما حصة وتأثير كل عامل من هذه العوامل على العملية التعليمية؟

- كيف تتمكن المؤسسة التعليمية من خلال البيانات التي ستكون المدارس مجبرة على توفيرها بحسب اشتراطات الهيئة مثل الدرجات وإثباتات التحصيل ومستوى الخدمات والمعلمين وطرق التقويم والتواصل مع الأسرة والتدريب والأنشطة ..الخ، كيف لكل هذه البيانات والتقويمات الداخلية أن تحسن مما يجري في داخل المدرسة من عمليات لتنعكس إيجاباً على تحسين عمليات التعليم والتعليم في المدرسة ثم بشكل عام للنظام ككل بتكاتف الجهود الجمعية للمؤسسات التعليمة ذات العلاقة؟

- ستسأل المدرسة نفسها: هل يستطيع طلابي الذين يدرسون بما أقدم لهم من معارف ومهارات وتحديات علمية ومعرفية ورياضية ولغوية وبدنية وبطريقة تقديم لها المنافسة في الامتحانات الوطنية والعالمية؟ أي هل أقدم تعليماً يمكن طلابي من اللتحاق بأية مؤسسة تعليمية في العالم بما قدمته لهم من معارف ومهارات وأنشطة متنوعة ومناهج متقدمة تؤكد على الخاص والعام والمحلي والعالمي بالدرجة نفسها؟

وسط هذه الأسئلة وغيرها كثير وكثير سيثيرها وجود معايير وطنية وحتى عالمية لعمليات التعليم ومخرجاته داخل مؤسسات التعليم العام حكوميةً وأهليةً، سيكون من الضروري كباحثين وأهالي أن نطرح الأسئلة التالية:

- هل نحن جاهزون نفسياً وميدانياً لتلقي جهات اعتماد خارجية (وليست حكومية) تقدم الاشتراطات حول مؤهلات المعلمين الذين يتم التعاقد معهم ومستوى ما يقدم في الفصول والتناغم والتوازن في البيئة المدرسية والإدارة والمعلمين والطلاب؟

- ما هي القوى التقليدية المحتملة التي ستقف ضد هذا التجديد، ومن هم (ديناصورات) الموقف داخل المدرسة أو الوزارة الذين يجب الاستعداد لإجبارهم على الالتحاق بالركب؟

- هل سيُنظر إلى هذه الهيئة كهيئة رقابية خارجية مهمتها فرض اشتراطات إضافية فتتلبس تعقيدات النظام البيروقراطي المهترئ داخل مؤسسات الدولة لتزيده تعقيداً وبيروقراطية؟ هل سنربط الممارسات المهنية والنماذج التي ستقدمها المؤسسات الممثلة للهيئة بمستويات أداء عالمية أم سيتم التهام أجزائها تدريجياً داخل مطحنة التناقضات الاجتماعية من قبلية وشخصية ووساطات وأذونات واستثناءات؟

لم نتوقف عبر صحفنا من الشكوى والصراخ من مستوى تعليمنا الذي لن تقبل مخرجاته في أية مؤسسة خارج السعودية، وقد تحركت الدولة الآن وأقرت نظام تقويم خارج حدود الوزارة المشرفة، وذلك لفرض نظام جودة عالمي ربما سيساعد في الرفع من مستوى أداء المؤسسات التعليمية.

أظن أن أكثر ما نحن بحاجة إليه هو تهيئة مؤسسات التعليم العام في المراحل كافة لخطوة التقييم والاعتماد أولاً.. استعراض نماذج العالم حولنا ممن اتخذت هذا النظام كجزء من عملياتها الداخلية وتعريف جمهور الإداريين والمعلمين والأهالي وهم المشاركون الرئيسيون في هذه العملية بماذا يعني قيام الهيئة على أرض الواقع.

هيئة تقويم التعليم العام والمهمة الصعبة
د. فوزية البكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة