Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 11/03/2013 Issue 14774 14774 الأثنين 29 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

يتميز أبناء الأحساء بكرم النفس وسهولة الأخلاق ولطف المعشر إلى جانب الأناة وسعة الصدر وتقبل تقلبات الزمن والصبر عليها، فهم أبناء بيئتهم بالطبع. إقليم الأحساء (هجر)، تلك الواحة الوارفة الظلال والتي تحتضن أكثر من ثلاثة ملايين نخلة، فكأنهم تطبعوا بطباعها وتعلموا الدروس منها.

هذه الشجرة الشامخة المعطاء، إذا هبت الريح تلقاها أخذت تتمايل دون انحناء (أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) تهب أطيب الثمر وتمنح وارف الظلال وتحمي أهلها تقلبات الأجواء، كما كانت قديما مصدرا للعيش حتى للأنعام، ومصدرا للأثاث والمتاع، آية تنطق بجمال الخالق وبديع صنعه.

فريق نادي الفتح، القادم من الأحساء بهذه الروح والذي كافح على مدى سنوات حتى اصطف مع الأندية السعودية الكبيرة ضمن الدوري الكروي، لكنه عمل بهدوء وسعة صدر وصبر، تماما كالنخلة، على مدى سنوات، لم تقل إدارته مدرب الفريق التونسي الفذ والذي يعمل مع الفريق منذ أكثر من ست سنوات لأنه خسر مباراة واحدة مثلا، أو لأنه لم يحصل على ترتيب متقدم في الدوري، أو لأنه أشرك هذا اللاعب ولم يشرك ذاك، وغيرها مما يحدث في إدارات الأندية الكبيرة أو حتى المنتخب على مدى عقود من الزمن، بما يظهر قصر النظر وانعدام التخطيط السليم وتصريف الأمور جزافا أو إيكالها لغير أهلها.

أنا هنا لست في مقام تحليل رياضي فلست من أهل الاختصاص، ولكن الرياضة نشاط بشري يتوازى مع النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل وحتى السياسي فتصب جميعها كروافد في نهر العطاء البشري الذي تسير به الحياة.

ونجاح هذا الفريق الذي يوشك على اصطياد بطولة الدوري السعودي هو نموذج للنجاح الإداري وفن القياده، وأن محدودية الإمكانيات المادية لن تقف عقبة أمام حسن التخطيط وحسن إدارة الموارد المتاحة، والعمل بروح الفريق الواحد نحو تحقيق الهدف وهو مايختصر علم القيادة.

وفرة الأموال والموارد لن تجدي نفعا مع التخبط الإداري والعشوائية واستعجال تحقيق البطولات وكأنها سلق بيض.

أو التعامل مع الكرة والرياضة عموما بالعقلية القديمة على أنها مجرد لعبة وليست بحاجة إلى ثقافة ودورات نفسية واجتماعية وصحية للاعبين، حتى يرتقوا بسلوكهم ويصبحوا محترفين حقيقيين، فترتقي مستوياتهم ويلفتوا أنظار الأندية العالمية.

يذكر اللاعب الجزائري الأصل والفرنسي الجنسية زين الدين زيدان أنه كان يتلقى دورات مع زملائه اللاعبين في الصحة وعلم النفس والمهارات الحيوية قبل النزول للتدريب البدني والكروي في (ريال مدريد)، فأين أنديتنا ومنتخباتنا من كل هذا؟.

بل إن الحكمة القائلة (تواضع عند النصر وابتسم عند الهزيمة) غائبة قولا وعملا للأسف الشديد، فالخسارة لدينا عار، رغم أنها لعبة والفوز فيها غير مؤكد ولا محسوم لأحد الطرفين دون الآخر دائما وأبدا، وتلاحظ أن اللاعب يهيأ نفسيا وفنيا فقط على أن فريقه هو الذي سوف ينتصر ولا يزرع في ثقافته ووعيه أنه يمكن أن يخسر، لذا تجد اللاعب العربي عموما يشعر بالغضب والحزن بل ويدخل أحيانا في نوبة هياج وبكاء في حالة الخسارة وكأنها نهاية الدنيا، فهل هذه أهداف الرياضة؟.

كل ذلك وغيره هي نتيجة طبيعية لضعف الثقافة بشكل عام لدى الإداريين قبل اللاعبين وضعف التأهيل والتثقيف والتوعية، والرياضة أصبحت صناعة قائمة بذاتها تبلغ موازناتها مليارات الدولارات، و(الفيفا) هي أغنى منظمة غير حكومية في العالم على الإطلاق، كما أن كأس العالم لكرة القدم تظاهرة عالمية تحرص كل دول العالم على مجرد الوصول لها لما ينعكس على الدول المشاركة فيها من الاحتفاء بها وتعريفها وارتفاع علمها وتوافر الفرص الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية لجميع الدول المشاركة.

إن نجاح فريق الفتح هو مفخرة ليس لأبناء الأحساء فحسب بل لكل أبناء المملكة لأنه نجاح استثنائي يقول إن الإنجاز حق مشروع للجميع إذا توفرت الإرادة والإدارة، فتحية إكبار لأبناء الأحساء الذين أخذوا يتمايلون طربا لعزف فريقهم الكروي تمايل نخيل الأحساء مع هبات النسيم.

omar800@hotmail.com

وقفة
الفتح.. روح النخلة
عمر إبراهيم الرشيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة