الذي أعرفه أن لغة الأرقام لا تكذب أبداً، فهي لا تتخذ المجاملة أو التدليس، الذي اعتاد (البعض) أن يدير رحاه داخلها، دون تردد أو توانٍ في تزوير الواقع وطمس علاقاته بالحاضر، فزواله وبقاؤه مرهون بديمومة

الضوء الذي يقتات بظلها الضد.

لماذا ثارت حفيظة (بعض) دور النشر عندما أعلنت إدارة معرض الكتاب العام المنصرم عزمها تطبيق نظام (البار كود!) وكأن هذه الوسيلة التقنية (المتطورة) ستكون سبباً في خفض المبيعات! أو إبادتها وفق زعمهم؟! مع أنها الطريقة المثلى لإدارة السوق وتنظيمه، كما هو الحال مع بقية السلع الأخرى، أم أن هذه الدور لا تصنف الكتاب إلا بقيمته المادية تماشياً مع عصر العولمة المتلاطم، ولذا لا ترى فيه إلا فرصة لخلق أكبر قدر ممكن من الأرباح!

خطوة (الباركود) لن تضبط التلاعب بالأسعار فحسب! لكنها ستقف حائلاً دون (الكذب) الذي تمارسه بعض دور النشر، التي اعتادت الترويج لنتاجها (الهزيل) بلافتات براقة (خادعة) لتشير إلى تلك الكومة من الورق بأنها أكثر الكتب مبيعاً ورواجاً! وواقع الحال يناقض ما يُحاك تماماً، لا أريد تحديد دور نشرٍ بعينها فالأمر أبلغ من الشمس في كبد السماء.

هذه الدكاكين لمْ، ولنْ ترقى لتكون دور نشر - كما تسمي نفسها - فما زال الطريق دونها وعراً ما دامت تتبناها وتدير رحاها ثلة تلهث بشغف خلف الربح المادي ضاربة بكل القيم المهنية عرض السماء، وكأن المتلقي أضحى أداة سهلة بين أيديهم، وينتظر بشوق هذه الشهادة المزورة لكي يبتاع هذا الكتاب أو ذاك، فالقارئ الآني يمتلك قدراً من الوعي والإدراك ما يؤهله لتقييم الأطروحات الفكرية الكبرى ثقافية كانت أو اجتماعية.

لا أريد أن تتكرر مأساة العام المنصرم عندما أعلنت إحدى دور النشر عن إصدار تبنته لكونه أكثر الكتب مبيعاً وواقع الحال يشكي مأساته أنه أكثر السلع تجاهلاً! فزمن التزوير والضحك قد انتهى وولى في عصر الأرقام المتزاحمة.

كلي أمل ألا تشوه هذه الصورة المشهد الجميل لمعرض الرياض الدولي للكتاب، بكل ما حواه من جهود وأعمال جادة بقيادة الدكتور ناصر الحجيلان مهندس وعراب هذه التظاهرة الثقافية الفريدة بكل تفاصيلها، فله كل الشكر والتقدير، وتمنياتي الصادقة أن يستمر هذا الألق الآن وفي قادم الأيام.