Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 20/03/2013 Issue 14783 14783 الاربعاء 08 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

قضية توظيف حملة الدبلوم الصحي لم تصل بعد إلى نهايتها السعيدة، على الرغم من مضي ما يقارب سنتين على صدور الأمر الملكي رقم 1-121 وتاريخ 2-7-1432هـ القاضي بتنفيذ الحلول العاجلة قصيرة المدى والحلول المستقبلية لمعالجة قضيتهم.

في حوار لمعالي وزير الصحة مع صحيفة (الوطن) نشرته بتاريخ 30-4-1434هـ أجاب معاليه على سؤال بهذا الشأن بما خلاصته أن الوزارة تعيّن الخريجات مباشرة، أما الخريجون الذكور فلا توجد وظائف شاغرة لهم. ويبقى من الذكور (14) ألفًا وعلى مقاعد الدِّراسة (12) ألفًا، والوزارة ما زالت تعيّن إذا وجدت شواغر. إلا أن الوزارة لن تستطيع استيعابهم. وهناك تصورات وضعتها الوزارة تتمثل في التعاون مع الجامعات لتجسيرهم إلى درجة البكالوريوس أو تأهيلهم وتجسيرهم، وإعطاء القطاع الحكومي وظائف إضافية وميزانية للتدريب، أو تحويلهم إلى وظائف إداريه إذا لم ينجحوا في التأهيل.

وفي تقرير إخباري لاحق للصحيفة نفسها (6-5-1434هـ) أشارت الصحيفة إلى مذكرة رفعتها وزارة الصحة إلى رئيس اللَّجْنة المشكلة لبحث الموضوع بوزارة الداخليَّة فيها تفصيل لهذه التصورات.

يمكن القول: إن هذا هو ما يخص الجانب الحكومي في القضية. فكيف هو الوضع على جانب القطاع الخاص؟ ذلك أن الأمر الملكي المشار إليه اشتمل على تخصيص ستة آلاف خريج ممَّن اجتازوا تصنيف الهيئة للتوظيف في القطاع الخاص، ثمَّ يستوعب هذا القطاع الذين لم يجتازوا التصنيف بعد أن يعاد تأهيلهم ومن لا يجتاز التصنيف منهم يحول إلى وظيفة إدارية. وفي تقرير إخباري لصحيفة (الوطن) بتاريخ 18-12-1433هـ أشير إلى تصريح للدكتور إبراهيم المعيقل مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية عن عزوف خريجي القطاع الصحي عن العمل في القطاع الخاص مفضلين العمل في القطاع الحكومي - (وغني عن الذكر أن المقصود في ظلِّ ظروف العمل القائمة). أما الدكتورة منال فقيه فقد أشارت في محاضرة لها في مؤتمر الاتجاهات الحديثة في الإدارة الصحيَّة المنعقد بالرياض من 9-11 ربيع الآخر 1434هـ إلى أن السعوديين لا يستمرون بعد توظيفهم أو تدريبهم في المستشفى الخاص، بل يلحقون عاجلاً بأول فرصة للعمل الحكومي؛ لأنهم يرون فيه استقرارًا وضمانًا للوظيفة، بصرف النَّظر عن الراتب، وبذلك يَتَعرَّض المستشفى لنقص دائم في المُوظَّفين.

ويؤخذ من ذلك كلّّه أن القضية برمتها عادت تتدحرج إلى أحضان وزارة الصحة. هل أصبحت فعلاً قضية مستعصية؟ فلا القطاع الخاص أنجز نصيبه المفروض، ولا القطاع الحكومي يستطيع استيعابهم. وربما من أجل ذلك وضعت وزارة الصحة ذلك التصور المُكوَّن من نقاطه الأربع: التجسير إلى درجة البكالوريوس، اعتماد وظائف إضافية وميزانية للتدريب، التحويل إلى وظائف إدارية عند عدم اجتياز التأهيل. وواضح من هذا التصور أن ترجمته إلى برنامج تنفيذي تعتمد على تجاوب جهات خمس هي: وزارات الصحة والتَّعليم العالي والماليَّة والخدمة المدنية وصندوق تنمية الموارد البشرية (وزارة العمل) - إن كان القطاع الخاص طرفًا في هذا التصور. وحتى بجهود اللَّجْنة المشكلة بوزارة الداخليَّة فإنَّ الحلول التي تتوصل إليها قد لا تبعد كثيرًا عن ذلك التصور، ويبقى تنفيذها معلقًا بتجاوب تلك الجهات. وكل ما نخشاه أن يصير مصير هذه القضية مثل مصير المعلمين خريجي دبلوم اللُّغة الإنجليزية؛ أيّ قرارات معلقة التنفيذ. ولست أظن أن الحلَّ الجذري لهذه القضية سيكون مستعصيًا إذا وجدت الإرادة الجادة وروعيت الأمور التالية:

1- أن الدبلوم الفني الصحي ليس عبئًا ثقيلاً لا نفع فيه يرزح تحته النظام الصحي، بحيث يجب التخلُّص منه بشتَّى الحيل.

فهذا المفهوم غير صائب للأسباب التالية:

أ- أنّه لا يَتَّفق مع حقيقة تدرج المهام والمهارات المطلوب أداؤها في العمل الصحي، سواء من حيث تعقيدها والمستوى المعرفي المطلوب لها، أو من حيث مجال ممارستها.

ب- كما أنّه لا يَتَّفق مع واقع الوظائف المعلن عنها في الصُّحف المحليَّة من قبل جهات صحيَّة مختلفة إما لمراكز طبية مرجعية أو لخدمات طبية عامة حكومية وخاصة، محدًَدًا فيها مسمَّيات الوظائف المطلوب لها دبلوم.

ج- أنَّه لا يَتَّفق مع الاحتياجات المستقبلية لمجموع الخدمات الصحيَّة الحكوميَّة والخاصَّة التي توصلت لها دراسة معمقه قام بها فريق من الباحثين ذوي الاختصاص لحساب (كلِّيات الغد الدوليَّة للعلوم الصحية)، حيث تبلغ لعام 1440هـ للتمريض: (173.000) منهم 60 في المئة حملة دبلوم؛ وللفنيين: (113.000) منهم 50 في المئة حملة دبلوم (وللمقارنة عدد أفراد التمريض عام 1432هـ لجميع المؤهلات بلغ (135.000) منهم (45900) سعودي، وعدد الفنيين (بكالوريوس ودبلوم) بلغ: (79.000) منهم (55300) سعودي - أي أن المجال فسيح يتسع لتوظيف وتخريج الآلاف من حملة الدبلوم.

2- أن حشر جميع حملة الدبلوم على الجسر الموصل لدرجة البكالوريوس سيؤدى إلى تساقط أكثرهم من على هذا الجسر أو يعجز الجسر نفسه عن تحمل كتلتهم الكبيرة. النتيجة ستكون تخريج حملة بكالوريوس لا يزيدون عن الدبلوم إلا بفارق في المعلومات النظرية وبقليل من التطبيقات العملية والميدانية، وتكدس عدد ممَّن لم يجتازوا التجسير.

3- أن ما ينقص حملة الدبلوم الذين لم يصنفوا أو لا يزالون على مقاعد الدِّراسة ليس درجة البكالوريوس- فهي ليست هدفًا مُطْلقًا في حدِّ ذاته- بل ما ينقصهم هو الإشراف الجيِّد والانضباط التَّعليمي من قبل أنفسهم ومن معلميهم، والتدريب الجيِّد الطويل النفس؛ وهذا يتَّضح من آراء مسؤولين في أماكن العمل ومن لجان المقابلات الوظيفية أو لجان التصنيف في هيئة التخصصات الصحية. والنَّقص في التدريب العملي تشكو منه أيْضًا الكلِّيات التي تمنح البكالوريوس. والسبب واحد - وهو النَّظر إلى التطبيقات العملية في الفصل وفي ميدان الخدمة نظرة ثانوية سطحية، يفضحها عدد الساعات التي تخصص للتدريب الميداني وأسلوب الإشراف عليه وتحديد المسؤولية عنه، ومِنْ ثمَّ درجة الانضباط. ومعروف أن معظم المهن الصحيَّة تقوم على الممارسة والمهارات العملية.

4- أن تكون برامج إعادة التأهيل للذين لم يصنفوا من الخريجين السابقين ومن حديثي التخرّج هادفة إلى تحسين مستواهم وتقوية حصيلتهم الدراسية نظريًّا وتطبيقيًا ليكونوا حملة دبلوم أكفاء؛، ثمَّ يتم انتقاء المتفوقين منهم - على نمط ما متبع في كلِّيات المجتمع- للالتحاق بمرحلة البكالوريوس. وتمنح للملتحقين ببرامج إعادة التأهيل أو مرحلة البكالوريوس مكافأة مساوية للمنتظمين في الكلِّيات والمعاهد الحكوميَّة وكذلك في فترة الامتياز بعد التخرّج. ولا يُتوقَّع أن يمثِّل توزيع الملتحقين بين الجامعات والمستشفيات عبئًا ثقيلاً مع وجود العدد الكبير من هذه المؤسسات القادرة على التأهيل والتدريب في جميع مناطق المملكة.

5- ألا ينظر إلى توظيف المصنفين أو الذين لا يجتازون التصنيف على أنّه عملية استرضاء أو قضاء التزام فحسب، بل هي فرصة لتحقيق هدفين:

أولهما دعم المرافق الصحيَّة الحكوميَّة بموظفين في تخصصات مختلفة (فنيَّة صحيَّة وإدارية صحية) مما يسهم في الوصول إلى المعدلات التشغيلية القياسية لتلك المرافق؛ وثانيهما دعم عملية السَعْوَدَة في الخدمات الصحية- لا سيما في القطاع الخاص.

6- أن عمليات إعادة التأهيل والتوظيف تتطلب ما يساوى أهميتها الوطنيَّة من ميزانية خاصة لتمويل هذه العمليات وليس ما يخصص لهذا التمويل كثيرًا مهما كان مبلغه، فالفوائض الماليَّة لدينا كثيرة ولله الحمد.

7- أن تنفيذ ما سبق ذكره- وهو لا يختلف كثيرًا عن التصور الذي أشار إليه معالي الوزير - يَتطلَّب بالضرورة تشكيل لجنة متفرغة من أعضاء أكفاء (على غرار ما قامت به وزارة التجارة من تشكيل لجنة يعمل بها مُوظَّفون متفرغون لإنهاء مشكلة المساهمات المُتعثِّرة)، ومثِّل في اللَّجْنة الجهات ذات العلاقة - بما فيها القطاع الخاص التَّعليمي والخدمي، خاصة إذا كان هذا القطاع غير ممثل في اللَّجْنة التي سبق تشكيلها بأمر المقام السامي وأعدت الخطة التي اعتمدها الأمر الملكي رقم1-121 المشار إليه.

وعلى الرغم من اختلاف مشكلة المساهمات عن قضية الدبلوم الصحي، إلا أنّهما يتفقان في الحاجة إلى من يشمّر عن ساعديه للعمل الجادّ على حلّ قضية شائكة. هذه اللَّجْنة تتطلب صلاحيات نافذة ومرجعية قوية.

8- الحلُّ الدائم- في رأيي- يتمثَّل في السماح للكلِّيات الصحيَّة الجامعية بتنفيذ برامج دبلوم إلى جانب برامج البكالوريوس مما ينطوي على ميزتين أولاهما أن الدبلوم يكون تحت إشراف مستمر لهيئة تدريس جامعية، وثانيتهما استمرار إمداد الخدمات الصحيَّة بحاجتها من فنيين صحيين على المستوى المطلوب.

حملة الدبلوم الصحي يتعلقون بحبل يتأرجح بهم...
د. عثمان عبدالعزيز الربيعة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة