Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 20/03/2013 Issue 14783 14783 الاربعاء 08 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

لو جلس كل منا.. وخاصة الأغنياء ورجال الأعمال جلسة تأمل في الحديث الشريف (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث.. إلخ الحديث) لاستغنى عن سيارة جديدة يشتريها أو رحلة صيفية يلهو فيها وساهم بدلاً من ذلك في صدقة جارية أياً كان نوعها.. أو أسس لجائزة تحفز من يحفظ القرآن الكريم أو يدرس السنة النبوية.. ولربى أبناءه على فعل الخير وصلة الرحم والدعاء لوالديهم.

دارت هذه الخواطر في مخيلتي وأنا أجلس في حفل جائزة «فوزان الفهد» (يرحمه الله) لحفظ القرآن الكريم الذي أقيم في محافظة الزلفي مسقط رأس صاحب الجائزة مؤخراً برعاية وحضور معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي.. وهو أول حفل للجائزة يقام بعد وفاة الفقيد الغالي ولذا فإن الجو كان مفعماً بالحزن خاصة عندما أطل (أبو فهد) في نهاية عرض وثائقي عن حفل جائزة العام الماضي وهو يقول (إلى اللقاء في حفل العام القادم بإذن الله) وتعالت أصوات البكاء من بعض أبنائه وغيرهم وتماسك ابنه الأكبر فهد وهو يلقي كلمة بعد هذا المشهد مباشرة وختم الحفل بالدعاء من الجميع لرجل الخير الذي لم ولن ينقطع عمله إن شاء الله ما دام قد ترك صدقات جارية وعلم ينتفع به وأبناء بررة يدعون له ويكملون مسيرته في المجالات الخيرية المختلفة.

وعودة إلى وفاة الصديق العزيز والنسيب القريب قبل أكثر من شهرين حيث لم أستطع آنذاك الكتابة عنه لأن مشاعر العاطفة ستطغى على أسلوبي وستكون المشاعر الشخصية هي أساس المقال.. وأحسب أن المشاعر الشخصية (الفرح والحزن) قد لا تعني القراء إلا أن بعض المناسبات تحمل رسالة أبعد من ذلك إذا كان من يتحدث عن فقده الكاتب مشهوداً له بأعمال الخير لأن في ذلك حثا على عمل الخير موجه إلى كل من انشغل بالركض في هذه الحياة دون التفكير في تأسيس شيء لما هو أهم أي للدار الآخرة وليبقى ذكره الطيب (والذكر للإنسان عمر ثان) كما هو معروف.. ويعلم الله أنني قد حزنت كثيراً حينما علمت بمرضه وحزنت أكثر حينما فارقنا.. لكن حزني كان مضبوطاً بالضوابط الشرعية التي كان هو نفسه يحث عليها زواره لإيمانه الشديد بأنه لا يصيب المرء إلا ما كتبه الله عليه وأن الآجال محددة ومكتوبة.

ورحل عنا فوزان بن فهد الفهد وبقي ذكره الطيب في أعمال الخير والصفات العالية التي شهد بها كل من حضر للمسجد وللمقبرة ثم لمجلس العزاء.. وبقي له أيضاً جوائز لحفظ القرآن الكريم ورعاية الأيتام ومساعدات المحتاجين التي لم يكن يعرف عنها حتى أقرب الناس إليه وهم أبناؤه الذين نرى في كل واحد منهم بعضاً من صفاته.. وتشجيعاً لفاعلي الخير ورجال التعليم كم سيكون جميلاً أن يسمى أحد الشوارع ومدرسة في محافظة الزلفي التي عمل من أجلها وأحبها كثيراً باسمه.

ومصداقاً للحديث الشريف «الناس شهود الله في الأرض» لا بأس أن أستحضر بعض ما قاله بعض من توافد لتقديم العزاء عن الفقيد الغالي حيث أكد عدد من المسؤولين السابقين في وزارة التربية والتعليم وفي أمانة مدينة الرياض أن فوزان الفهد لم يكن يراجعهم ليطلب أمراً له شخصياً أو لأعماله ومشروعاته العقارية والتعليمية وإنما كان طلبه دائماً لقطاع التعليم الأهلي أو لمصلحة عامة كما كان يشترط في كل مساهمة عقارية يساهم فيها أن يكون فيها حصة لوقف يدعم مشروعاً خيرياً لإيمانه بأن الوقف هو الضمان لاستمرار العمل الخيري.

وأخيراً: في حفل الجائزة الأخير.. كان الوفاء والعطاء.. الوفاء من الجميع وعلى رأسهم الشيخ صالح بن حميد ومحافظ وأهالي الزلفي الكرام للراحل الكبير والعطاء منه للعمل الخيري والعطاء أيضاً من الحاضرين الذين تبرعوا للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في محافظة الزلفي بهذه المناسبة وقد كانت معظم التبرعات تحت مسمى (فاعل خير) مما يدل حقاً على أن مجتمعنا بألف خير وأن أهل الخير لا يريدون شهرة أو مديحاً وإنما يرجون الأجر والثواب يوم لا ينفع مال ولا بنون.

رحمك الله أبا فهد وسنظل نلتقي بك كل عام في مناسبات خيرية وكأنك معنا حاضراً تنشر الخير وتدعو إليه وتملأ المكان محبة وترحيباً بالحاضرين.

alshiddi@daralwatan.com.sa

فوزان الفهد.. وعمل الخير الذي لم ينقطع
علي الشدي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة