Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 21/03/2013 Issue 14784 14784 الخميس 09 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

أشار الأستاذ الدكتور عبدالله صالح بابعير في (ص16) من كتابه (انحراف اللهجات العامية الحديثة عن العربية الفصحى: مظاهر من لهجة المكلاّ) إلى أنّ صوت القاف كما وصفه سيبويه في كتابه مجهور، أي يسمع كالجيم القاهريَّة، وأنّ هذا مختلف عن القاف المهموسة المستعملة في النصوص الفصيحة المسموعة في قراءة القرآن اليوم، وذكر أن نطق القاف مجهورة كما ذكر سيبويه هو الشائع في حضرموت، والمؤلف بقوله هذا يثبت أنّها غير منحرفة عن الاستعمال القديم لها. ويتحدث (ص20) عن كسر أحرف المضارعة ويعدّه انحرافًا عن الفصحى،ولكنه يذكر أن كسر أحرف المضارعة هو لغة عربية عرفت بتلتلة بهراء، ولذا يصح أن نقول إنّ كسرها في لهجة المكلا ليس بالانحراف الحديث؛ إذ هو متابعة للغة بهراء. ومع أنه يذكر أن إبدال الثاء فاءًا عربي قديم (ص44) يرى قول العامة في المكلا (فوم) في الثوم و(فلافة) في ثلاثة من انحراف اللهجة الحديثة، ونجده في لهجة القطيف شرقي المملكة العربية السعودية وليس ذلك سوى متابعة للغة قديمة. ومن الغريب أن يثبت إبدال بعض العامة الثاء تاءًا الذي وصفه بالقلة (ص46) (ثوم)توم، ثعبان) تعبان) وإبدال الذال تاءًا (49) (شحاذ) شحات) وهو المثال الوحيد، وأحسب هذه الألفاظ من الدخيل على لهجة المكلا وهبتها لغة الإعلام، فلعلها تسللت من اللهجة القاهرية المستعملة في الأفلام والمسلسلات. فالإبدال إن حدث يشمل تصاريف اللفظ كله (شحذ، يشحذ، شحّاذ) وهو ما نسمعه في لهجة القاهرة (شحت، يشحت، شحّات). وقال إن الفاء تبدل صادًا في (نصّ) قال (ص52) «فقد أبدلت الفاء صادًا، ثم أدغمت في الصاد، على سبيل المماثلة الرجعيّة»، وهذا التغير شائع في لهجات الجزيرة العربية، وهو من المماثلة التقدمية لا الرجعية. وأما إبدال الهمزة (ص64) حرف مدّ وهو ما عرف قديمًا بالتسهيل فهو فصيح كما قرر المؤلف، وهو ظاهر في قراءة القرآن برواية ورش، ولا يسوغ عدّ لهجة المكلا ولا غيرها من لهجات الجزيرة بسببه منحرفة عن الفصحى ولا هو بالتغير الحديث. وعدّ من الانحراف الصرفي (ص76) زيادة ياء ممالة بعد الفعل (ردّ) وأمثاله عند إسناده لضمير رفع متحرك يقال في (رددْت): ردَّيت، وهذا أمر شائع في لهجات الجزيرة، ولعله ليس من قبيل زيادة الياء كما قال، بل من قبيل تضعيف الدال الأولى وإبدال الثانية ياءًا، وهي ظاهرة قديمة ذكرها سيبويه (الكتاب،4: 424) في مثل الأفعال (تسرّرت، وتقصّصت، وتضنّنت) يقال فيه: (تسرّيت، وتقصّيت، وتضنّيت). ومن ذلك تأنيث (فعلان) مما بابه (فعلى) بالتاء فيقال (فعلانة)، يذكر المؤلف (ص100) أنهم يقولون غضبانة في غضبى، وهذه طريقة لهجات الجزيرة أيضًا، والمؤلف ذكر عدّ الزبيدي لها من لحن العامة، ولكنها لغة نسبت لقبيلة أسد أو بعضهم كما ذكر المؤلف، وعليه فليست لهجة المكلا الحديثة منحرفة بهذا بل هي متابعة للغة قديمة شاعت في لهجات الجزيرة وهو أمر أكثر قياسية. وعدّ من مظاهر الانحراف النحوي ما يعرف بلغة أكلوني البراغيث، وهي لغة عرفت قديمًا عند طيئ وبني الحارث بن كعب وأزد شنوءة، ولها شواهد من القرآن والشعر، كل ذلك ذكره المؤلف (ص126) وذكر أنها من سمات اللغات السامية، ومن هنا فليست لهجة المكلا بدعًا وليست منحرفة بل هي متابعة للأصل السامي القديم وهي كغيرها من لهجات الجزيرة تجمع بين الفاعل وعلامة المطابقة كما في المثل الذي أورده (إذا كثرن الطباخات فسد المرق). والذي ننتهي إليه أنّ كثيرًا من القضايا التي جعلت أمثلة لانحراف لهجة المكلا الحديثة هي شواهد على أصالة هذه اللهجة واتّصالها، ومهما يكن من أمر هذه الوقفات فإنها لا تغض من قيمة هذا الجهد العظيم الكاشف لسمات لهجة من لهجات الوطن الحبيب يستعملها أهل حضرموت الأعزاء على قلوبنا.

مداخلات لغوية
وقفات لا تضير عند لهجات بابعير(2)
أبو أوس إبراهيم الشمسان

أبو أوس إبراهيم الشمسان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة