Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 26/03/2013 Issue 14789 14789 الثلاثاء 14 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

مرّ على مجتمعنا هذه الأيام، بعض المشاهد المفتعلة غير المقبولة، وهي من وجهة نظري، ليست في وفاق مع ما ندعو له دوماً في مقالاتنا، سعياً للحفاظ على الوطن من دواعي الفتن والقلاقل والإثارة والتصنيف وشقّ الصف الواحد، نعم لم أكن لأكتب هذا المقال في أعقاب (حادثتين مؤلمتين) وقعتا مؤخراً في مجتمعنا المسلم، لو لا ظني بخطورة تناميهما على الوطن، هذا المجتمع الذي قام على منهج الدين الحنيف بفضل الله، ثم بفضل موحّد كيانه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، وسار على خطاه أبناؤه البررة حتى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، و نعم (مرة أخرى) مجتمعنا ليس مجتمعاً ملائكياً يُظّن له كذلك، ومن قال بذلك فهو خارج محيط البشرية، ويعيش في أحضان (المدينة الفاضلة) لأفلاطون، مجتمعنا كله مجتمع مسلم غيور على الآداب والأخلاق والسلوك و(الأعراض) وهو ديدن قيادتنا الرشيدة على الدوام، مجتمعنا كغيره من مجتمعات العالم يعترضه بعض القصور وبعض الأخطاء، ولكن الطرق والقنوات للتصحيح والتدارك، مفتوحة ومشرعة، وكثيرا ما يؤكد ولي الأمر - حفظه الله - على هذه المسألة وبحزم، ودولتنا دولة المؤسسات، ليست دولة دكتاتورية ولا اشتراكية ولا رأسمالية، دولة إسلامية من الألف إلى الياء، تُحكّم شرع الله، وتقيم حدوده على الكبير والصغير والشريف والوضيع، وهذا الأمر بالنسبة للوطن خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو التهاون فيه وهو أمر محسوس ولله الحمد، وبسببه قام كيان هذه الدولة، واستقام واستمر وحُفظ بحفظ الله، الدولة أقامت جهة رسمية، تُعنى بالاحتساب وشئونه مرتبطة بالملك مباشرة، الأمر الذي أكسبها أهميتها، وأعني بها جهاز (الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) هذا الجهاز وحده المخول (رسمياً) بشريعة الاحتساب، وقد كَتبتُ عنه كثيراً في هذه الجريدة وغيرها على سبيل الدفاع جرّاء الهجمات المرتدّة عليه من البعض هداهم الله، أمامي قضيتان أثارتا حفيظتي، بودي أن لم تحدثا في مجتمعي المسلم المسالم، واعتراضي عليهما، ليس له علاقة بجوهرهما، بقدر ما يمس الشكل والآلية في تعاطي المحتسبين - هداهم الله - معهما، الأولى: اعتراض بعض المحتسبين على حضور النساء في النادي الأدبي بجدة، والثانية : اعتراض بعض المحتسبين على وزير العمل، للعلم وحتى لا يَظن البعض الظن السيئ، عقيدتي تدعو إلى تخصيص ماعد للنساء بمنأى عن الرجال في الأماكن المحتمل وقوع المحذور فيها، قياساً على حضورهن في المساجد للصلاة، ولكن الذي أصابني بالغثيان والمرارة وكدتُ أفقد عقلي، رؤيتي لهؤلاء المحتسبين زرافات يهجمون بشكل غير حضاري على مؤسسات الدولة، بالنسبة للنادي الأدبي بجدة أعرف تماماً أن للنساء مقاعد جانبية ومخصصة في منأى عن الرجال وقد شاهدت ذلك بنفسي، فكيف يطالب هؤلاء المحتسبون بإخراجهن من القاعة؟ وهنّ قد أتين للاستفادة، ثم أن رئيس النادي ذو أخلاق عالية واستقامة - هكذا أحسبه - لا يرضى بما لا يرضي الله، وهو على درجة عالية من الحرص، واستهجان المحتسبين ومطالبتهم بطرد النساء وقولهم (إما نحن وإما هنّ) هذا كلام لا يستقيم وهو في نظري ليس حضارياً.

الأمر المُرّ ما شاهدته على موقع التواصل الاجتماعي (اليوتيوب) من بعض المحتسبين- هداه الله- وتوعّده وزير العمل بقيامه بإعطائه مهلة شهر للعدول عن قراره، وإلا سيدعو عليه بالسرطان في المسجد الحرام، هذه القشّة التي قصمت ظهر البعير وأصابتني في مقتل، وأضحكتني أيضاً، ألهذه الدرجة وصل تفكير البعض، إذ كيف لمسلم يرضى لنفسه أن يدعو على أخيه المسلم بهذه الكيفية؟! هنا مسألة خطيرة جداً، لو عدّى هذا السلوك بسلام، كيف سيكون مجتمعنا في قادم الأيام؟ هذا المحتسب افتأت على الله، عندما هدّد الوزير بصيغة الحتمية وضربه لغازي القصيبي رحمه الله مثالاً لذلك، فقد وضع هذا المحتسب نفسه( مجاب الدعوة) وطفق يهدد المسئولين، ونسي أن الأمر كله بيد الله، ثم من يجزم أن الوزير يريد إفساد المجتمع، هلاّ شقّ أحد عن صدره! أظن الوزير في عداد المجتهدين كغيره من المسئولين، وسيتعامل معه خالقه على قدر نيته، لا يدرك النوايا غير الخالق سبحانه، بودي لو أن هذه المجموعة من المحتسبين مع وزير العمل، سلكت القنوات الصحيحة للنصيحة، واختارت متحدثاً رزيناً ذا عقيدة قوية راسخة، يحسن الألفاظ، ما قام به هؤلاء المحتسبون - هداهم الله - بهذه الآلية العوجاء وهذا الأسلوب الخشن، اعتبره نكسة في التصرف، لا تعبر إلا عن وجهة نظر أصحابها، فقط لكي لا يستغل هذا السلوك المشين المتربصون الشامتون، نقول مجتمعنا محافظ وسطي الفكر، يكره الفوضى ودواعيها، وإن شذّ شاطح متشدد أو متحرر، العقلاء من العلماء الربانيين ينفرون من هذا الأسلوب في خط الاحتساب، ويرون ضرره أكثر من نفعه، قلوبنا يا سادة يا كرام، وجلة على وطننا، وغيرتنا عليه هي التي جرتنا لقول الحقيقة مهما بلغ الثمن، والله وحده هو العالم بالضمائر وما تخفي الصدور.. ودمتم بخير

dr-al-jwair@hotmail.com

المجتمع.. ومشاهد الإنكار!
د. محمد أحمد الجوير

د. محمد أحمد  الجوير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة