Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 06/04/2013 Issue 14800 14800 السبت 25 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

أعرض هنا جزءاً من الورقة التي تشرفت بتقديمها في البرنامج الثقافي للجنادرية يوم أمس الجمعة، وتحمل عنوان “البرامج الحوارية في الفضاء العام العربي”.

البرامج الحوارية هي من أشهر أنواع البرامج في ....

محطات الإذاعة والتلفزة منذ تاريخ إنشاء تلك المحطات وعلى مدى تاريخ نشأة الإذاعة والتلفزيون بشكل عام. وتتمثل تلك البرامج في حوار يديره مذيع مع ضيف أو أكثر حول موضوع من الموضوعات، سواء أكان سياسيا أو اقتصاديا أو علميا أو تربويا أو رياضيا أو فنيا، وغير ذلك من المجالات الحياتية المتنوعة. ويعد جو فرانكلين أول شخصية تقدم برنامجا حواريا في الإذاعة والتلفزيون الأمريكي، حيث بدأ عام 1952 ولم يتوقف حتى عام 1993، حيث قضى أكثر من أربعين عاماً في تقديم هذا البرنامج الحواري. كما انه ما زال الى اليوم يقدم برامج حوارية وبرامج مقابلات أخرى مع النجوم في المجتمع الأمريكي.

ومن أشهر البرامج الحوارية السياسية الشهيرة برنامج crossfire “كروس فاير” على شبكة الـ CNN الذي يظهر فيه مذيعان، احدهما من اليمين والآخر من اليسار في مواقفهما السياسية، ويستضيف البرنامج ضيفين من نفس الاتجاهين، احدهما من اليمين والآخر من اليسار. وبدأ البرنامج عام 1982 واستمر إلى عام 2005، وتداول على تقديم البرنامج عدد كبير من الشخصيات السياسية والإعلامية كمقدمين لهذا البرنامج.

ومن أشهر البرامج الحوارية في شبكة التلفزة البريطانية BBC World News برنامج “هارد توك” Hardtalk . وقد انطلق البرنامج عام 1997 من خلال مقدمه الشهير تيم سبيستيان Tim Sebastian والمشهود له بطرح الأسئلة الصعبة والمواجهات الشرسة مع ضيوفه، وقد حقق البرنامج شهرته العالمية من خلال استضافة عدد من رؤساء وقادة العالم. واستمر سبيستيان إلى عام 2005 ثم خلفه عدد من المذيعين، ومنهم المذيعة السودانية الأصل زينب بدوي. ويوجد برنامجان مستنسخان من برنامج Hardtalk في قناة هندية وأخرى باكستانية.

وإذا نظرنا إلى خارطة القنوات التلفزيونية في العالم العربي نجد أنها تضم مئات أو آلاف البرامج الحوارية بشكل عام في مختلف الموضوعات، ومنها الموضوعات السياسية. ويوجد إصرار على وجود برامج حوارية سياسية في معظم القنوات، وخاصة القنوات الإخبارية المتخصصة. ولكن يغلب على هذه البرامج العربية الطابع الفني والرياضي، بينما البرامج الحوارية السياسية موجودة ولكن قليلة نسبيا مقارنة بباقي مجالات هذا النوع من البرامج. إضافة إلى أن نسبة المشاهدة للبرامج السياسية هي اقل من نسبة المشاهدة للبرامج الرياضية والفنية والترفيهية وغيرها.

نموذجان للبرامج الحوارية في العالم العربي:

يمكن من خلال قراءة ومتابعة أوضاع البرامج الحوارية في محطات التلفزة والإذاعة العربية، ومن خلال ما أفرزته بعض الأدبيات الأكاديمية والإعلامية - وهي محدودة - يمكن أن نضع نموذجا لواقع البرامج الحوارية العربية مبنياً على قواعد اللعبة الحوارية والمنهجية الإعلامية التي صنعتها قنوات التلفزة والإذاعة على مر العقود الماضية، وخاصة بنهاية العقد الأخير من القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين والى اليوم. ويعطي هذا النموذج خيارين واضحين لوصف ظاهرة البرامج الحوارية في العالم العربي، وهما:

1. نموذج إشعال الحرائق Fire Setting

2. نموذج إطفاء الحرائق Fire Extinguishing

نموذج إشعال الحرائق:

يتمثل هذا النموذج في فكرة إشعال اكبر عدد ممكن من الموضوعات وتفجيرها على ارض الواقع، وهناك عدد من البرامج التي تضع هذا النموذج قدوة واسترشادا تنطلق منه وتعمل من خلاله. ويمكن تحديد عدد من السمات التي تصف هذا النموذج، ومنها:

1. الشخصيات المستضافة: يتم اختيار الضيوف في العادة طبقا لهذا النموذج من الشخصيات التي تقع في أقصى درجات التطرف لموضوع النقاش، بمعنى أن تقديم الموضوع يأتي من خلال الرؤية المتطرفة للموضوع يمينا ويسارا.

2. الشكل الإخراجي: تميل البرامج الحوارية “الإشعالية” إلى النزعة الدرامية لسيناريوهات تقديم وجهات النظر، ونتذكر أحداث درامية حدثت في حوارات تلفزيونية، مثل محاولة ضيف إطلاق نار على ضيف آخر، أو العراكات البدنية، أو التلاسنات الشخصية، أو التهديدات الإزاحية، أو كشف أوراق أمنية أو سياسية عن الضيوف، أو الانسحاب من البرنامج.. الخ من السيناريوهات الدرامية لمثل هذه البرامج.

3. العامل الزمني: التركيز على استدعاءات الماضي. فمعظم حلقات مثل هذه البرامج هي محاولة لإعادة كتابة الماضي بطريقة مختلفة عن الفهم العام له من قبل المشاهد العربي، وربما مختلفة عن طبيعة أحداث الماضي. ولهذا رؤية هذه البرامج هو في تقليب صفحات التاريخ للبحث عن مواطن لإشعال الحرائق.

4. العامل السياسي: تنزع هذه البرامج في هذا النموذج إلى “تثوير” المواقف أو تفجيرها بغية خلط الأوراق وتقديم حالة سياسية جديدة. وعادة تتناغم بعض البرامج أو حلقات هذه البرامج في هذا النموذج مع أجندات سياسية معينة.

نموذج إطفاء الحرائق:

يتسم هذا النموذج بسمات مشتركة في عدد كبير من البرامج الحوارية في محطات التلفزة والإذاعات العربية التي تنتسب إلى هذا النموذج ومنها:

1. الشخصيات المستضافة: اختيار الضيوف في العادة من الشخصيات التي تقع في الوسط من ذوي الاتجاهات المعتدلة في موضوع النقاش.

2. الشكل الإخراجي: تتسم البرامج الحوارية لهذا النموذج “الإطفائي” بالنزعة التوثيقية لسيناريوهات تقديم وجهات النظر على عكس النهج الدرامي للنموذج “الاشعالي”. ويتقصى هذا النموذج توثيق أحداث ومواقف معينة بهدف تثبيتها في ذهنية المشاهد.

3. العامل الزمني: يتركز النموذج على الحاضر وتداعيات الواقع المعاش. وهذا يشكل وضعا طبيعيا لهذا النموذج، حيث يطرح ويكرس العلاقات الاجتماعية القائمة في الوقت الراهن.

4. العامل السياسي: تعمل هذه البرامج وفقا لهذا النموذج على تهدئة المواقف واستقرار الوضع القائم، مع طرح إشكاليات الواقع بطريقة موضوعية إلى حد ما.

ختاما، نلاحظ أن النموذجين هما مكملان لبعضهما البعض، فالمشهد الإعلامي الكلي للفضاء العام العربي يصبح أكثر تنوعا بوجود النموذجين، وليس بأحدهما، لأن الفضاء العام يجب أن يتشكل من منظومة متكاملة من الآراء والأفكار والمناقشات الحرة، من مجمل ما تفرزه الخطابات العربية من أطياف متعددة من اللون السياسي ودرجات الاختلافات الاجتماعية في المنطقة العربية. وقد هيأت مختلف البرامج الحوارية السياسية وغيرها من البرامج في المجالات الاقتصادية والثقافية والفكرية والدينية وغيرها فرصة مواتية لبناء فضاء عام عربي له تأثيره على مجريات الشأن السياسي والاجتماعي.

alkarni@ksu.edu.sa
- رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال - رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك خالد

نموذجا إشعال الحريق وإطفاء الحريق في البرامج الحوارية العربية
د.علي بن شويل القرني

د.علي بن شويل القرني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة