Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 07/04/2013 Issue 14801 14801 الأحد 26 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لماذا أنت هكذا؟؟

سألت صاحبي وهو يقابلني قائلاً: أما ترى كيف احتدم الليل وتحركت جحافل الظلام على الشام، بعد أن أصرَّ هذا الرجل على خيار الحرب؟؟ كان صاحبي يتحدث حديثاً مضطرباً، في نبرته حزن وما يشبه اليأس، وكان يتحدث

عن الحرب وويلاتها.. وعن الغازات السامة، وعن الرَّصاص والمدافع والرشاشات، وعن المخابئ والكمَّامات.. وعن.. وعن.. هنا أوقفته وقلت:

لماذا أنت هكذا؟؟

أيها الأخ الحبيب، هنا وفي مثل هذه المواقف تتجلَّى قيمة الإيمان بالله.. وتبرز حقيقة اليقين الناصعة، هنا تظهر قيمة الصبر والاحتساب وقيمة التوكُّل على الله.

هنا.. نحتاج إلى العقول النيرة، والقلوب الصابرة، والسواعد القوية، والأقلام المخلصة، نحتاج أن نرى الأبصار ترفع إلى السماء، وأن نسمع كلمات (يا ربّ) (يا رحمن يا رحيم)، وأن نرى الأيدي متوجهة إلى خالقها.. أنا أتحدث بلسانك وأنا من بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية وأنت من سوريا، أتدري لماذا؟ لأنَّ العروة الوثقى تجمعنا، ولأنَّ عقيدتنا واحدة وهمومنا مشتركة.

أيها الأخ الحبيب..

هل اعتدينا على أحد؟.. هل أعلنا الحرب على أحد..؟.. هل غدرنا بالجار والقريب..؟ هل وجَّهنا جهودنا وقوانا إلى شقِّ صفوف أمتنا..؟؟ وتمزيق شملها، وتفتيت قوّتها؟؟

كلاَّ.. لم نفعل نحن ذلك.. وإنَّما فعله ذلك الطاغيةُ الذي اختار الحرب، ورفض السلم... ودمَّر بلده واستباح دماء شعبه.

فمماذا نخاف إذن؟؟

من الموت.. الموت أمر محتوم يجيء اليوم أو بعد اليوم، والموت مكتوب علينا حتى ولو كنا في بروج مشيَّدة. وليس الموت وقفاً على الحروب والمعارك. كلا أيها الأخ الحبيب، إن إيماننا نحن المسلمين بهذا لا يجعل لمعنى الموت عندنا ذلك المعنى الرَّهيب الذي يدفعنا إلى أن نتراجع أو نتضعضع، ما دمنا ندافع عن عقيدتنا وأنفسنا، وأعراضنا وحقوقنا.

أيها الأخ الحبيب..

فمماذا نخاف إذن؟؟

من العدو.. هوِّن عليك فإن من يخاف من الله لا يخاف من الناس مهما كانت قوّة الناس..

نحن يا أخي بأمسِّ الحاجة إلى تذكُّر معاني عزَّة المسلم، وقوَّة إيمانه، وصدق يقينه.

الحرب..

إنها دمار بلا شك، ولكنها أمر لابد من وقوعه في حياة البشر..

إذن فلابد من المواجهة والنزال. لابد من الصراع ولابد من الحرب.. هذه سنة كونية لا تتبدَّل.

أيها الأخ الكريم..

ذلك الرجل الطاغية اعتدى.. وتجاوز الحد فلابد من خوض المعركة مهما كان الأمر..

إنها معركة سيميز اللهُ بها الخبيثَ من الطيب، وسيتضح بها الحقُّ من الباطل..

وهنا أدعوك أيها الأخ الكريم إلى الأطمئنان والثبات والصمود.. أدعوك إلى توجيه النية خالصةً لله العلي الكبير.

أعمل ما تستطيع من الأسباب ثم وجِّه نفسك إلى ربِّ الأرباب، وهناك تهون المصاعب، وهناك تشرق شمس الأمل بالرغم من ظلام المرجفين المتسلّطين..

أيها الأخ الحبيب..

الظالم بدأ المعركة فلا تضطرب، ولا تخف.. ولا تفتح نافذة لليأس إلى قلبك فسوف تسير مركبة الحياة وفق ما أراد الله وكتب.

نحن بحاجة إلى كلمات الصدق.. إلى عبارات اليقين.. في وقت تساقطت فيه دعايات المدّعين، وثلاشت كلمات المضلّلين، وتاهت في صحاري الحيرة تحليلات المحلّلين السياسيين وغير السياسيين.

نحن على حق.. نعم.

ونحن بحاجة إلى ترسيخ الشعور بهذا الحق.. وإلى تصحيح مسار حياتنا كلها، سياسياً واجتماعياً، وفكرياً على ضوء هذا الحق الواضح.. نعم..

فمماذا نخاف.. إذا جعلنا نيَّاتنا خالصةً لوجه الحيِّ القيوم، وإذا رفعنا رؤوسنا شامخة وأفواهنا تردد (حسبنا الله ونعم الوكيل).

أيها الأخ الحبيب: تأكد أن نهاية الطغاة إلى خسار مهما كانت لهم من صولة وجولة، فذلك الطاغية معرَّض لعقاب الله القوي سواءٌ أشعلت الحرب نارها أم لم تشعل.. نعم يا أخي فتلك سنة الله في هذا الكون.

أيها الأخ الكريم...

اتجه بقلبك إلى الله وردِّد في يقين (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وكنْ رجلاً إيجابياً في مثل هذه الأزمات..

نحن - كما قلت- لم نعتدِ، ولم نبغ.. وإنما اعتدى غيرنا وبغى غيرنا..

وعلى الباغي تدور الدوائر (نعم أيها الأخ الكريم، فاحمل حقائب الصبر في دروب العزيمة وسر على بركة الله.

towa55@hotmail.com
altowayan@ :تويتر

على الباغي.. تدور الدوائر
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة