Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 07/04/2013 Issue 14801 14801 الأحد 26 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

قبل مئة عام وأكثر كانت الحروب في شبه جزيرة العرب بين القبائل على موارد الماء، وبعد ذلك أصبحت الحروب بين دول العالم على الماء، فلا توجد دولة على هذا الكوكب لا تشعر بالقلق من شح المياه وندرتها في المستقبل القريب، خاصة مع ازدياد سكان الأرض، وبالتالي انخفاض حصة الفرد من الماء، لأن المياه العذبة تقل، في مقابل زيادة نمو سكان العالم، فهذا القلق من ندرة الماء كان، وما زال، هاجساً لدى الجميع، حتى الدول التي تحظى بالأنهار والبحيرات، ومن الطبيعي أن يزداد القلق بين سكان الصحراء، أو الدول التي لا تجد المياه الصالحة للشرب إلا في المياه الجوفية التي نضبت في كثير من أجزاء بلادنا، فكيف نستشرف المستقبل؟.

كي نتخيل المستقبل، يجب أن نقرأ الماضي جيداً، ونقرأ معدلات الاستهلاك في الحاضر، ونقارن ذلك في معدلات الاستهلاك العالمية، فحينما يكون الطلب على المياه في السعودية نحو 17 مليار متر مكعب، أي أربعة أضعاف الطلب في دول الخليج مجتمعة، فإن ذلك يعد مؤشراً مخيفاً، ويخبرنا أن هناك هدراً كبيراً في المياه، وحينما نجد أن متوسط استهلاك الفرد من المياه في السعودية يبلغ 231 لتراً يومياً، ويأتي ثالث أعلى استهلاك في العالم، أي ضعف متوسط الاستهلاك العالمي للفرد، فإن الأمر يصيبنا بالخيبة والوجل، ويجعلنا نجزم أن طريقة التوعية بترشيد المياه، لم تعد مجدية إطلاقاً، فلا بد من البحث عن أنظمة صارمة تعاقب من يهدر الماء، فضرورة الشدة في العقوبات في أمر الأمن المائي للوطن، لا تختلف عن الأمن الداخلي، فليس مجدياً أن تكون حاكماً تقيم الأمن والعدل في أرض بور، ليس فيها من أسباب الحياة شيء، خاصة أن الحياة هي الماء!.

أكاد أجزم أن ملف الأمن المائي في بلادنا هو أهم وأخطر الملفات الإستراتيجية، ولا شك أن وزارة المياه والكهرباء تواجه تحدياً كبيراً في تغيير عادات الاستهلاك الفردي، على مستوى استهلاك المباني السكنية والحكومية للمياه، وعلى مستوى استخدام الماء في الزراعة، فكيف تقنع المواطنين الأفراد في ترشيد الماء، وتخفف من تسربه وهدره، وكيف تقنع المزارعين في استخدام آليات وتقنية ري جديدة؟.

أليس من المحزن أن صناديق الطرد في دورات المياه، ثم غسالات الملابس، ثم الاستحمام، هي الأكثر في هدر المياه في المنازل؟ ثم يأتي القطاع الزراعي الذي التهم مياهنا الجوفية، وما زال يقضي على ما تبقى منها؟.

أليس من المقلق أننا أحد أكثر دول العالم التي تعتمد على تحلية مياه البحار، إلى حد أننا أصبحنا نحصل منها أكثر مما يتوفر لنا من المياه الجوفية التي لا تتجاوز 45% مما نستخدمه؟ خاصة أننا نعرف أن تحلية المياه تستنزف مصادر الطاقة لدينا؟ وأننا نعرف أن المياه الجوفية في تناقص مستمر.

نحن في ميزانيات الدولة في السنوات الأخيرة نخصص معظمها للتعليم، وللصحة، وهو أمر ضروري ومهم، لأن الاستثمار في الطاقات البشرية هو عمل الدول المتقدمة، لكنني أخشى أن أقول إننا في السنوات القليلة القادمة سنضطر إلى تخصيص أكبر حصة ممكنة من الميزانية لمخزون الماء الاستراتيجي، والاستعداد المبكر للموت عطشاً! فكم أتمنى أن نوجد حلولاً مبكرة لشح المياه وندرتها المنتظرة.

نزهات
الموت عطشاً!
يوسف المحيميد

يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة