Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 13/04/2013 Issue 14807 14807 السبت 03 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

المستقبل الصناعي السعودي رهن بـ «لقيمات» الغاز الطبيعي

رجوع

المستقبل الصناعي السعودي رهن بـ «لقيمات» الغاز الطبيعي

الجزيرة - الاقتصاد:

تزايد الحديث مؤخرا عن التنمية المستدامة بالمملكة، وامتد الجدل ليشمل الجزء الاهم منها وهو الهوية النفطية للمملكة باعتبار ان التنمية المستدامة لاتتحقق الا من خلالها وأي انعكاس عليها يؤثر بشكل او بآخر بهذه التنمية ومسيرتها .. وقد يمتد مفهوم التنمية المستدامة ليراعي جوانب قد لاتبدو لأفراد المجتمع ذات اولوية رغم أنها تؤثر سلبا في هذه التنمية .. إلا أن التنمية المستدامة لها جوانب أخرى أكثر أهمية تتعلق بالإيرادات أو الناتج الوطني للأجيال المستقبلية .. واليوم يستخرج النفط والغاز بكثافة و بتقنيات متقدمة للغاية، ولكن السؤال الاهم يكمن في ان هذا المخزون قد لايكون بالضرورة متوفرا في كل وقت وبذات الكفاءة الاقتصادية .. لذلك، فإن الجانب الخفي الذي لا يتحدث عنه الكثيرون في التنمية المستدامة السعودية هو الكفاءة في استثمار هذا المورد الناضب وإدارته كمحرك للتنمية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل وبأفضل الطرق الممكنة. بالامس تحدث المهندس محمد الماضي، نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة (سابك) السعودية مشيرا الى وجود مخاطر كبيرة تكتنف الصناعة البتروكيماوية السعودية في ضوء تزايد تنافسية مثيلتها الأمريكية نتيجة كثافة الكميات المستخرجة من الغاز الصخري بالولايات المتحدة، والتي ستؤثر حتما على انخفاض أسعار اللقيم بالصناعة البتروكيماوية الأمريكية، وبالتالي تزايد قدرتها التنافسية، بشكل سيسهل عليها اختراق الأسواق الأوربية والآسيوية، وبما قد يؤثر سلبا على تنافسية المنتجات البتروكيماوية السعودية في الخارج، وخاصة في أسواقها الرئيسية.

هذا الحديث وعلى لسان مسئول يباشر تقلبات وتنافسية السوق العالمي من كافة أبعاده .. وهو بعد يتعلق بالتنمية المستدامة لايمكن ان يمر دون مراجعة دقيقة للواقع ، لأن الحديث هنا عن مخاطر مستقبلية، وليس مخاطر حالية فقط .. وهنا يثار التساؤل : هل طريقة استغلال الغاز الطبيعي بالمملكة حاليا تنطوي على الكفاءة المطلوبة للحفاظ على مورد استراتيجي ؟ وهل هذا الاستغلال يحقق التنمية المستدامة للأجيال المستقبلية ؟

المملكة تنتج سنويا حوالي 89.8 بليون متر3 من الغاز الطبيعي، وتكاد تستهلكها بالكامل بكمية تبلغ حوالي 90.0 بليون متر3، ويوجد استخدامات عديدة ومتنوعة للغاز، ما بين توليد الكهرباء وكلقيمات للتصنيع، أو للقطاع المنزلي (المساكن)، أو في قطاع النقل .. وقد لوحظ أن الإقبال الدولي على استخدام الغاز يتزايد من حين لآخر نظرا لكونه غير ملوث للبيئة بالشكل المناظر للوقود الأحفوري.

اليوم المملكة وفي ضوء المستجدات العالمية، لابد أن تختار ما بين التنمية والحفاظ على قدراتها التصنيعية، وبين متطلباتها الاستهلاكية الأخرى، بالشكل الذي يحفظ تنميتها المستدامة؟ فالحفاظ على البيئة يستدعي مزيدا من استخدام الغاز في توليد الكهرباء وكوقود للسيارات، وفي تعميم استخدام الغاز بالمنازل .. وأيضا يستدعي مزيدا من توجيه الغاز كلقيم للمصانع.. ولكن في نفس الوقت فإن الاستخدامات الثلاثة الأولى (الكهرباء والسيارات والمنازل) ستستقطع من الرابعة (استخدامه كلقيم للمصانع) .. بل إن الصناعة البتروكيماوية تتطلب في ضوء المنافسة الشرسة القادمة من الولايات المتحدة إلى مزيد من الأسعار التحفيزية للغاز المستخدم كلقيمات .. فرغم أن الكثير من الدول تعتبر هذه الاسعار التحفيزية نوعا من الإغراق، إلا أن الصناعة الكيماوية السعودية اليوم في حاجة إلى المزيد من هذا التحفيز السعري، وإلا فإن الصناعة السعودية (الواعدة) -سواء المقيمة بالمملكة أو خارجها - مهددة خلال السنوات المقبلة .. إن خيارات التنمية المستدامة السعودية اليوم باتت تضيق على أركانها، فالاستخراج المتسارع لابد أن يُدرس جديا حسب مجالات الاستغلال، فالنجاح ليس هو الوصول إلى أعماق بعيدة واستخراج كميات أكبر، ولكن النجاح الوصول إليه والحفاظ عليه كاحتياطيات مؤكدة للأجيال المستقبلية.

إن النجاح يفرض تصميم سياسات وتنظيميات مشددة على أي مجالات لاستهلاك الطاقة سواء النفط، أو الغاز، وخصوصا الغاز .. فالطرق البرية واتساع نطاقها، وقيام صناعات كبرى (صناعات النقل البري) عليها ونجاحها، إنما هو نجاح قائم على رخص أسعار الوقود بالمملكة عموما .. كذلك الحال، فإن أسعار السيارات وانتشارها بهذه الكثافة حتى بين العمالة اليدوية الوافدة ، إنما في حقيقته هو انتشار قائم على رخص أسعار الوقود عموما .. اليوم هناك استهلاك مفعم بالهدر في الغاز، حتى للاستخدام المنزلي، وهذا الهدر ناجم عن رخص أسعاره المحلية مقارنة بأي دولة أخرى.

بالتأكيد هذا الحديث لايقود بالضرورة الى ما يطرح كحل برفع أسعار الوقود التي قد لاتكون حلا واردا الآن حتى وإن دعمته النظرية الاقتصادية ... كما أن الحديث بتحريك التنمية المستدامة من «الاستغلال ذو الهدر» إلى «الاستغلال الصناعي» الذي يمثل مستقبل المملكة للأجيال المقبلة قد لايكون مطروحا في القريب المنظور حتى ولو تطابق مع المنطق الاقتصادي .. لكن المنطق لايمكن أن يتجاهل أيضا أن بوسعنا المبادرات بخطوات هامة تعزز الكفاءة من خلال الترشيد وطرح البرامج التي تعزز الوعي به وبآثاره الايجابية على الاستخدام الامثل للطاقة ... فاليوم لايمكن أن نتجاوز أسئلة هامة حول امكانية اكتشاف كميات أخرى من الغاز في المستقبل ، وبالتالي فإن الاحتياطيات المؤكدة حاليا (8016) بليون متر3 لابد من التفكير في استغلالها أفضل استغلال ممكن، ولابد من إيجاد التشريعات المناسبة لوقف أي مجال للهدر في استخدام الغاز، وخاصة أن صناعتنا الكيماوية التي هي تمثل صلب الصناعة السعودية حاليا، أحوج ما تكون إلى المزيد من التحفيز في أسعاره.

وكما هو معلوم فإن رفع كفاءة استخدام الوقود والطاقة عموما يجب أن يركز بكافة جوانبه على أن يصب في مصلحة دعم توجه رفع الكفاءة لتصب في مصلحة دعم الانتاج والصناعة والنشاط الاقتصادي، وبذلك يمكن المحافظة على التوجهات الرامية بتحفيز اللقيم والطاقة عموما من خلال توفير ما يهدر بثمن رخيص الى ما ينتج قيمة مضافة.

ان تقدير الشركات العاملة بالقطاع بأن رفع الاسعار سيؤثر بشكل بديهي على تنافسيتها يتطلب المزيد من النظر، لأن كل دراسات الجدوى وتوسعاتها وأساسيات تمويلها وهياكلها التنظيمية والادارية وتوسعاتها بنيت على اسعار لقيم مخفضة ولذلك لم تستعد الشركات لمرحلة ترتفع فيها أسعار اللقيم، ولذلك فإن اساسيات رفع السعر تتطلب تحديد عمر زمني طويل مع تعاون اكبر في مرحلة موازية لتقليل التكاليف بجوانب اخرى.

اما من وجهة نظر رسمية فإن هذه الطاقة تهدر بدون عائد على الخزينة بشكل كبير مما يتطلب وضع حلول أعمق مثل فكرة الشراكة بسابك بأن تكون صندوق الاستثمارات شريك بشركات استراتيجية بالصناعات البتروكيماوية، وكذلك التحويلية، وذلك لتعظيم العائد من أجل الحفاظ على الغاز بسعر تحفيزي رخيص ولكن العائد يتعاظم من جهة اخرى , وعليه فيجب التزاوج مابين فكرة المحافظة على لقيم منخفض، وكذلك رفع العائد للدولة وللمواطن بطرق مبتكرة لأن التنافسية العالمية لابد من المحافظة عليها في سوق لايراعي سوى معاييرها.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة