Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 14/04/2013 Issue 14808 14808 الأحد 04 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

توجيه لطيف، وتحذير عفيف، يصدر من قلب أبٍ وجلٍ على ابنه خائف عليه من كيد إخوته! وبرغم أن الصبي لم يقصص الرؤيا بيد أنه لم يسلم من الغيرة والحسد والكيد!

أتعجب كلما تأملتُ الآية الكريمة التي جسَّدت العلاقة المتوترة بين النبي يوسف عليه السلام وإخوته، وهو لم يكن سوى طفل، يرتع ويلعب فحسب!! فكيف وقد ارتقى سلالم السلطة حتى صار حاكماً لمصر آنذاك!

والعجب يتعاظم حينما أرى شقيقين وقد اشتركا في رحم واحدة، ورضعا من الثدي ذاته، وضمهما منزل واحد حتى تفرقا بجسديهما بسبب الزواج والإنجاب وهما على انسجام ووفاق، ثم ينشب بينهما خلاف على أمر دنيوي، منشؤه حسد أو غيرة أو استئثار بميراث، أو تسلُّط أحدهما على الآخر تقليلاً من شأنه واغتراراً بنفسه؛ ليتطور ويتحول لمكيدة، يبدؤها أحدهما، فيردها الآخر ثأراً، أو يضمرها في صدره حنقاً وغيظاً.. ولولا أن تحدَّث القرآن عن هابيل وقابيل، وأورد قصة النبي يوسف عليه السلام وإخوته، كدلائل على ضراوة عداوة الإخوان، لقلتُ إن تلك العداوة مخالفة للفطرة! ولكن شواهد الزمن تثبتها، وما يحصل في المحاكم يرسخها، وفي ذلك إشارة إلى تكرارها في كل زمان ومكان!

وفي السياق القرآني العجيب، وفي تلك الآيات تحديداً، لم يشأ الله - عز وجل - أن يُظهر الكمال في تصرفات الأنبياء ومشاعرهم - وهم المعصومون من الخطأ فيما يختص بالوحي والرسالة - كيلا يشعر أحد من البشر بعدهم بالمثالية والترفع عن الخطأ أو ممارسة الاعتداء!

ولو تمثل كل والد توجيهات النبي يعقوب عليه السلام وهو يرقب سلوك أبنائه وصراعاتهم لاستطاع باكراً تقليم أظافر الشر ما أمكن، برغم أنه عليه السلام كان رؤوفاً بأبنائه، مقدراً إنسانيتهم، حافظاً كرامتهم حينما عزا تصرفاتهم تجاه أخيهم إلى أنها من نزغات الشيطان كما ورد في قوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ).

ولا ننكر قط ما يمكن أن يُحدثه تفضيل أحد الأبناء على إخوته الآخرين من فُرقة وتناحر وتطاحن، كما لا نتجاهل ما يحركه صعود نجم أحدهم مع أفول نجوم الباقين من سبب للكراهية والحقد الدفين!

ولعل العلاج لمن ابتُلي بحسد إخوته وغيرتهم هو التقوى والصبر والإحسان؛ فهي السبيل لبلوغ رفعة الشأن، وعلو المقام في الدنيا والآخرة، وهو ما قاله يوسف لإخوته حينما رأوه وهو الحاكم المتفضل عليهم (إِنَّه مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّه لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)، مع طمأنته لهم بالعفو عنهم أمام إساءتهم له، وهو ما ينبغي أن يكون عليه صاحب الفضل والمروءة، وهنا يظهر التميز والتفوق على الذات!

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny

المنشود
(يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ)
رقية سليمان الهويريني

رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة