Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 17/04/2013 Issue 14811 14811 الاربعاء 07 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

تعرضت في الحلقة السابقة لانتقال الدولة في تعاملها مع التنمية الوطنية وسوق العمل السعودي من مرحلة ما يشبه التطبيق الرأسمالي لنظريات آدم سميث في الاقتصاد، ثم انتقالها بعد ثلاثة عقود إلى ما يشبه التطبيق الماركسي في تعضيد العمالة الوطنية ضد أرباب العمل.

هنالك قدحت شرارة السعودة في دماغ البيروقراطية السعودية، فتحولت من تدليع القطاع الخاص إلى محاولات إلزامه بالإحلال التدريجي للعمالة الوطنية محل الأجنبية، أي الانتقال إلى صف العمالة الوطنية ضد أرباب العمل، وهذا يعني (نوعاً ما) الانتقال من فكر آدم سميث إلى فكر كارل ماركس.

العمالة الأجنبية (هكذا يستنتج سلطان العامر) أصبحت تشعر فجأة بالتهديد، ولكنها أيضا ً تدرك قدرتها على المناورة بخبراتها العملية وتعرف مقدار الاعتماد التام عليها في كل البنى التحتية، ولن تكون مستعدة لمشاركة القادمين الجدد ( العمالة الوطنية ) في السوق التي تم تقاسمها واحتكارها منذ زمن طويل.

مالم يقله سلطان العامر، لأنه شديد التهذيب، سوف أقوله أنا بصراحة أكبر وتهذيب أقل.

تسليم مهام التنمية بتلك المواصفات للقطاع الخاص كان خطأً مرحلياً والاستمرار فيه بنفس المواصفات خطأ أكبر. الدولة مارست دور الراعي الأبوي على المواطن حين كانت الظروف تسمح لها بذلك، فقدمت المفهوم التقليدي في الإدارة والاقتصاد على مفهوم التربية المنهجية والتعويد على أخلاقيات العمل والإنتاج بشروط احتياجات وعلوم التنمية الوطنية الحقيقية. الآن شب المواطن عدديا وفكريا عن الطوق، لكنه ما زال أعزل من الخبرات والمهارات.

هل كان الصحفي الهندي المذكور في بداية المقال يدرك أبعاد المعادلة التي ذكرها كاتبنا السعودي عن نتائج التقلبات المرحلية في السوق السعودي؟. أعتقد ذلك لأن الاثنين يفكران بمنطق العلم والاستنتاج المعرفي. سوف يظل الكاتب الهندي على حق ما دام القطاع الخاص عندنا يعمل بنفس المواصفات التشاركية المصلحية مع العمالة المستقدمة، ولو أنه أيضاً بدوره سـوف ينهار خلال العقد القادم، لأن دول العمالة الرخيصة تتطور إلى مناطق جذب لعمالتها الوطنية بسبب تقدمها السريع في كل مجالات الإنتاج.

الخلاصة : نحن الآن في ورطة حقيقية باعتمادنا الكامل على العنصر البشري المستقدم. مفاصلناكلها، من المنزل والمدرسة إلى البيع والشراء والخبز والماء والكهرباء والتمريض والطبابة، كلها وغيرها في قبضة العنصر المستقدم. أصبحنا مرتهنين معيشيا ً وحياتيا منذ تجاهلنا حقيقة أن مصالح الكبار في القطاع الخاص لا تتماهى دائما بالضرورة في كل التفاصيل مع المصالح الوطنية.

المطلوب الآن وبإلحاح ودون الالتفات إلى الخلف واليمين واليسار، أن يعاد النظر في كامل هيكل التنمية الوطنية من الرأس إلى القدم ومحاولة إصلاحه بالربط المشروط بين الاقتصاد والتطور العلمي والتقني والحقوقي للمواطن السعودي أولا وقبل كل شيء.

هكذا سوف يتباطأ الاقتصاد مؤقتا، لكنه سوف يتعافى ويعود لأهله. سوف يهدد بعض المستثمرين بمغادرة السوق السعودية، لكنهم يكذبون ويحاولون الابتزاز. أين السوق التي سوف يلعبون فيها على كيفهم ؟. كل الأسواق في الخارج أصبحت إما غير مضمونة أمنياً وحقوقياً، أو متخمة تماما ً. لم يعد المناخ الاستثماري في الخارج يقدم بديلاً مشجعاً للسوق الاقتصادي السعودي بإمكانيته الواسعة.

أمامنا التجربة السنغافورية والماليزية والتركية في التنمية الوطنية للاقتداء بها، ودعوا عنا العمليات التجميلية بالقص واللزق والترقيع مثلما هو حاصل عندنا وفي كل دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها الفقاعة الترفيهية الكبرى المعروفة للجميع.

إلى الأمام
بدأت مواجهة الفاتورة الحقيقية (2 من 2 )
د. جاسر عبدالله الحربش

د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة