Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 19/04/2013 Issue 14813 14813 الجمعة 09 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

مما لاشك فيه أن الأمم لا تُقَوَّم بالنظر إلى حاضرها فقط، وما وصلت إليه من تقدم ورقي وتطور، أو بعكس ذلك، بل لا بد من النظر إلى ماضيها وتاريخها القديم؛ لأن الحاضر لكل أمة ينبني على الماضي، فكلما كانت الأمة عريقة في ماضيها وحضارتها، وثقافتها وتراثها، ضاربة بعروقها في أعماق التاريخ كان حاضرها قوياً؛ لأنه مبني على أساس متين، وإن حصلت لها بعض الهزات، أو تخلفت عن ركب الحضارة.

ومن هنا نجد الأمم والدول تحرص كل الحرص على حفظ تاريخها وتدوينه، وتدريسه لأبنائها، والعمل على حفظ تراثها، والدفاع عن آثارها، واعتبارها ثروة قومية، لا يجوز بيعها، وإقامة المتاحف الضخمة لعرضها، إلى غير ذلك من أوجه المحافظة على التاريخ، والاعتزاز بتراث الحضارة العريق.

وإذا نظرنا إلى المملكة العربية السعودية وجدنا حضارتها ضاربة في أعمال التاريخ، سواء في التاريخ الإسلامي، أو التاريخ العربي اللذين تنتمي إليهما المملكة، أما التاريخ الإسلامي فهو يمتد أربعة عشر قرناً ونصفاً، شهدت فيها الحضارة الإسلامية تطوراً لم يشهد له التاريخ مثيلاً، لا أتحدث هنا عن الناحية الدينية؛ لأننا نعتقد جازمين أن الدين الإسلامي هو الدين المرتضى عند الله، وأن الله لا يقبل ديناً غيره، كما صرحت بذلك النصوص من كتاب الله -تعالى- وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

لكنني أتحدث عن الجوانب الحضارية الأخرى، والتقدم العلمي في جميع المجالات، كالطب، والهندسة، والجبر، والفلسفة، والمنطق، وعلوم اللغة، وعلوم العمارة، وغير ذلك. مما عادت فوائده ومنافعه على البشرية جمعاء في مشارق الأرض ومغاربها، كما تشهد به المآثر الباقية، والآثار الشاخصة، وكما يشهد بذلك المنصفون من مؤرخي الأمم الأخرى شرقاً وغرباً.

وكانت المملكة العربية السعودية في القلب من ذلك؛ لأنها مهد العربية، ومنبع الرسالة الإسلامية الخاتمة، من أجل ذلك كله، حوت المملكة في جوانبها الفسيحة ميراث الأمة الإسلامية، وتراثها وحضارتها، فكانت بذلك أنموذجاً، وصورة حقيقة للحضارتين الإسلامية والعربية، اللتين انتشرتا في مشارق الأرض ومغاربها.

ومن هنا اتجهت همة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- إلى العمل الجاد المبني على أسس علمية راسخة، على المحافظة على تراث المملكة العربية السعودية، وجمعه، والتعريف به، وبيان عراقة المملكة حضارياً، وثقافياً، وعلمياً، من خلال مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث، وقد نجح في ذلك -حفظه الله- نجاحاً باهراً، ولا عجب في ذلك، فهو الرجل العارف بحقيقة تراث المملكة، وتاريخها، وأدبها، وثقافتها، منذ نعومة أظفارها، يؤازره في هذا المجال العظيم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله -حفظه الله-.

وبعد نجاح هذا الطور، وهو المحافظة على ثقافة المملكة، ونشره على المستوى المحلي -انتقل العمل إلى الطور الثاني من أطوار المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وهو طور نشر ثقافة المملكة في محيطها العربي والإسلامي، من خلال خطة علمية شاملة، تضمنت مما تضمنه دعوة مفكرين، وعلماء، وكتّاب، وأدباء، من جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، وبعد نجاح هذا الطور جاء الطور الثالث، وهو الطور العالمي، فاتجهت همة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- إلى جعل تراث المملكة، وثقافتها، وحضارتها، في الواجهة العالمية، وهو بذلك يحقق هدفاً كبيراً، وهو تعريف العالم من خلال المملكة بتراث العالم العربي، والإسلامي، وإبراز محاسن الدين الإسلامي، وإسهاماته العظيمة، في الرقي بالحضارة العربية بخاصة، وبالحضارة الإنسانية، بعامة في جميع المجالات.

وبذلك لم يصبح المهرجان الوطني للتراث والثقافة مهرجاناً محلياً، ولا مهرجاناً عربياً فقط، بل أصبح مهرجاناً عالمياً، يدعى إليه المفكرون، والأدباء، والعلماء، والكتاب، والباحثون، في جميع التخصصات، من جميع أنحاء العالم، فأصبح بذلك من المهرجانات الثقافية العالمية التي يترقبها المهتمون والمتخصصون في الشؤون الثقافية والتراثية والتاريخية من جميع أنحاء العالم.

نسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين، ويلبسه ثوب الصحة والعافية، ويجزل له الأجر والمثوبة على جهوده المباركة في المحافظة على مقدسات الأمة، وتراثها، وحضارتها.

alomari1420@yahoo.com

مهرجان الجنادرية: من المحلية إلى العالمية
سلمان بن محمد العُمري

سلمان بن محمد العُمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة