Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 19/04/2013 Issue 14813 14813 الجمعة 09 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الريـاضيـة

«الجزيرة» تستطلع آراء الأكاديميين والرياضيين والإعلاميين حول غياب المسؤولية الاجتماعية عن المجتمع الرياضي
«النشاط الأهم»..خارج الاهتمامات الرياضية

رجوع

«النشاط الأهم»..خارج الاهتمامات الرياضية

Previous

Next

تحقيق واستطلاع - خالد الدوس:

** عندما نتحدث عن واقع ومستقبل المسئولية الاجتماعية, والتي تعني: «المشاركة في الأعمال الخيرية والإنسانية والمجالات التطوعية والتعاونية».. نجد أن العمل بمفهوم هذه الثقافة الواعية في مجتمعنا الرياضي تحديداً بعيد عن التطبيق الجدي, والممارسة الأخلاقية والإسهام السوسيولوجي في دعم الهموم والقضايا المجتمعية من خلال تفعيل البرامج والفعاليات والنشاطات المختلفة ذات العلاقة بالعمل الخيري والتطوعي, وحثّ الأفراد أو الأندية على المشاركة بوعي في تلك الاتجاهات التكاملية, والنشاطات التكافلية بما يحقق أهدافها السامية وغاياتها النبيلة, في الوقت الذي نشاهد فيه نجوماً وأندية رياضية في (الغرب) تُهرول في مضمار العمل بمفهوم وثقافة المسؤولية الاجتماعية بكل لياقة تفاعلية, وروح عطائية وثابة فتحوّل هذا النشاط الأخلاقي بمبادراتهم النبيلة من سلوك تطوعي إلى عمل إلزامي - (كيميائياً وميكانيكياً) نابع من حس إنساني, ووعي مجتمعي, ويقظة الضمير, تعكس البعد العميق لهذا المفهوم الحضاري, وأهميته المعيارية.

** «الجزيرة» استطلعت آراء الأكاديميين والرياضيين والإعلاميين حول غياب «المسئولية الاجتماعية» عن مجتمعنا الرياضي وخرجت بالتحقيق التالي:

تفعيل الدور الاجتماعي

في البداية تحدث رئيس النادي الأهلي - سابقاً - وعضو شرفه الحالي البروفيسور (عبد الرزاق أبو داوود) قائلاً: إن غياب المسؤولية الاجتماعية ليس شاملاً ونهائياً ولكن بعض الأنشطة الرياضية وغيرها في الأندية هي ذات طابع اجتماعي من حيث جوهرها وأبعادها أو أهدافها, ولكنها تبدو بعيدة عن التغطية الإعلامية الهائلة التي تحظى بها الأنشطة الرياضية للأندية السعودية، ومنها زيارة مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة والمشاركة في بعض الأنشطة الاجتماعية لبعض المراكز المجتمعة.

وأضاف: يُمكن البدء في تبني مفهوم المسئولية الاجتماعية بصورة أكثر عمقاً ووعياً وتحقيق أهدافها السامية من خلال التوعية والتثقيف والنهوض بقالبها التنويري داخل الوسط الرياضي.. مشيراً إلى أنه لا سبيل إلى تفعيل هذا الدور الاجتماعي المطلوب للأندية وللرياضيين والاستشعار بهذا المفهوم الإنساني النبيل إلا من خلال التوعية ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية بين الأندية وعامة الرياضيين كالتزام أخلاقي ينطلق من حسّ إنساني وسلوك حضاري للواجب الشخصي والاجتماعي، كما يحدث في المجتمعات الغربية بما يحقق قدراً من التكامل والتكافل الاجتماعي.

غياب تبني القيم

ويرى البروفيسور الرياضي (عبد العزيز المصطفى) أستاذ التربية البدنية بجامعة الدمام أن مصطلح المسؤولية الاجتماعية من المصطلحات اللغوية السائدة الاستعمال, نظراً لارتباطها بالعرف الاجتماعي والعلاقات الإنسانية في المجتمعات الإسلامية, أي أنها تعني المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية ودعم المشاريع الإنسانية والجمعيات الخيرية وغيرها من الأعمال التي ترتبط بالثواب سواء كان ذلك بصورة فردية أو مؤسسات, مشيراً إلى أن غياب ثقافة المسؤولية الاجتماعية في المجتمع الرياضي تحديداً يكشف مدى عمق الأزمة تجاه هذه القضية المجتمعية الهامة، مشدداً على أن الأندية الرياضية لا تتبنى القيم الاجتماعية والأخلاقية مؤكداً أن الإعلام الرياضي ساهم في غياب هذه الثقافة المجتمعية, من خلال ضعف الدور التنويري وتشجيع الأندية وتنمية الوعي الإنساني في المجتمع الرياضي, وتشجيع اللاعبين أيضاً على المشاركة في الأعمال التطوعية ودعم المشروعات الخيرية ضمن الإطار الرياضي والاجتماعي كما يفعل نجوم الكرة الأفارقة مثل دروجبا, وإيتو, وكانو، وغيرهم من نجوم الكرة الذين يكرّسون عمقهم الإنساني ووعيهم المجتمعي من خلال دعمهم للأعمال الخيرية في أوطانهم، انطلاقاً من يقظة الضمير وحسّه الاجتماعي.

وأكد البروفيسور المصطفى أن موضوع المقارنة بين اللاعب السعودي واللاعب الأجنبي، موضوع جدلي عقيم, باعتبار أن الفروق بينهم كبيرة جداً, وكذلك نوعية الأندية الرياضية في أوروبا والبرازيل واليابان, فعلى الرغم من الدعم الكبير لبعض الأندية الرياضية السعودية وعوائدها الاستثمارية, إلا أنها لم ُتفعّل مسؤوليتها الاجتماعية وخدمة الأعمال الخيرية كما ينبغي، فمثلاً نادي برشلونة الإسباني خصص 7 % من عوائده السنوية دعماً لذلك الاتجاه الإنساني, مبيناً أن الأعمال الخيرية والتطوعية في الأندية مهمة جداً, وهي تعكس دورها الاجتماعي, وتفعيله أمر مطلوب في الأندية ويمكن أن تفعّل عبر الزيارات للجمعيات الخيرية وجمعيات الإعاقة والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني... إلخ شريطة أن يساهم الإعلام الرياضي في تبني حملة تنويرية تعزز من عمق هذه الثقافة المجتمعية المغّيبة!!.

ثقافة مجتمعية

أما البروفيسور(عبد العزيز العبد الجبار) عضو الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة وأستاذ التربية الخاصة بجامعة الملك سعود، فيشير قائلاً: المسئولية الاجتماعية ضرورة للمجتمعات فكيف بمجتمع مسلم وهي هامة جداً في جميع جوانب حياة الناس سواء في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وكذلك الرياضية, وقد تتمثّل في تحمُّل القادرين من المجتمع ومؤسساته سواء الحكومية أو الخاصة لكثير من الأعباء سواء كانت دعماً مالياً أو معنوياً, وقد قال الحبيب المصطفى عليه السلام: (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وهو على كل حال سلوك تطوعي من الصعوبة بمكان أن يكون عملاً إلزامياً فهو في صفات المسلم الحق, وأضاف: الملاحظ فقدان المسؤولية الاجتماعية بشكل كبير في الجوانب الرياضية بالمملكة سواء من قبل الأفراد أو الأندية الرياضية, مشيراً إلى أن المسئولية الاجتماعية في (الغرب) يُشارك فيها أعداد هائلة من المواطنين ومن المؤسسات وشركات القطاع الخاص فمثلاً في سويسرا أظهرت الإحصاءات عام 2000 وعام 2004 م أن قرابة 1.5 مليون من الرجال والنساء يقومون بعمل تطوعي «مؤسساتي» والجانب الرياضي يُمثل العدد الأكثر حيث أظهرت الإحصاءات أن غالبية المتطوعين من الرجال ينشطون ضمن الجمعيات الرياضية (12%) تليها الجمعيات الثقافية 6,2% وجمعيات الدفاع عن المصالح 5,8% ثم بالأحزاب السياسية 3%, وفي أمريكا نادي (نسور فيلادليفيا) لكرة القدم يتزعم حملة بيئة تهدف إلى توفير البيئة المجتمعية النظيفة للمواطنين في ولاية فيلادليفيا ضمن مسؤوليته الاجتماعية.

ومضى البروفيسور العبد الجبار قائلاً: إن المسئولية الاجتماعية ليست مفقودة فقط بالوسط الرياضي, بل للأسف الشديد مفقودة في كثير من المؤسسات والشركات وهي بالأساس تقوم على الوعي المجتمعي, موضحاً أن الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة لديه 15 مركزاً في مدن المملكة ويدعم دعماً سخياً من قبل الدولة وبحاجة لدعم إضافي, ومعظم اتحادات ذوي الاحتياجات الخاصة في دول غربية تدعم من قبل القطاع الخاص والموسرين.. رغم فوز هذا الاتحاد ببطولة كأس العالم مرتين لم يتلق الدعم المناسب سوى دعم الدولة فقط,!! مطالباً أن تتغير ثقافة المجتمع وتسلك الطريق الإسلامي الصحيح الذي يدعو إلى التعاون والتكاتف والتكافل الاجتماعي.

تنشيط البرامج الاجتماعية

ويلتقط الدكتور ( فهد العليان) المشرف العام على المسؤولية الاجتماعية بنادي الشباب .. خيط الحديث قائلاً: يتفق الجميع على أن الأندية يقع عليها دور رئيس في دعم برامج وأنشطة المسؤولية الاجتماعية حيث إن الأهداف الرئيسة - بحسب اللوائح التي تنظم أعمالها - تعطي الجوانب الاجتماعية اهتماماً بارزاً يرمي إلى تنشيط برامج المسئولية الاجتماعية, ومن هنا تبرز أهمية قيام الأندية الرياضية بدورها في المجال الاجتماعي والثقافي والعلمي، وهو ما يضع القائمين على هذه الأندية الرياضية أمام المسئولية الاجتماعية لدعم وتنشيط برامجها الحيوية, وذلك من خلال تبني الخطط وإستراتيجيات ثقافية تستثمر الإمكانات التي وفرتها الدولة في الأندية من جهة.. وتعمل على استثمار وتطوير مواهب وإمكانات الشباب السعودي من جهة أخرى.

وأردف قائلاً: إن الأندية الرياضية لا تزال مقصرة في هذا الجانب، مشيراً إلى أن الأندية عليها مسؤولية تأسيس إدارات المسؤولية الاجتماعية، ترصد لها الميزانيات لتنطلق في أعمالها, بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للقطاع الخاص والشركات للمساهمة في الأعمال الإنسانية التي من شأنها أن تجعل الأندية الرياضية محل تقدير من أفراد المجتمع في جانب المسؤولية الاجتماعية, مبيناً أن ديننا الحنيف حثّنا على التعاون والتعاضد والتكاتف, ومن هنا فإن التنشئة منذ الصغر وزرع هذه الثقافة الواعية لدى الناشئة، يُعد عاملاً رئيساً في جعل المسئولية الاجتماعية ثقافة ممارسة يشعر بها الجميع.. مشدداً على دور وزارة التربية والتعليم عبر مناهجها التعليمية وضرورة تقديم الدورات العلمية المتخصصة لمنسوبي الأندية واللاعبين في مختلف فئاتها السنية, والتركيز على الناشئين لتكوين المنطلق في زرع ثقافة المسؤولية الاجتماعية وأهمية تقديم الجوائز المحفزة للاعبين والأندية والرياضيين بشكل عام، سيسهم ذلك في بناء ثقافة المسئولية الاجتماعية في مجتمعنا الرياضي تحديداً.

خصوبة المجال الرياضي

ويقول د. تركي العتيبي خبير التدريب والاستشارات التنظيمية والإدارية ومهتم ببرامج المسئولية الاجتماعية بمعهد الإدارة العامة: في البداية لا بد من التأكد على أن المسؤولية الاجتماعية تبدأ من الاستشعار الأخلاقي بهذا المفهوم الإنساني النبيل من خلال التعامل الفعلي مع المجتمع في الأنشطة الخدمية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، وليست شعارات أو صدقات تقدمها المؤسسات من أرباحها المالية أو تبرعات من زكاتها، ويساهم تبني مفهوم المسؤولية الاجتماعية في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع من خلال تفعيل البرامج والفعاليات المختلفة ذات العلاقة بالعمل الخيري والتطوعي، وحثّ الأفراد على المشاركة الفاعلة في تلك الفعاليات, وتنمية قدراتهم ومهاراتهم التطوعية لتحقيق الأهداف السامية لتلك البرامج.

وزاد قائلاً: إن أحد أسباب غياب هذا المفهوم عن التطبيق في المجتمع الرياضي كون مفهوم المسؤولية الاجتماعية حتى الآن لم يتبلور بشكل كامل لدى الكثير من المهتمين به وذوي العلاقة ليس في المجتمع الرياضي فقط، بل في كل المجالات, والسبب الثاني أن رعاية الشباب في كثير من نشاطاتها إن لم يكن جميعها..!! تهتم بالمنافسات الرياضية وغاب عن برامجها ما يختص بالشأن الشبابي وما يتطلبه في برامج توعوية أو تنموية أو فكرية, أما السبب الثالث فهو اهتمام وسائل إعلام مختلفة في كثير من القضايا التفصيلية والجدلية - أحياناً - وتناسوا واجبهم الأخلاقي التوعوي واكتفوا ببعض الإشارات البسيطة من هنا أو هناك, ولم تفرد له صفحات والبرامج كما يحدث عن فوز أو خسارة الفرق الرياضية..!!.

وشدد الدكتور العتيبي على أن المجال الرياضي تحديداً يُعد مجالاً خصباً لكثير من الأعمال الخيرية والاجتماعية وذلك بسبب تنوع الأفكار والنشاطات والفعاليات الاجتماعية التي من الممكن تبنيها لكون الفئة المهتمة بالشأن الرياضي تُمثّل نسبة عالية من التركيبة السكانية، مؤكداً أن هذه الأعمال ولكي ترى النور وتحقق الفائدة المرجوة منها لا بد من أن تتضافر الجهود من عدة جهات، مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب, والمؤسسات الاجتماعية, والأندية الرياضية, والمؤسسات التعليمية, والقطاع الخاص, وذلك لعمل شراكه وطنية اجتماعية والتركيز على عدة نقاط، وأهمها أن تقوم إدارات الأندية من خلال إنشاء إدارة تهتم بالمسئولية الاجتماعية، تقوم بتفعيل الجانب الخيري والرسالة الاجتماعية للنادي بشكل أكبر, وحثّ نجوم الفريق على القيام بأدوارهم بما يخدم المجتمع من خلال تنظيم مجموعة من البرامج والفعاليات والنشاطات, وأن يتم تنفيذ ورش عمل أو ملتقيات أو ندوات على مدار العام تنادي بتأصيل وتفصيل العمل التطوعي والاجتماعي وتكريس مفهومه ليصبح سلوكاً إيجابياً ملموساً ومعتاداً.

) الفوضوية الإعلامية

أما الكاتب الرياضي المعروف الأستاذ (عبد الله العجلان)، مدير مركز الأمير سلمان لرعاية الأطفال المعاقين بحائل، فيؤكد أن غياب ثقافة المسؤولية الاجتماعية عن الوسط الرياضي (نتاج طبيعي)..!! لأن الوسط الرياضي - مع الأسف - أصبح مرتعاً للإثارة والتعصب والاحتقان والغوغائية والكره، وأصبح همّ الإعلام الرياضي - في بعض أطروحاته - نشر الإساءة والانحدار في لغته المهنية الهابطة وتجاوزات تصل حد القذف والكراهية والإقصاء على حساب القيم والمبادئ والرسالة الإعلامية السامية، مبيناً أن المسئولية الاجتماعية ومكوناتها الثرية صارت (ضحية) لهذه الإرهاصات المهنية والإسقاطات الإعلامية التي عمّت الفوضى ممارساتها وتجاوزاتها غير الأخلاقية, وشدد العجلان قائلاً: إن الأندية الرياضية التي تحمل الشعار «ثقافي - اجتماعي - رياضي» كانت في السابق تقدم إسهامات مجتمعية تتمثّل في إقامة الندوات العلمية وتنظيم الملتقيات الثقافية والدينية، فضلاً عن إسهامات اجتماعية وتطوعية أخرى تصب في خدمة المجتمع, مؤكداً أن تأسيس هذا المفهوم المجتمعي (المسئولية الاجتماعية) في الوسط الرياضي.. يتطلب أولاً تفعيل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأسرة - المؤسسات التعليمية - المؤسسات الدينية - الطبقة المثقفة - وسائل الإعلام)... إلخ, للنهوض بقالبها التنويري, وتأصيل هذا المفهوم المجتمعي, وثانياً أن تتضمن عقود احتراف اللاعبين الإشارة إلى ضرورة الالتزام في المساهمة في برامج المسؤولية الاجتماعية بشكل إلزامي بما لا يخل بعمله الرياضي داخل النادي, بالإضافة إلى تحفيز وتشجيع اللاعبين بالأندية على المشاركة في الأعمال التطوعية أو الخيرية, والإسهام في دعم العمل الاجتماعي وهمومه، انطلاقاً من أن الدين الإسلامي دين تكافلي.

دين التكافل الاجتماعي

وينطلق المدرب الوطني القدير الدكتور (عبد العزيز الخالد) من زاوية أخرى قائلاً: إن المسئولية الاجتماعية التي تعني رغبة الإنسان بتقديم الأعمال الخيرية والتطوعية والالتزام بتقديم هذه الخدمات بكل تجرد ورغبة صادقة مع تحمل كافة النتائج من قرارات واختيارات إيجابية كانت أم سلبية أمام الله عز وجل, ومن ثم المجتمع، تنبثق من استشعار أخلاقي وحسّ إنساني متأصل في الوجدان، وأضاف أن ديننا الحنيف حثّ على التكافل الاجتماعي ومساعدة الغير والوقوف معهم، ويتجلى ذلك في كثير من الآيات والأحاديث النبوية, مشدداً على أن المسئولية الاجتماعية هي جزء من المسئولية العامة, وأكد (الخالد) أن ممارسة المسئولية الاجتماعية لدى الشباب - من وجهة نظره - من المتطلبات الهامة في المجتمع الرياضي ولكن ما زال العمل بهذا المفهوم الإنساني بعيداً عن التطبيق, مبيناً أن هناك بعض الاجتهادات الفردية والمبادرات البسيطة التي تقدمها بعض الأندية لكنها على حياء!! منوهاً أن غياب هذه الثقافة المجتمعية في وسطنا الرياضي تحديداً، بسبب عدم تسليط الضوء على فعاليتها وأهميتها من قِبل الإعلام الرياضي, وانصرافه إلى الاهتمام بالمنافسة الرياضية، وما أفرزه إعلامنا الرياضي من ممارسات مناهضة للقيم تمخض عنها التعصب والاحتقان والغوغائية والكره على حساب إهمال الرسالة الإعلامية السامية وأهدافها النبيلة, وأوضح أن غياب التربويين عن الأندية وعدم الاهتمام بمواضيع التطوع ومساعدة الغير في مناهج ومناشط التربية والتعليم والجامعات وعدم العمل على ترسيخ هذا المفهوم الإنساني وغرس بذوره في سلوك ووعي الطفل عبر بوابة مؤسسات التنشئة الاجتماعية غيّب هذه الثقافة عن وسطنا الرياضي, مشيراً إلى أن هناك نجوماً وأندية عالمية يهرولون في مضمار العمل بمفهوم المسئولية الاجتماعية، فتحوّل هذا النشاط الأخلاقي من سلوك تطوعي إلى عمل إلزامي نابع من حسّ إنساني, وعمق وطني، مشدداً على أن اللاعب السعودي أولى بهذا الاهتمام السلوكي.

واقترح الدكتور (الخالد) تشكيل لجنة تطوعية ذات مسئولية محدودة تتبنى هذا العمل الحضاري وأخذ الموافقة الرسمية عليها من قِبل سمو الرئيس العام يكون لها أعضاء وآلية عمل واضحة ونظام ولوائح تُعتمد تأخذ على عاتقها تكريس هذا المفهوم المغيب..!! متمنياً أن تساهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة في صيانة وصياغة واقع وعمل المسئولية الاجتماعية لتصبح ثقافة مجتمعية ليست فقط في النشاط الرياضي، وإنما في كل مناشط مؤسسات المجتمع المدني الحكومية والشركات، كما يحدث في المجتمعات المتقدمة.

نموذجية الهلال

ويدلي الأستاذ (عائض الحربي) رئيس القسم الرياضي بجريدة الرياض بدلوه قائلاً: مع الأسف أن المسئولية الاجتماعية ومناشطها غائبة تماماً عن المشهد الرياضي إما بفعل فاعل..!! أو بعدم وضوح هذا المفهوم الجلي, لكنني بدأت أسحب هذا الرأي تماماً بعد أن شاهدت أيضاً خلال الفترة القليلة الماضية حرص (بعض) الأندية والنجوم على التواجد في ساحة العمل التطوعي والخيري بعد ما شاهدت أيضاً الأندية الكبيرة بدأت تحرص على التواجد من خلال إدارتها, وزاد أن نادي الهلال يُعتبر نموذجاً رائعاً عندما أسس إدارة للمسئولية الاجتماعية, وتولي الأستاذ (سعود السبيعي) سدة هذه الإدارة, كما أن نادي الشباب كان سبّاقاً في هذا المجال ومثله النادي الأهلي وحتى المنتخب الأول، وإن كانت محاولاته خجولة في هذا المضمارالتطوعي..!! إضافة إلى مبادرة النجوم بعد أن شاهدنا تنافساً إيجابياً منهم، أمثال ياسر القحطاني ومحمد الشلهوب وأحمد الفريدي، وكان قد سبقهم نجوم كبار أيضاً أمثال نواف التمياط, وتنمى (الحربي) أن تُقتطع نسبة من عقد كل لاعب ولو كان نزراً يسيراً، ويعلن أن هذا المبلغ مخصص مثلاً لدعم أنشطة الجمعيات المختلفة وهذا من باب قوله تعالى: إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ .

واختتم الحربي حديثه قائلاً: إذا كان الرياضيون في الغرب.. يحرصون على تدعيم المسئولية الاجتماعية فنحن أولى بهذه الثقافة إذ إن ديننا ثم عاداتنا تحثنا على المشاركة الفاعلة بين أفراد المجتمع, مبيناً أن إقامة الدورات التوعوية وورش العمل التنويرية أثناء معسكرات الأندية والمنتخبات، خصوصاً المنتخبات السنية.. يوسّع من دائرة الاستشعار الأخلاقي بهذا المفهوم الإنساني النبيل وتأصيله.

دعم البرامج الاجتماعية

من جهته قال مدير عام القنوات الرياضية الدكتور محمد باريان إن المسئولية الاجتماعية تُعد ركيزة أساسية في نجاح أي عمل يُلامس المجتمع والجماعة، وديننا الحنيف ينادي بأهمية التعاطي والتعاون في هذا الجانب والتفاعل مع القضايا الاجتماعية، ولا شك أن هناك العديد من المؤسسات الرياضية لها اليد الطولى في معالجه الكثير من الإشكالات التي يعاني منها المجتمع، فالأندية الرياضية ووسائل الإعلام الرياضي بمختلف جوانبه يدخلون ضمن المركبة وتختلف المداخيل التنظيرية في هذا الجانب باختلاف الجوانب الفكرية التي تنطلق منها الاتجاهات التي تُطرح.. وسأتحدث عن القنوات الرياضية بحكم تواجدي بها، وأعترف أن هناك تقصيراً في هذا الجانب, ولكن أحب أن أؤكد أنه منذ أن صدر قرار تكليفي بإدارة القنوات الرياضية كان الهاجس الأول أمامي الجوانب التي تخدم المجتمع والشباب باعتبار أن هذين الجانبين هما الأساس في البناء والنهوض ورسمنا إستراتيجيات عديدة لتفعيلها على أرض الواقع وتم الاستعانة بالعديد من الخبراء في مجال الشباب والمختصين في الدراسات الاجتماعية لوضع برامج تخدم شريحة الشباب وتُعالج القضايا الاجتماعية.. ولا شك أن المسئولية الاجتماعية هي من أكثر الأشياء التي نادى بها ديننا بالتكافل والمساعدة ورغم القصور في البرامج الاجتماعية بالأندية، إلا أننا نشاهد في (الغرب) اهتماماً كبيراً سواء من الأندية أو اللاعبين.. فمثلاً نادي برشلونة خصص نسبة كبيرة من مداخيله لدعم الجوانب الاجتماعية والتطوعية, أيضاً هناك لاعبون مشهورون يدعمون هذا الاتجاه الإنساني النبيل.. كـ دروجبا والنجم الشهير ميسي وبيكهام وايتو والنجم النيجيري (كانو) الذي تعرض إلى أزمة قلبية ونجا منها بأعجوبة وقرر إنشاء مستشفى خاص بالقلب في موطنه, وهذا ينم عن وعي مجتمعي وحسّ إنساني عميق حول المسؤولية الاجتماعية.

تنمية العمل التطوعي

ويرى الكاتب في الشأن الاجتماعي والرياضي الدكتور (صالح الحمادي) أن غياب المسئولية الاجتماعية في وسطنا الرياضي طبيعي جداً، لأن البعض مشغول بمبدأ الفوز والخسارة والتفكير محصور في جلد منفوخ, وبالتالي لا نستغرب ذلك القصور وذلك الغياب..!! وأضاف من المفترض تطوير العمل الاجتماعي وتنميته من خلال الأندية ذاتها لجعل اللاعب وعضو الشرف المقتدرين يملكون قليلاً للمساعدة ولا يكفي أن تساعد الضعفاء والمحتاجين، بل أن تعودهم بعد المساعدة, فالوسط الرياضي وهو جزء من المجتمع إذا لم يستطع مساعدة المحتاجين، فغاية الحياة الإنسانية خدمة الآخرين ومساعدتهم.

وأكد أنه من المؤسف أن الغرب يهتم بالجوانب الإنسانية ويهتم بثقافة العمل الاجتماعي أكثر من عالمنا العربي..!! مشيراً إلى أن التدين الصادق مرتبط بمساعدة الناس الضعفاء وأن الصلاة دون عون الأيتام والفقراء تُعد رياءً مفضوحاً!!! وأوضح أنه بالإمكان جعل العمل الاجتماعي في الأساس أكثر عمقاً في المجتمع, وأن العودة لكتاب الله، وفي الحديث النبوي ما يحث على العمل الخيري: (خير الناس من ينفع الناس)، مشدداً على أنه يُمكن مواجهة تبلد المشاعر الإنسانية بتعاليم الإسلام التي توقظ دوافع الخير في مجتمع يعاني من ترهل البطون وتجلد المشاعر الإنسانية ويستطيع أن يقدم الولائم لسبب وبدون سبب..! أما مساعدة المحتاجين ومعالجة المرض ودعم الجمعيات الخيرية فدون ذلك خرط القتاد..!!!.

تحقيق الترابط الاجتماعي

وكشف المحرر الرياضي في صحيفة الرياضية الأستاذ (عبد المحسن الحجلان) أنه من واقع ومستقبل المسئولية الاجتماعية في مجتمعنا الرياضي أنها بعيدة عن التطبيق والممارسة والإسهام في دعم الهموم والقضايا المجتمعية, مؤكداً أن التكافل الاجتماعي هو جزء من مسئولية الأندية المتواجد على بوابتها لوحة مكتوب على صدرها ثلاثة متغيرات «رياضي - اجتماعي - ثقافي», ومن هذا المنطلق فإن المسئولية الاجتماعية تُعد إحدى المرتكزات التي تقوم عليها الأندية في نسق عملها، وبالتالي فإن هذا الجانب يمثل أهمية ربما تفوق الرياضي والثقافي, لأن الترابط الاجتماعي يتحقق من عدة مؤسسات.. والأندية الرياضية أهمها، عطفاً على ما تقدمه من برامج متنوعة يجني المجتمع بطريقة أو بأخرى معطياتها وديننا الحنيف حثّ على التكافل الاجتماعي الذي من شأنه سد العديد من الإشكالات التي يعيشها الكثير ومن خلال التكافل يُمكن علاج نواحي القصور والهموم.. وباختصار شديد الأندية الرياضية أفضل مساحة لتفعيل مثل هذه الجوانب الإنسانية والتطوعية.

خدمة المجتمع

ويعترف الأستاذ (سعود السبيعي) مدير إدارة المسئولية الاجتماعية بنادي الهلال قائلاً: إذا كانت المسئولية الاجتماعية شبه غائبة عن المجتمع الرياضي، فإن نادي الهلال هو السبّاق في الوطن العربي لتأسيس إدارة تُعنى بالمسئولية الاجتماعية وتقدم برامج عالمية وعالية في العمل الاجتماعي, مؤكداً أن لدى الهلال 12 برنامجاً متنوعاً تخدم المجتمع حتى أصبح الهلال واجهة للجامعات السعودية ويحتضن طلبة الخدمة الاجتماعية, ويُؤسس كرسي بحث رياضي وتُحضّر بين أروقته رسائل الماجستير ويطبق معايير المسئولية الاجتماعية بمنهجيتها المتبعة.

وأكد السبيعي أنه في الغرب نجوم وأندية يعون معنى المسئولية الاجتماعية من واقع حسّ إنساني ووعي اجتماعي، مستشهداً باللاعب السويدي (ويلي هامسون) ودعمه خلال تواجده وتمثيله الهلال بتبرعات تتجاوز مليون ريال دعماً للعديد من الجمعيات الخيرية بالمملكة, وكذلك المدرب جيرتس كان يصرف جزءاً من دخله للمحتاجين من العاملين في النادي.. متمنياً أن يتبلور مفهوم وثقافة المسئولية الاجتماعية ويعّمق في المجتمع الرياضي.. خصوصاً أن المجتمع الرياضي يُعد مجالاً خصباً لكثير من الأعمال التطوعية والاجتماعية، بسبب تنوع الأفكار والنشاطات والفعاليات الاجتماعية التي من الممكن تبنيها وترجمتها على أرض الواقع وتحويلها إلى سلوك مجتمعي حضاري.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة