Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 03/05/2013 Issue 14827 14827 الجمعة 23 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

نزل المطر فعم، وأبهج الأنفس فزال الغم، وتراقصت الأشجار، وتناغمت الأطيار، وارتوت الأرض، وهرب القحط، فيا له من قادم مبهج، وزائر لشائق مستبهج، طال غيابه فحل، فغاب الجفاف والمحل، وهكذا عندما يحل الخير، يتوارى الشر.

كانت البلاد في حاجة ماسة إلى زائر مثله ورفع الناس أكفهم طالبين قدومه، فأمره الله فهل، وأنعم الباري فأغدقت السماء، بعد أن تراكمت جوناً أسود تساقط منه حباب المطر كأنها لؤلؤ ليس به ثقاب، فهنيئاً لمن كان في البلاد وعوض الله من حالت دونه الأسباب.

المطر كان وما زال وسيظل مصدر خير لجميع الناس فيه تنبث الزروع، ويعيش الناس، وتمتلئ الآبار، فيطفئ ظمأهم، وظمأ أغنامهم وأبقارهم وإبلهم، وأنعامهم، فله الفضل والمنة على ما أعطى ومنع، فهو الكريم المتعال، يعطي ويمنع لحكمة بالغة، فلعل الإنسان يعود إلى رشده ويرجع إلى ربه ويتعلق به، فبه تقضى الحوائج، وبعفوه وقوته تزول النوائب.

المطر نزل وسالت الأودية، فهناك من يقول هل نزول هذا المطر في هذا الوقت مفيد؟ فنقول كل ما يأتي من الله خير، فإن كان العشب الذي سينبت بعد نزول هذا المطر قد لا يدوم بسبب حرارة الشمس الحارقة التي لابد لها من القدوم في القريب العاجل، فإن أثر ذلك المطر على النفس كبير، كما أن هذه السيول لابد لجزء منها من التسرب إلى جوف الأرض القريب، فيرتفع مستوى المياه السطحية ويكثر الماء ويزيد ويسهل جلبه، كما أن نوعيته لابد لها أن تتأثر ولو قليلاً، ولهذا فإن مثل هذه السيول لها أثر كبير على المياه الجوفية، لا سيما عند السدود، أو الحفر الكبيرة الخازنة للماء، والتي من خلالها يتسرب رويداً رويداً إلى جوف الأرض، ولا شك أن استمرار هطوله بضعة أيام يجعل المدة كافية لتسرب كمية من الماء في معظم الأنحاء، وهذا ما يجعل المياه السطحية تزيد بنسبة كبيرة.

لا أحسب أنني أستمتع بصوت أجمل من صوت الرعد، ولا استأنس بخفقان مثل زخات المطر، وهي تتساقط على أديم الأرض، فيتلقفها الحزم والوادي والرمل، ولك أن تتصور منظر ذلك الرمل الأحمر، وقد تشرب بماء المطر، وأرسل شذاه في كل الأنحاء، فيختلط بعبق الأزهار، وروائح الأشجار، فتطيب الخواطر، ويحلى السمر.

الذهاب إلى الصحاري عادة سائدة في بلادنا عند حلول المطر، لا سيما إذا كان الجو غائماً، وقد اجتمع الأصحاب حول موقد جمر يحضرون عليه أباريق الشاي والقهوة، ويتمايلون طرباً وهم يترنمون ببعض القصائد الجميلة التي تحكي قصص الأجداد كما أنهم يتسابقون على تجهيز طعامهم بأيديهم بعد أن ملّوا من أكل (الهامبرجر والبيتزا) وغيرها من المأكولات السريعة. فتجهيز الطعام في حد ذاته متعة تسبق متعة تناوله، لا سيما إذا كان الجوع قد أوغل في الحضور، وطلبت المعدة التشمير عن الأذرع للتسابق على تناول المأكل، وكأنه غنيمة يخشى زوالها حتى وإن كثرت. فيالها من أيام جميلة حلت، راجين من الله أن يمد فيها، ويعيدها مراراً وتكراراً إنه سميع مجيب.

نوازع
نزول المطر
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة