Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 11/05/2013 Issue 14835 14835 السبت 01 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

- في زمنٍ شغلت السياسةُ وحوارُها الأصمُّ أجيالًا، وفي زمنٍ تلاه استهلكت الخلافاتُ الدينيةُ “المذهبيةُ والفقهيةُ” مَن خلَفهم، وعلا الجدلُ وانخفض، ولكلٍ حُجِّيتُه ومرجعيتُه وانتماؤُه، وفي كثيرٍ منها استشهاداتٌ وقراءاتٌ واحتكامٌ إلى قولٍ وانتصارٌ بآخرَ ولآخر.

* لم يُقنع أحدٌ أحدًا إلا قليلًا، وتسامعنا مثلما شهدنا صعودَ حِراكٍ وهبوطَ سواه، ومثلما كان للقوميين صدارةُ حقبةٍ تمكن الإسلاميون من تسنُّم أخرى، وكما استأثر التيسيريون بمرحلةٍ غلب المتشددون على غيرها، ووعينا في ذلك أسماءً ومسمياتٍ وفوارقَ ومفارقاتٍ وبخاصةٍ من أُتيح لهم حضورُ مجالسَ متنوعةٍ تضمُّ النُّقضاءَ.

* الإيجابيُّ هنا انفتاحُ الأفقِ على المُغلق والمستغلقِ، والإذنُ للذهنِ أن يفكرَ مستقلًا غيرَ مجبرٍ على الالتزامِ بتيارٍ لحجب صوت التيار الآخر وتأكيدًا على تعدد المسارات وجدوى الاختلاف وقيمة الاجتهاد وتبدّل الزمن وتقبّل صوتِ المختلف في المجالس والمدارس.

* فارِقُ اليوم عن الأمس كثرةُ المتكلِّمين وقلةُ المصغين، ووفرة الكتَّاب وندرةُ القرَّاء، وتعدّدُ الموضوعات وغيابُ المتخصصين؛ فالجميع يحكي ويُفتي ويجزمُ وينفي ويؤيِّدُ ويندِّد، ولا وقتَ لمعظمنا كي يفكر ويقدِّر ثم يقرِّر، ولم تعد الصدارةُ للمشروع ولا للمُشرِّع، وامتلأ الفضاءُ بالمعلومات دون حدودٍ تفحصها أو سدودٍ تحجزها؛ فانطلقت العقول من عُقُلها لتقول وتصولَ وتجول.

* لا مقارنةَ بين الأزمنة فلا تفصيلَ حولها أو تفضيلَ لأحدها، ومن رأى جميلًا فثمةَ أجمل، والمخضرمون أو أكثرُهم لا يودون الاستدارةَ مثلما يرفضون الاستثارة، وهنا حرجُ الموقف وخلل التوقف؛ فإما أو، وهو إشكالٌ معرفيٌّ ومأزقٌ أخلاقي لمن يعيش ولا يَرى ولا يريدُ أن يُرى، ولمن يودُّ أن يتطهرَ دون أن يُتمَّ الوضوء.

* ولْنقارب القضية بمثلين سريعين؛ فقد وعى المخضرمون أو سوادُهم مدرستي ابنِ عمرَ وابن عباسٍ”رضي اللهُ عنهم”، أو مدرستي الأحوط والأيسر، وأفادوا مما عُرض في اختلافهما، وأيقنوا أن ما وسعهما سيسعُ أتباعَهما من غير تعجّلٍ في الإقرار أو الإنكار، ونشأوا على مقابلةِ المانع بما يراه المانحُ وعدم الارتهان لما يقوله أربابُ اتجاهٍ عن مناصري سواه، وكذا فلم يقفوا بين الناصريين والإخوان وسطاءَ كما لم يتبنّواَ مواقف للعداء؛ فحفظوا للطرفين شيئًا من مآثرهما، وأيقنوا بعدالة السماء التي جعلت الأيامَ دولًا لا تستقيم لفردٍ أو نظام؛ مؤمنين أن التأريخَ لا تسطِّره الأمنيات، وأن الحقيقةَ لا يمتلكها الصاخبون.

* يدينُ أولاءِ لتربتهم وتربيتهم فقد درجوا على الانتماءِ لوالدِيهم وأساتذةٍ يعتزُّون بالتتلمذ عليهم والإصغاء إليهم والفخر بهم مع الاقتناع بفاعلية المراجعة والتراجع؛ فالقضايا الثقافيةُ حمَّالةُ أوجهٍ ولا تخضعُ لمعادلاتِ الدرجة الأولى وقواعد الإعلال والإبدال، وربما جاء زائدُها ناقصًا ومعتلّها سليمًا ومعربُها مبنيًا، وهو ما يفتقده بعضُ الجيل الجديد؛ مَن يحسبون بناءَهم نبتةً دون ساقٍ ولا سقيا؛ حيثُ الهذرُ يمارسُه الجميعُ مع الجميع؛ فلا يَبين الخطيبُ من المخاطَب ولا يُعرفُ المعطِي من المطالِب، وحين تختلط الأوراق يتخبطُ القارئون.

* للفقيه المالكي الأندلسي أبي بكر الطرطوشي صاحب “سراج الملوك” مقولةٌ معبرةٌ حول الخطأ الذي لا تنحصر سبُلُه ولا تتحصل طرقُه بخلاف الحق الذي تنحصر مداركُه وتنضبطُ مآخذه كالسهم يصيب في نقطةٍ واحدةٍ ويطيش في الاتجاهات عداها.

* الانقيادُ لا يعني الاقتياد.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon

كلُّهم يحكون..
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة