Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 16/05/2013 Issue 14840 14840 الخميس 06 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

مَنْ يزور مكة المكرمة يشاهد من مسافات بعيدة وقف الملك عبدالعزيز، هذه المفخرة العظيمة التي حق لكل مسلم على وجه الأرض أن يفخر بها ويدعو لصاحبها ومن كان وراء وقفها، تراها من ساحة الحرم تعانق السماء، وترى ساعتها التي سجلت أكثر من ثلاثين أو يزيد أرقاماً قياسية،

وكم كنت أتمنى من وجهة نظري الشخصية أن يكون اسم كل ما يخص الملك عبدالعزيز في ساحة الحرم بإطلاق لقب الإمام عليه،: “وقف الإمام عبدالعزيز..” و”باب الإمام عبدالعزيز” وبخاصة إنه بجانب الملك فهد رحمه الله، وخشية اللبس كان تميز الملك عبدالعزيز رحمه الله ضرورة بالإمام لما يأتي:

1 - استعمال هذا اللقب كاسم لوظيفة من يلي أمور المسلمين، وهو معروف منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”. وقوله صلى الله عليه وسلم “أحب الناس إلى الله تعالى يوم القيامة وأدناهم مجلساً إمام عادل، وأبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأبعدهم منه مجلساً إمام جائر”، وهناك أدلة ونصوص كثيرة ليس المقام مقام سرد لها..

2 - هذا الاسم الشرعي من أحب الأسماء إلى جلالة الملك رحمه الله فقد ذكرت المصادر التي تحدثت عن ألقابه رحمه الله: “الإمام أحب الألقاب إلى قلبه منذ أن آل إليه بعد وفاة والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود - رحمة الله عليه - في أواخر سنة 1346هـ (1928م) “وإن عرف بهذا اللقب أيضاً أثناء حياة والده كما نص على ذلك خير الدين الزركلي في كتابه شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز.

3 - المسلمون - بكل طوائفهم ومستوياتهم من علماء وعامة - الذين يزورون هذه الأماكن المقدسة يرتبطون شعورياً بهذا اللقب الإسلامي، وسيجتهدون في الدعاء لصاحبه وربما كان من بينها دعوة من مجاب وهذا هو الهدف الأسمى للمسلم في حياته والغاية من الوقف، بينما لقب الملك يجعلهم يشعرون بفوقيته وعدم حاجته لدعائهم، ومن حقنا أن نوصلهم الرسالة الشرعية التي كانت عليها المملكة العربية السعودية وإمامها المجاهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -.

4 - كان المجاهدون المخلصون حول الملك عبدالعزيز ينادونه بالإمام، وإطلاقه عليه في هذا المكان المقدس وفاء لرجال تلك المرحلة وتخليداً لمصطلحاتها.

5 - هذه اللقب كان خاصاً بالأئمة من هذه الأسرة ابتداء من الإمام محمد بن سعود وانتهاء بالإمام عبدالرحمن الفيصل، ويحكي مسيرة جهادهم الإسلامي في تصحيح عقائد المسلمين على طريقة السلف الصالح، وتنقية الإسلام من شوائب البدع والخرافات والخزعبلات.

6 - الإمام مصطلح إسلامي، وقد نصت عليه النصوص الشرعية، وهو الجاري على ألسنة الفقهاء والمحدثين، وهو أولى بالملك عبدالعزيز الإمام المجاهد، ولا يضير أن يكون المختار في هذا المكان لقب الإمام احتراماً للمكان والزمان.

7 - الملك عبدالعزيز رحمه الله كان إماماً للمسلمين في عهده، وأهل السنة والجماعة يرون أن الإمامة واجبة، وأنه لا بد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين وينصف المظلومين من الظالمين، ويستدلون على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقواعد الشرعية، ومن ينظر إلى تعريفات العلماء للإمامة يجد أن حال الملك عبدالعزيز ومآله رحمه الله في سياقها وفي دلالاتها، فأقام شعائر الدين ورفع علم السنة، وأجرى الحدود، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وحارب البدع وفرض الأمن وعمر الأرض، وتعريفاتها وإن اختلفت في الألفاظ فهي متقاربة في الدلالات والمعاني، ومن هذه التعريفات ما ذكره الماوردي حيث قال: (الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به) ويقول إمام الحرمين الجويني: (الإمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين والدنيا).

وعرفها النسفي في عقائده بقوله: (نيابة عن الرسول عليه السلام في إقامة الدين بحيث يجب على كافة الأمم الاتباع)، ويقول صاحب المواقف: (هي خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة)، وعرفها العلامة ابن خلدون بقوله: (هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به).

8 - أطلق لقب الإمام في التاريخ الإسلامي على كثير من السلاطين والخلفاء والملوك، ونص حسن باشا في الألقاب على أنه لم يثبت أن أحداً من خلفاء صدر الإسلام وبني أمية قد أطلق عليه هذا اللقب في حياته على سبيل التكريم، ولو أن العرف قد جرى على إطلاقه على علي بن أبي طالب فقيل الإمام علي كرم الله وجه، ونص على أنه قد تلقب به ملوك دول المغرب، والفاطميون والأمويون في الأندلس وذكر القلقشندي في صبح الأعشى أن أول من تلقب بالإمام في الإسلام هو (إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس)، وقد أطلق بكثرة على العثمانيين كما ذكر ذلك الدكتور سعيد آل عمر في بحثه ألقاب الحكام، والملك عبدالعزيز رحمه الله من أولى الحكام به على مر التاريخ الإسلامي، ولم يكن بدعاً ولا مستعاراً إذ اقترن اسم كل واحد من أسلافه بالإمام من عهد (محمد بن سعود) المتوفى سنة 1279هـ (1765م) كما هو معروف، وللإمامة في أعناق المسلمين حقوق في الطاعة والأحكام، فالإمام في حدِّ ذاتها وسيلة لا غاية، وسيلة إلى إقامة أمة ذات عقيدة صحيحة ومنهاج قويم، من خلال حفظ الدين، وسياسة الدنيا به، وأن ذلك أهم الواجبات الملقاة على عاتق الإمام.

9- الأولى في مكة المكرمة وأمام الكعبة المشرفة ومناسبة للوقف الإسلامي ودلالاته ومضامينه الشرعية أن يسمى هذا الوقف بما يناسب ذلك المقام وبخاصة أن ابن خلدون نص على أنه تجتمع في الملك خصلتا الشهوة والاستكبار المنبئتان عن تقلص دور الدعوة، فقال في تعريفه للملك: “إن الملك الطبيعيَّ هو حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة”.

وبرا بمؤسس نهضتنا الحديثة نسأل الله جل وعلا أن يغفر للملك عبدالعزيز وأن يتقبل وقفه وجزى الله كل من أعان على تحقيق ذلك، والله من وراء القصد.

abnthani@hotmail.com
عميد الموهبة والإبداع والتميز البحثي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

وقف الإمام عبدالعزيز.. في مكة المكرمة
د. عبدالله بن ثاني

د. عبدالله بن ثاني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة