Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 07/06/2013 Issue 14862 14862 الجمعة 28 رجب 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في لحظة توقف فيها الزمن لجزءٍ من الثانية لتلتقط عدسات التصوير مشهداً مثيراً ولافتاً لرجلٍ سنغاليٍ شهير يقف مبتسماً وممسكاً بديكٍ من عنقه ملوحاً به أمام الجماهير موحياً بأنه سيخنقه.. مشهد صفقت له الجماهير بحرارة من مختلف أنحاء العالم..

فركلةُ قدمٍ افريقية في مرمى المنتخب الفرنسي خلال افتتاح مونديال-عام 2002م- قضت على غطرسةٍ فرنسية أيقنت أن الفوزَ قادمٌ لا محالة..هذا المشهد قفز إلى ذهني وأنا أتابع المباراة النهائية بين فريقي الاتحاد والشباب..ورغم أني لست من هواة كرة القدم ولكن وكما يقول المثل المتداول (مع الخيل يا شقرا)فقط أصفق لأي فريقٍ يُحرز هدفاً أو يكسب مباراة لذلك فلست مؤهلة لتوصيف وتحليل نتائج أية مباراة كسبت أم خسرت لكني سأتناول محوراً مختلفاً..أطرح من خلاله ملامح نصف الوجه الآخر لرياضة كرة القدم التي باتت في حياة الأمم والشعوب بحجم الكرة الأرضية،نتائجُها قد تمس كبرياءَ الدول فتحولها من مجرد لعبة إلى ظاهرة سياسية واجتماعية متخطية بذلك حدودَ الساحة الخضراء لتصبح دولة كبيرة لها قوة الدول الكبرى- حتى الآن لم يعرفْ أحد تاريخ أولِ ركلة قدم في حياة البشرية إلا أن إنجلترا وحسب إفادة الروايات التاريخية هي أول من مارس هذه الرياضة وبصورة بدائية لتنتقل تدريجياً وتنتشر في جميع أنحاء العالم مُمَثِلة بذلك إضافة لجميع أنواع الرياضة التي تحرص المجتمعات على ممارستها كجزءٍ من السلوك اليومي للإنسان وجزءٍ من ثقافته باعتبار أن الثقافة هي أسلوب حياة- السؤال الذي يتبادر إلى الذهن..لماذا غزت كرة القدم العالم وحظيت إلى حد الهوس باهتمام الأمم والشعوب على اختلاف طبقاتهم وفئاتهم العمرية حتى السياسة لم تسلم منها كل ذلك دون كل أنواع الرياضة الأخرى..؟ البعض سيعطي إجابة والبعض سيبدي رأياً.. وعلى كل الأحوال فعودة إلى بدايات تاريخ البشرية نجد أن هناك دولاً قامت بسبب الحروب ودولاً سقطت بسبب الحروب وما لعبة كرة القدم وبكل بساطة إلا صورة من صور الحروب المشروعة..فالحرب رياضة غريزية عند البشرية وكرة القدم تعتبر شكلاً من أشكال الصراعات الجماعية المتكررة..وعن الصراع الجماعي يقول الصحفي الكاتب في صحيفة الفيجارو ( جورج زيفلر ) منذ الأزل والمظهر الذي يحكم العلاقات الإنسانية هو الكفاح..فعندما تهاجم جماعة ما جماعة أخرى فإن رد المجموعة الأخرى هو حتماً المواجهة..ومنها يأتي التصادم والعنف..انتهى

إذن من هنا يظهر نصف الوجه الآخر للعبة كرة القدم ويتغلب في كثير من الأحيان على النصف الجميل القائم على الحيوية والإثارة الممتعة والمفاجأة المتغيرة المتجددة التي تهز القلوب كما تهز الشباك..هذا النصف الجميل الذي نتعلم منه بأن الحياة انتصار وانكسار وأن الخسارة ليست النهاية فمن يخسر قادر على الفوز افتقدته في عصرنا الحالي جمهوريات كرة القدم التي سحرت الملايين لعقود، فمع تعاظم دورها وتأثيرها على الشعوب أصبحت ورقة من أوراق رجال السياسة يُلعَبُ بها للوصول إلى الحكم أو تعزيزه..أو تُستخدم كوسيلة من وسائل التقارب والتواصل..وفي هذا الإطار يؤكد الكاتب الأمريكي(سون كوبر) في مقالة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز( بأن كرة القدم لها مدلولٌ سياسي يرمز للفوضى وحكم الأقلية..تؤدي إلى إسقاط سياسيين وانتخاب رؤساء وتحدد الطريقة التي تفكر بها الشعوب تجاه أوطانهم)- إن من يقرأ تاريخ كرة القدم سيجد أمثلة لا تعد ولا تحصى من مفارقاتٍ عجيبة، فإما أن تكون رياضة تُذيب الجليد بين الدول أو شرارة تُشعل العداء بين الدول والشعوب..فهل ينسى تاريخ كرة القدم تلك الحرب التي اندلعت في تصفيات كأس العالم عام 1970م عندما فازت السلفادور على هندوراس في مباراة فاصلة أقيمت على أرض محايدة بالمكسيك لتعترض الأخرى..عندها اعتدت جماهير البلدين على السفارتين واندلعت الحرب وتحركت الجيوش والدبابات وتبادلت الجارتان الغارات الجوية..ولم تتوقف الحرب بينهما إلا بعد تدخل المنظمات الدولية..أيضاً من الصراعات التي حولت ملاعب كرة القدم إلى رمز لفوضى سلوكيات رجال السياسة وتعليق الهزائم على غيرها ما حدث عقب خروج فرنسا من مونديال 2002م حيث خلطت الصحف الفرنسية أوراق السياسة بورقة كرة القدم..فذكرت في عنوانيها ( لوبان وخروج أبطال العالم كَسَرَ كبرياء فرنسا) إشارة إلى نجاح اليميني المتطرف لوبان لخوض جولة أخرى في الانتخابات الفرنسية آن ذاك- هذا هو الوجه الآخر لكرة القدم.. حلبة صراع بكل أنواعه وأشكاله..صراع جماعة ضد جماعة.. صراع رجال السياسة وصراع على السلطة صراع شعوب وأمم بدأ منذ الأزل ولا زال ظلاله مستمراً..ولكن رغم الخداع والعنصرية..ورغم الصراع والعنف والتلاعب تبقى لعبة كرة القدم جوهرة تسحر الملايين-

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia

عود على بدء
الوجه الآخر للجوهرة التي سحرت الملايين
زكية إبراهيم الحجي

زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة