Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 14/06/2013 Issue 14869 14869 الجمعة 05 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

أفاق اسلامية

اعتاد بعض أصحاب صوالين الحلاقة وغيرهم من المؤسسات التجارية التي لها علاقة بالجمهور لمن ينتظرون أداء الخدمات لهم أن يقدموا بين أيديهم بعض المطبوعات من مجلات وصحف وكتيبات أو حتى مطبوعات تتعلق بالمنشأة والتعريف بمناشطها وخدماتها، وخلال هذه الأوقات الطويلة أو اليسيرة هناك من يشغل وقته في قراءة ما يقع أمامه من كتاب أو مجلة، وإن كانت قديمة، وقد تكون مناسبة أو غير مناسبة، ولكنها فرصة لتمضية الوقت، ومع التقنية الحديثة أصبح هناك بدائل بين يدي الناس يستطيعون فيه القراءة أو الترفية والتسلية أو التواصل الاجتماعي، وقد يوجد قنوات فضائية وشاشات داخل المكان، وتشغل الناس هي الأخرى.

ولكن مالفت انتباهي هو الاستعداد المسبق لهذه الجلسة من قبل بعض الزبائن بأن يحضر معه ما يشغل فيه هذا الوقت، وألا يضيع عليه سدى، أو أن يقبل فيه مايرد إليه عن طريق «شختك بختك» أحضر هذا الرجل معه كيساً صغيراً كان فيه كتاب متوسط الحجم، وأخذ يقرأ فيه ما يزيد على نصف الساعة، وقبل أن يقرأ فيه طرح مجموعة من الكتيبات الصغيرة على «طاولة» في غرفة الانتظار، وكانت كتيبات جيدة في موضوعها وفي حجمها يستطيع القارئ وخلال 20 إلى ثلاثين دقيقة تصفحها، فهي أشبه بكتب الجيب، والتفت للحاضرين، قال: من أراد أن يتصفح فذلك متاح له؛ لأنه جلبها معه لهذا الغرض، ثم بدأ في قراءة الكتاب الذي معه، كما تصفح بعض الحضور الكتيبات التي جلبها هذا الرجل، وأعجبت بالكتاب كما أعجبت بفكرته في استغلال وقته بالمفيد وحرصه على أن يستفيد غيره من هذا الوقت بإحضار هذه الكتيبات.

تأملت بعدها كم من الأوقات نهدرها في الانتظار في المطارات وثمرت الأنتظار في الدور الصحية وفي الخدمات، وقلت: لماذا، لانستفيد نحن من أوقاتنا الضائعة بما يفيد، كما تأملت في إيجابية هذا الرجل بما يفيده ويفيد غيره، انعكست صورة سلبية لأناس لا يستفيدون من أوقاتهم، ولا يريدون لغيرهم الاستفادة تجده في صالة الانتظار يتحدث في الهاتف طويلاً وبصوت مزعج لمن حوله، ويقطع عليهم لحظات يكون فيها وقت ذكر، أو تسبيح، أو قراءة، أو صفاء ذهني، وقد يكون هناك بث تلفازي فيأخذ جهاز «الريموت» ويبدأ بالتقليب مع رفع الصوت، وربما حول مدار الجهاز من قناة مفيدة وجيدة إلى قنوات أخرى غير مفيدة، وكأنه يريد عسف الناس على ذائقته وهواه.

لقد أحسنت مكتبة الملك عبدالعزيز صنعاً في وضعها لمجموعة من الكتب في قاعات الانتظار بمطار الملك خالد الدولي، هذه الفكرة الرائدة تستحق منا جميعاً الإعجاب والتقدير؛ لأنها شغلت أوقات الناس بما يفيدهم، وكان تفاعل الناس معها -أيضاً- متفاوتاً ما بين السلبية والإيجابية، فهناك من يشغل نفسه بالقراءة حتى إذا حان وقت الرحلة أعاد الكتاب إلى موضعه، وهناك من لا يقرأ إما لانصرافه عن القراءة أو انشغاله بأمر آخر، وهناك من السلبيين وضعاف النفوس يأخذ هذه الكتب، ويجعلها في حقيبته, وهي للقراءة، وليست للإهداء، وحرم غيره من الاستفادة منها.

من الظواهر الإيجابية لإشغال الوقت بما يفيد أنه أصبح بالإمكان الاستفادة من التقنية الحديثة في تحميل برامج القرآن الكريم والكتب على صيغ متعددة، تجعل من التصفح أشبه بحد كبير إلى تقليب الكتاب، ولذا نجد العديد ممن استفادوا من أوقاتهم قاموا بتحميل مجموعة من الكتب، بل مكتبات في أجهزتهم، فيستفيدون من الدقائق والثواني في القراءة والتصفح للقرآن الكريم، أو للكتب المتاحة لديهم.

بعد عرض هذه النقاط السريعة ترى: كم هي اللحظات والأوقات التي تمر علينا دونما الاستفادة منها في ذكر وتسبيح أو عمل نافع في ديننا ودنيانا. إنني أعرف أناساً يستفيدون من فترة التوقف اليسيرة أمام إشارات المرور في الذكر والتسبيح، ومراجعة وقراءة القرآن الكريم بينما أناس تمر عليهم الأيام والأسابيع والسنوات، وأوقاتهم ضائعة، وبسلبيتهم يريدون إضاعة أوقات الآخرين دون فائدة.

alomari1420@yahoo.com

رياض الفكر
لحظات.. وفوائد
سلمان بن محمد العُمري

سلمان بن محمد العُمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة