Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 20/06/2013 Issue 14875 14875 الخميس 11 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

شاهدت فيلماً عربياً بالأبيض والأسود، ما يعني أنه ليس بالجديد عن قصة تدريب عسكري يظهر قائد فريق تدريب الأفراد وهو يقف مزهواً بنفسه وعلى جانبيه فردين (جنديين) يمسكان بمروحتين تلطفان عليه الجو الحار، ويأمر الأفراد بالزحف على بطونهم للوصول إلى أرغفة من الخبز تلقى لهم على تراب الأرض ويأكلونها كوجبة دون أن تمسها أيديهم فيلتقطونها بأفواههم أثناء الزحف، كما شاهدت مقطعاً يبدو فيه ضابط برتبة عليا تابع لنظام عربي بائد يجلس على مقعد وثير ويضع رجلاً على الأخرى ويدخن سيجاراً عريضاً بغرور وصلف، ويصدر أوامر عقابية ضد أفراد، أحدهم لأنه أشعل سيجارة أثناء العمل، ومع المشاهدة تذكرت خبراً نشر قبل أيام يفيد أن ضابطاً في دائرة بإحدى المناطق طلب من أحد الأفراد أن يحضر صهريج ماء ليملأ خزان منزله لأنه مسافر خارج منطقته، فاعتذر الفرد بأن هذا محرج له وليس من صميم عمله الذي لا يمكن أن يعصي فيه أمراً، فكان مصيره وعدد ممن تعاطفوا معه التحويل للتحقيق بدعوى الإهمال في أداء العمل إلى أن تم نقلهم تعسفياً حسب ما جاء في الخبر، ومع التأكيد الجازم أن جل ما في قطاعاتنا الأمنية والعسكرية من الضباط والأفراد هم محل الفخر والاعتزاز والتقدير، إلاّ أنه ليس من المستغرب بل من المتواتر أن بعض الضباط يكلفون الأفراد بأعمال خاصة لهم في منازلهم واستراحاتهم ومزارعهم وغير ذلك (دون رغبتهم)، فالقصص التي يرويها الأفراد عن تعسف (بعض) رؤسائهم ليست مستغربة في ظل وجود عناصر بمثل هذه العقليات والمستويات من التفكير والتعامل المتعالي مع من هم أصغر منهم رتبة وإن كانوا أعلى عقولاً وهمماً فهم بشر يقدمون عملاً شريفاً ويؤمنون بطاعة القائد، غير أنهم يملكون كرامة ومروءة تأبى الضيم والتسلط، الفيلم المنوه عنه أعلاه (وما أكثر أمثاله عربياً وغربياً) يصور مدى التعامل الأثري القديم المبني على مفهوم إلغاء شخصية الفرد وتحويله إلى آلة صماء (روبوت) ينفذ دون أن يحيل الأمور إلى مشاعره وأحاسيسه، فهو هنا (مشفّر) لا يمكنه الخضوع لمؤثرات العقل والقلب والمشاعر، الضابط الرئيس هو فقط من يفكر ويصدر الأوامر الخاصة غير المتعلقة بالعمل، وعلى الفرد التنفيذ بصمت وتواضع حتى وإن كان مهموماً مريضاً يعاني من مشكلات اجتماعية يعرفها الضابط مسبقاً، وبعض من الضباط يستخدم في تخاطبه كلمات وعبارات تنم عن احتقار من هو دونه في الرتب، والقصص والأمثلة المروية كثيرة، كوصف أحدم لمن هو دونه بقوله (أبو حبه) أي نجمة واحدة، أو الضابط فلان عقليته عقلية فرد وهكذا، هذا المفهوم انسحب عبر السنين وإن كان يتناقص فوصل مشوهاً إلى بعض الضباط ممن تستهويهم شخصية التسلط على حساب التعامل بالحكمة والقيادة الرصينة المبنية على أسس علمية حديثة ترفع معنويات من تحت إدارتهم، وتشعره بإنسانيته وكرامته وأنه إنما خلق ليكون (القوي الأمين) الذي يحمي الوطن والمواطن من الشرور داخلياً وخارجياً وأنه محل الثقة والتقدير والإعزاز وليس العكس، ولن تجد جندياً وشرطياً مخلصاً ما لم تمنحه الثقة وتعلق على كتفه أوسمة العزة والكرامة ليمنحها بدوره للآخرين من المواطنين بشعور وانتماء وطني مخلص.

t@alialkhuzaim

ضباط وأفراد
علي الخزيم

علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة