Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 21/06/2013 Issue 14876 14876 الجمعة 12 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

المعرفة أدنى درجات العلم. لا يوجد على وجه الأرض من لايعرف شيئا حتى ولو كانت هذه المعرفة بسيطة لا تتعدى معرفة الفرد محيطه، وتتدرج لنجد أفرادا على درجة عالية جدا من المعرفة حتى يكاد يتحول شخص ما إلى موسوعة معرفية متحركة يعرف في مختلف العلوم لكنه لايتجاوز هذه المعرفة إلى الفهم العميق والإيمان الراسخ بالأفكار ثم التطبيق العملي، فالذي يعرف كل شي عن الأخلاق لن يتعدى ذلك ما لم يتمثلها في نفسه ثم يدعو غيره لتطبيقها وبذا يكون قد وصل إلى مستوى الوعي الذي يأتي في القمة.

لدينا معرفة بل معارف كثيرة لكننا نعاني من نقص حاد في الوعي والدليل أنك تسمع من يحاضرون في المجالس عن وجوب احترام النظام ثم تجدهم أول من يكسره.

يعرف أن الواسطة تؤدي إلى سلب حقوق الناس لكنه لا يتردد في تشغيلها متى ما دعته الضرورة لذلك، ويقطع إشارة المرور رغم أنه يعرف أن النظام يمنعه من إتيان هذا التصرف، وسمع عن حوادث كثيرة وأرواح أزهقت بسبب هذه المخالفات.

تجد في مجالس تغص بالحضور من يحث الناس على التعامل الجيد مع الآخرين ويسرد لهم أهم خطواته، لكنه في واقعه متكبر ولا يقبل من غيره أي رأي، ويحتقر الصغار، ويسب ويشتم المخالفين، ويكيل للناس بمكيالين، مكيال وافي لمن يحبهم، ومكيال ناقص لمن لا يحبهم.

التناقض هنا هو تباين بين المخزون المعرفي الكبير لديه، والوعي الناقص نتيجة قلة التطبيق أو انعدامه في كثير من الأوقات، لذلك نعاني من إشكالية بين النظرية والتطبيق، فما نعرفه في كثير من حالاتنا لا نطبقه ولو حدث التطبيق وتحولت تلك المعارف إلى سلوكيات وممارسات حياتية لتقدم المجتمع خطوات بعيدة.

حل هذه الأزمة تتحمل مسئولياته الأولى الأسرة بتدريب الأطفال على احترام الكبار والعطف على الصغار، وكيف يتحاورن مع الآخرين بطريقة حضارية، ويتقبلون الرأي الآخر، وكيف يعتمدون على أنفسهم فيرتبون حاجاتهم وينظفون أماكنهم، ثم ندبهم لسلوكيات يطبقونها باستمرار مثل زيارة الأقارب، والإحسان للفقراء، والعطف على العمال والخدم والتواصل مع الجيران ومساعدة المحتا جين، وحرص الأسرة على تثقيفهم صحيا وغذائيا، ولعل نموذج القدوة بتطبيق تلك السلوكيات والممارسات أدعى لغرسها منذ الصغر، وتنبيه الأبناء عند حدوث أي خطأ، وضرب الأمثلة بالناجحين يسهل المهمة كثيرا.

الأسرة العربية عموما والسعودية بخاصة لازالت مقصرة في رفع مستوى الوعي لأبنائها.

ويأتي نظام التعليم كمسؤول مباشر لرفع مستوى الوعي بالتركيز على الممارسات بالتدريب المتواصل ، لكنه للأسف أثبت فشله في هذا المجال إذ يقتصر دوره فقط على تزويد الطلاب بالمعلومات لحفظها ثم استرجاعها أثناء الاختبارات، ليتخرج الطالب ويزج به في غمار العمل وهو لا يتقن من المهارات الحياتية شيئا يذكر، ولا يحسن مهارات التعامل مع الناس، لذلك تكثر المخالفات والتجاوزات ثم المشكلات بشكل ملاحظ بين فئات الشباب.

أعتقد أن رفع مستوى الوعي الفردي والجمعي لا يتوقف عند إلقاء المحاضرات التوعوية وتوزيع النشرات، وإنما بتحويل كل منظومات التعليم بدءاً من رياض الأطفال إلى الجامعة إلى مراكز تدريب مستمر فما فائدة معارف بدون تطبيق يؤدي إلى وعي متكامل.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
معرفة ونقص وعي!
د. عبدالرحمن الشلاش

د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة