Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 21/06/2013 Issue 14876 14876 الجمعة 12 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

كانت العنصرية والتمييز العرقي وعلى مدى التاريخ راية لتبرير مشاريع التوسع والغزو والاستعمار.. وسارت مع التعصب والجور والعنف يداً بيد حتى أصبحت من أكبر الشرور التي تواجه البشرية.. ففي جذور التعصب العرقي تقبعُ الفكرةُ الخاطئة بأن الجنسَ البشري مكونٌ من حيث الأساس من أجناس منفصلة وطبقات متعددة.. وأن هذه الجماعات البشرية المختلفة تتمتع بكفاءاتٍ عقلية وأخلاقية وبدنية متفاوتة وتستوجب أنماطاً مختلفة من التعامل.. ولعلنا نتفقُ جميعاً بأن

العنصرية لا تخرج عن إطار التعصب.. والقمع والوحشية الموجهة ضد طائفة معينة أو مجموعة من البشر من قبل فئة أخرى.. ونتفق أيضاً أن هناك أشكالاً عديدة من العنصرية في جميع أنحاء العالم.. وهو ما شكل وصمة عار كبيرة في جبين الإنسانية.

ويكادُ يتفقُ الباحثون أن أمريكا هي أول المعتقلات للحركات العنصرية حيث استخدمت مصطلح (مكانة الزنوج في الطبيعة) ولأول مرة في تقسيماته المعقدة للسلالات البشرية كتب الأمريكي (إدوارد لونج) ما مفاده.. لابد من استرقاق الأفراد ذوي البشرة السمراء لأن مكانهم الطبيعي بيولوجياً وبناءً على تقسيماته في أدنى سلمِ الأعراق البشرية، ومنذ ذلك الوقت شهد العالم أحداثاً متتالية ذات طابعٍ عنصري موغلٍ في التوحش.. كالمذابح الجماعية والتهجير والتجويع والتعذيب حتى لا نكاد نجد مجتمعاً ذا خلفية حضارية وتاريخية إلا وله نصيب من هذه الآفة. وعلى أن التمييز العنصري بين البشر هو انحطاط للكرامة الإنسانية ويجب أن يُدان باعتباره انتهاكاً لحقوقِ الإنسان وعقبة كبرى تحولُ دون قيامِ علاقات سلمية بين الأمم والشعوب تبقى أمريكا صاحبة التاريخ الأطول مع التمييز العنصري.. كان الفردُ الأمريكي من الأقليات العنصرية يعاني من هذا التمييز في مختلف قطاعات الحياة الإنتاجية والاقتصادية والسياسية.. أصبح سمة رئيسة ميزت الشارع الأمريكي حتى منتصف القرن الماضي.. كانت الكثير من المؤسسات والنوادي والمقاهي تضعُ لافتات عديدة كُتِب عليها بالخط العريض (يمنع دخول الزنوج والكلاب) كان على الزنجي الأمريكي أن يترك مقعده في الحافلة إذا لم يكن هناك مقعد خالٍ.. ليفسح المجال أمام جلوس الأمريكي الأبيض.. إلى أن أصبح مقعد الحافلة نقطة تحول في تاريخ العنصرية الأمريكية فالحادثة التي أشعلت نار الاحتجاجات وأدت إلى تغيير في الفصل العنصري وقعت عام 1955م وذلك عندما رفضت (روزا باركس) ذات البشرة السمراء إخلاء مقعدها في الحافلة لشخص من أصحاب البشرة البيضاء، فتم اعتقال (روزا) فأثار اعتقالها احتجاجاً جماهيرياً كبيراً قاده زعيمُ النضال الأسود (مارتن لوثر كنج) وكانت ثورة ضد العنصرية والمطالبة بالمساواة في الحقوق.. حادثة اختزلت شيئاً من التمييز العنصري والتعصب العرقي الذي عاشته الأقليات الملونة في أمريكا وخاصة الزنوج.

ولكن تبقى العنصرية صفة ميزت حقبة التاريخ الأمريكي وما زالت، ولطالما تبجحت أمريكا بالديمقراطية السمحة.. وأن بلدها هو خليط للتعايش السلمي لجميع أطياف ومكونات الشعب الأمريكي، إلا أنها تتستر خلف كلماتٍ واهية في محاربتها للتمييز العنصري والتعصب العرقي لتخدع العالم بهذه الحجج.

إن المعايير الدولية لحقوق الإنسان جسدت إجماعاً دولياً شاملاً نص على مكافحة العنصرية والتعصب العرقي، لذلك فإن ميثاق محو كل أشكال التمييز العنصري والموقع من قبل 173 دولة هو الترياق الأمثل لمرض العنصرية ولسائر مظاهر التفرقة وعدم المساواة.

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia

عود على بدء
العنصرية.. وسمراء الحافلة
زكية إبراهيم الحجي

زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة