Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 23/06/2013 Issue 14878 14878 الأحد 14 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

المشاهير لهم حكاياتهم مع النجومية. تصعد بهم إبداعاتهم، تزداد شهرتهم، فيعتريهم الخوف والقلق. يدركون أن للزمن سطوته في الحد من قدراتهم الجسدية وربما الإبداعية، ويعلمون أنّ المزاج العام يتغير بتطور الحياة وتعاقب الأجيال. لكنهم يتشبثون بلمعان الأضواء ومتعة الإطراء التي تفرضها سطوة الجماهير. يبدأون صغاراً، يكبرون، يزحفون نحو النجومية، يزيحون نجوماً سابقين، لكنهم لا يريدون العودة للبدايات ويخشون الإزاحة التي حدثت لمن سبقهم. يعملون لتخليد أسمائهم في التاريخ، فيرعبهم أن لا يذكرهم الناس. ينسون بأنها صيرورة الحياة؛ كل نجم له دورة تنتهي فيبقى الضوء واللمعان الذي أحدثه في توهجه وليس الضوء الخافت الذي يحاول الإبقاء عليه...

تأملت انكسارات بعض نجومنا في أكثر من مجال، وكيف يتشبثون بالأضواء، ينكرون الأفول الذي يداهم النجومية ويقلص حجم الجماهيرية. وللإيضاح أذكر على عجل بعض الأمثلة لنجوم أحببناهم في أكثر من مجال. الشاعر الكبير بدر بن عبد المحسن غني عن التعريف وهو علمٌ في مجال الشعر الغنائي. كطبيعة للسن والصحة وتأثيرهما على مشاعر الرومانسية الدافعة نحو الشاعرية، اختفى من المشهد الإعلامي فترة من الزمن. كان الغياب مخيفاً فعاد بشكل مكثف عله يقول أنا لا زلت موجوداً. عاد بحفلة أوركسترالية فخمة في قطر ومثلها شعرية تشكيلية ضخمة بالرياض. أشبعت إحساسه بالحضور، لكنه لم يكن يقدم جديداً على المستوى الشعري سوى تكرار قصائده التي أبدعها على مدى أعوام. انتابه القلق كفنان حساس له صورته أمام الجمهور والإعلام، فأعلن: هذا أقصى مجد أبلغه سأبتعد! ترى هل يستطيع البعد أم يعاوده الحنين لتصفيق الجماهير؟

محمد نور نمر الكرة السعودية، لم يسلم بأنّ عمره الرياضي كلاعب وصل أوجه وبأنه حان وقت الترجل عن صهوة المجد الكروي. لم يسلم بما واجهه به ناديه، فدخل تحدياً مع نفسه في نادٍ آخر يريد أن يثبت بأنه النجم الذي لا يهوي. لكن هيهات لم تعد الكرة تطاوع رجليه كما كانت فبدأ رحلة الخفوت. ترى هل يريد إثبات العودة المركزة ثم المغادرة، كما فعل البدر؟

محمد عبده لقّبوه فنان العرب. واجهته مصاعب صحية وبلغ من السن ما يشفع له بالاستراحة. لكنه ابتلي بداء النجوم في محاولة إثبات الخلود واستمرارية السطوع. عاد يقلد النجوم الجدد الذين كان ينقدهم، علّّ وعسى أن يقنع الجماهير بأنه مازال شباباً ونجماً معاصراً. تنازل عن قناعاته في تصوير الفيديو كليب والاستعراضات من حوله وكثف حضوره في اللقاءات الإعلامية. وأصدر عدداً من الأعمال الباهتة عله يقنع نفسه أولاً ثم الجماهير بأنه مازال شاباً يطربنا. إنه هاجس الخوف من نسيان تاريخه المنصع بالإبداع.

عبد الله الغذامي صنّف رمزاً ثقافياً، ملأ الساحات جدلاً وحضوراً بوصفه أحد روّاد النقد الحديث. أقلقه الأفول والبعد عن المشهد الثقافي. تقلّب من حضن تيار إلى آخر يشحذ الجماهيرية هنا وهناك. أصبح ينتج مؤلفات تصنّف في باب الخواطر الصحفية ولا ترقى إلى أعمال الباحث الجهبذ الذي عرفناه في شبابه. وحين تنكّرت له المنابر الثقافية وجد ضالته في (تويتر) حيث نصب خيمته هناك، يستجدي مريديه ليتابعوه ويلقي عليهم حكمه الضافية كل ليلة!

البدر ونور وعبده والغذامي نجوم تلألأت في سمائنا، قدّرناهم في حضورهم، شاركناهم في قلقهم وسيبقون رموزاً في ذاكرتنا. هم أمثلة لكيفية تشبُّث النجم بعليائه خشية الانكسار الحتمي الذي لا مفر منه...

إحساس الانكسار مرحلة صعبة في حياة الإنسان، فما بالنا بالنجم حين يدمن النجومية فتتحول قلقاً من لحظات الفراغ الذي يسببه فقدان الجماهير. هي سيرة النجوم من حولنا تصعد الأعالي حد التبختر، ثم لا تلبث أن تهبط من أبراجها، يخفت ضوؤها حتى تنزوي..!

malkhazim@hotmail.com
لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

نقطة ضوء
لحظات انكسار النجوم
د. محمد عبدالله الخازم

د. محمد عبدالله الخازم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة