Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 03/07/2013 Issue 14888 14888 الاربعاء 24 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

عند تقاطع للشوارع في مدينة (سان ماتيو) الأمريكية، كانت سيدة مسنة تهم بعبور الطريق فوقفت لها جميع السيارات من كل الاتجاهات، وكانت السيدة تسير سير السلحفاة معتمدة على عكازها الرباعي، نظرت إلي ابنتي الصغيرة، وقالت وهي تتبسم ساخرة «لو هي بالرياض كان طيروها بالبواري»، عبارة ابنتي الساخرة وقعت في نفسي، وألهبت سيلاً من الملاحظات والمقارنات بين ما هي عليه مدنهم من نظافة وتنظيم وحسن سلوك للراكب والماشي، وما عندنا من فوضى في السير والمشي وربما الحياة برمتها، لم أستطع أن أجد مختلفاً بيننا وبينهم سوى الذهنية والوعي فالأموال لدينا والوسائل والإمكانات, ولكن لدينا ارتخاء في الذهن وغياب للوعي، فطرقنا تفتقر للحد الأدنى من الإرشاد، فواصل المسارات غائرة وأسهم الاتجاهات غير موجودة وإشارات الوقف عند التقاطعات متصدية ولا يحترمها أحد، السيارات تقف كيفما اتفق وكيفما راق لصاحبها، من يريد الالتفاف لليسار يذهب لأقصى اليمين حتى يكون أقرب للإشارة، وعند الإشارة تحدث معركة بين قلة الذوق والأنانية والجهل أيهما أبرز، هذا في جانب سلوك المرور والسير، وفي النظافة العامة، حدث ولا حرج، سوء في الاستخدام وسوء في الصيانة والتشغيل، وكأن القمامة المنثورة في الشوارع سمة وطنية يلزم المحافظة عليها.

الارتخاء الذهني هو مرض مزمن في بلادنا وهو مرض معد، فمن عاشرنا من الشعوب الأخرى أصبح مثلنا، فالجميع لا يحترم المال العام ولا الخدمات العامة ولا السلوك العام، في بلادنا حرية من نوع آخر وهي حرية أن تكون فوضوياً ولن يحاسبك أحد، والارتخاء الذهني تأصل في مجتمعنا وبات له أنواع مثله مثل التهاب الكبد الوبائي، فلدينا الارتخاء الذهني من نوع (ا) وهذا ارتخاء قسري نتيجة لقصور الفهم وقصور المعرفة وقصور الممارسة، هذا النوع يمكن علاجه ببعض التوعية وتطبيق عقوبات إلزامية، عندها ينشط الذهن ويصبح قادراً على ممارسة ضبط للسلوك، هذا النوع من الارتخاء الذهني سائد لدى الشباب بصورة خاصة وإذا لم يعالج تطور مع العمر للارتخاء الذهني من نوع (ب) وهذا ارتخاء اختياري للذهن فصاحبه يهتم ويحافظ على ممتلكاته وما هو أمام بيته بصورة إرادية وينتقد الناس عند ما يتعدون على حقه في الطريق، فهو يعرف النظام ويعرف ما هو مسموح وممنوع، ولكنه يمارس مخالفة جميع الأنظمة التي يعرفها بصورة إرادية وواعية لأنه يريد ذلك ويقلل من الضرر الذي يحدثه إهماله وتعديه على النظام العام، هذا النوع من الارتخاء الذهني يصعب علاجه بصورة فردية، فعلاجه جماعي ومؤلم فلا بد من وضع معايير عقاب عادلة ولازمة، وإذا لم يعالج فيتطور للارتخاء الذهني من نوع (ج) وهذا هو الأخطر حيث يصبح ارتخاء ذهنياً مع سبق الإصرار، فيقوم صاحبه عن قصد بالضرر للنظام العام وقد يعارض الأنظمة التي توضع لحفظ النظام ويدمرها ويسعى بكل الطرق للتأثير واستغلال الشفاعات في سبيل إشاعة الفوضى، وهنا يتخطى الأمر نظام المرور والنظافة العامة فيتعدى المصاب به على كل ضابط للحياة والإدارة فيصبح مصدر الفساد وفاعله وعندما يصل الارتخاء الذهني عند هذا الحد يموت الضمير ويصبح المرض ملازماً لصاحبه حتى الموت.

في كلامي سخرية وشر البلية ما يضحك، ولكن لماذا يستوطن في بلادنا الارتخاء الذهني؟ في نظري أن لذلك ثلاثة أسباب هي:

1- شعور المرتخي ذهنيا بأنه مواطن هامشي، لا يعدو كونه رقماً في عدد السكان.

2- ضعف الاهتمام بالتوعية الوطنية والثقافة الحياتية، في مقابل الاهتمام بمسائل غير حياتية.

3- ضعف الرقابة الاجتماعية والرسمية، حيث تعاني تلك من الارتخاء الذهني نوع (ج).

كيف نعالج الارتخاء الذهني، عندما نعالج القصور في الاهتمام بالحياة!!!

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail

نبض الخاطر
الارتخاء الذهني
محمد المهنا ابا الخيل

محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة