Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 12/07/2013 Issue 14897 14897 الجمعة 03 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

رسالة كتبها عبد الجليل الطبطبائي، المولود عام 1990م والمتوفى عام 1270هـ، عينه الإمام فيصل بن تركي إماما للجامع الذي بناه بمدينة المبرز بالأحساء، وولي القضاء بها، ولن أبحر في التعريف به، وذكر أساتذته،كما أنني لن أتطرق إلى مضمون الرسالة، وجمال ذكرها مستبعدا حدوثها فكانت في زماننا هذا حاضرة.

ولا أعلم لمن كتب الرسالة لكن من اليقين أن أحدا قد سأله فأجاب، واستنجد به فلم يتردد أو يرتاب، وأخبره أنه قد ولج بعض مضائق هذه المسالك، وما كل الظنون تصيب، وما كل بارقة تجود بصبيب. وقال: والحال أني لم أرد من العلم بعض المناهل، ولم تكن رباعي بأربابه أو أهل، ولم أسرح سوائم أفكاري في رياضة الزاهرة، ولا أديرت على أقداح رحيق حياضه العاطرة، ولا خفقت على مفارقي رايات قادته وأعلامه، ولا حدت بركائبي حداة الشوق إلى المقيل في ظل رنده وشامه. ثم أردف قائلا: وهل تقتطف ثمرات بذر ما أظلت صعيده غمامة؟ ولعلنا نتوقف عند هذه الجملة البليغة، التي يمكن أن تكون صائبة في أزمنة مضت، لكنها اليوم قد تغيرت، وأصبح من الممكن أن تقطف ثمرات بذر لم تظل صعيد غمامة، لأن التقنية الحديثة قد مكنت الإنسان من ذلك، فهناك الزراعة المائية التي لا تحتاج إلى تربة أو غمام، وإنما قليل من الماء يسير في مجراه والزروع معلقة فيه، والجذور سائبة في الماء الذي ينظف وتضاف له بعض الأسمدة ويعود مرة أخرى ولا يستبدل، إلا ما يذهب من خلال البخار أو حاجة الزرع له، وغيرها من وسائل التقنية التي قلبت تلك المفاهيم القائمة.

ثم أردف قائلاً: وهل يغاص على الدر في صحارى نجد، وشعاب تهامة؟ وأقول: حتى هذه ربما تجاوزها أو قد يتجاوزها الزمن، فلم يعد الدر الطبيعي هو السائد، فهناك در صناعي، وآخر زراعي، وهكذا انتشرت آفاقه بعد أن كان محصورا في أماكن معينة، وكان من الممكن أن يكون ذلك موجودا في نجد وشعاب تهامة. ونرجو من العلي القدير أن تبقى تلك الدرة البشرية، وهي النفس الزكية الطاهرة الصادقة المحبة للناس، سالمة من التزييف والتقليد، وأن تبقى صافية نقية حتى يمكن للبشرية أن تستفيد من الدر الطبيعي والصناعي في أمن وأمان وراحة بال.

ثم قال : لكن قد تدر الشولاء بالبسبسة، وقد تظهر الحاجات من الشيء أنفسه. وأقول: الشولاء هي الناقة التي لا لبن لها أو أن لبنها قد خف، وهذا أمر صحيح، فإن الراعي الذي يحسن التعامل مع الناقة قد يجعلها تدر حتى وإن لم تكن كذلك، وذلك من خلال تعودها على صوته، وإلفتها له. ولا شك أن الحاجات تظهر من الشيء أنفسه، والشواهد من عصرنا لا تعد ولا تحصى، فجميع المخترعات جاءت لتلبي الحاجات، وقد أخرجت من جميع الأشياء أنفسها، ولا حاجة للاستطراد في ذكر الأمثال، ولعلنا نكتفي بالكهرباء والهاتف، والسيارة والطائرة، وحتى الصخر عصروه وأخرجوا منه الغاز في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أجبرتهم الحاجة على البحث عن مصدر محلي بديل عن الاستيراد من الخارج. وما نقوله عن هذه المخترعات يمكن قوله عن الطب الذي كان وما زال الإنسان في حاجة إلى المزيد منه، لكن الحاجة ليست بالضرورة سبباً في إخراج ما في النفس البشرية، وإنما يكون ذلك من خلال عدد من المعطيات، إذا ما انصرف المرء عن القتل والحاجة إلى اختراع أدواته، وجمع جهده فيما ينفع الناس.

وننهي هذه المقالة بشيء مما قاله حيث قال: ولما اقتدحت مني زناد فكر طال عليه الصدا، رجاء أن تقتبس منه جذوة أو تجد على النار هدى، فعند ذلك شمرت عن ساعد الجد، وسرت في تحسين ظنك بي سير المجد، مستمداً من فيض عرفان ذي المنة والطول، ومعتمداً على إرشاد من له القوة والحول، وأسأله سبحانه وتعالى أن يهديني للحق وإلى طريق مستقيم، وأقول بصدق العزيمة : سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العزيز الحكيم.

نوازع
القول الحسن
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة