Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 15/07/2013 Issue 14900 14900 الأثنين 06 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

الإرادة السياسية قبل طموح الشعب في النهضة! فقبل أن يتوافر طموح شعبي عام إلى النهوض؛ لن تتحقق نهضة عظيمة مؤثرة تبقى رصيدا قويا للأجيال إلا بتوافر إرادة قيادية سياسية أو أن يمر المجتمع بتحولات خطرة تضعه على الطريق الصحيح لتحقيق تلك النهضة الموعودة!

فلو تأملنا في تأريخ النهضات العالمية لوجدنا أنها لم تتحقق إلا بأحداث عظام أو قادة كبار عظام!

والقادة إما أن يكونوا بنائين نهضويين أو مدمرين رجعيين؛ فكم من قائد قاد أمته وشعبه إلى التهلكة؛ فمغامرات القائد المجنون الموهوم بالعظمة ليست مغامرة فردية له؛ بل هي مغامرة بتاريخ وحاضر ومستقبل شعب أو أمة، قد تستمر نتائجها المدمرة عقودا من الزمن إلى أن تتعافى وتندمل بمرور السنين والإفادة من العبر والعظات التي خلفتها مغامرات القائد المجنون الموهوم بالعظمة؛ فهذا المغامر هتلر أفقد شعبه إمبراطورية كانت على وشك التشكل بعد سقوط الحكم الإمبراطوري عام 1930م على إثر الهزيمة التي منيت بها ألمانيا في الحرب العالمية الأولى التي انتهت عام 1918م، فبعد أن أوصل هتلر حزبه إلى السلطة بدأ في تكوين شخصية القائد المطلق واستعاد ما فقدته ألمانيا من أقاليم في كل الجهات من الخصوم، وتكونت ألمانيا الإمبراطورية الجديدة بعد نجاحه في تفكيك عقد معاهدة فرساي والتحلل من كثير من التزاماتها واستعادة هيبة ألمانيا بعد انكسارها في الحرب العالمية الأولى؛ لكن طغيان شخصية هتلر وشعوره الجارف الأحمق بالعظمة وإيمانه بفكر نازي عرقي ضيق أفقده وأفقد ألمانيا أحلامها بالدولة القائدة لأوربا وربما للعالم لو كان القائد رشيدا؛ إلا أن الشعب الألماني يملك في ذاته بذرة تفوق نادرة؛ فبعد تكالب المعسكرين الغربي والشرقي عليه استطاع استعادة ذاته رغم التقسيم بعد الحرب بعشر سنين عام 1955م بمساعدة من الجنرال جورج مارشال صاحب مشروع مارشال لإعادة إعمار أوربا وتشكلت ألمانيا الجديدة مستعيدة ثمرات عصر النهضة والعصر الصناعي الأول لتضيف إليها طموحات عصر الحداثة.

القادة العظام يخلقون شعوبا عظيمة والشعوب العظيمة تولد أيضا قادة عظاما؛ والعكس صحيح! فإذا كان هتلر قد أعاد ألمانيا إلى نقطة الصفر بحماقاته؛ فإن القائد الياباني العظيم «ميجي» الذي توج إمبراطورا من 1868م إلى 1912 بنى اليابان الحديثة التي انفتحت على الغرب وخرجت من حصار المحيط الياباني، وأسس المدارس والمعاهد بادئا نهضته بالتعليم، حتى خلفه من اتخذ حماقات مغامرات التوسع والاستعباد والحروب الظالمة إلى أن تكالبت القوى الغربية عليها فعادت اليابان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية 1945 م وبدأت من الصفر بعد أن دمرت مصانعها ومنشآتها وحول «هيرو هيتو» الإمبراطور الياباني الهزيمة العسكرية إلى نصر اقتصادي، واستعادت اليابان سيطرتها على كثير من أسواق العالم بدلا من سيطرتها على كثير من البلدان والجزر المجاورة، وبنت اليابان العقل العلمي العامل المنضبط المنتج المنظم بدل العسكري الباطش المدمر المستبد!

كم يحول القادة العظام الهزائم إلى نصر؛ فكما فعل الإمبراطور هيرو هيتو الذي أذاع الاستسلام لقوات الحلفاء بنفسه عبر المذياع وسمع اليابانيون صوته لأول مرة ثم استكمل نهضة أوقفتها الحروب والمغامرات القيادية الموهومة بالعظمة الطامحة في التوسع؛ فعل القائد الكوري الجنرال «بارك شونج» الذي استعاد أسس نهضة الشعب الكوري الجنوبي بعد فترات احتلال استعبادية بغيضة من اليابان وروسيا، ثم بعد حرب أهلية بين الشعب الكوري نفسه الذي قسمته القوى الغربية والشرقية إلى كوريتين؛ رأسمالية جنوبية واشتراكية شمالية؛ فبعد انتهاء الحرب الدامية التي استمرت أربع سنين من 1950 إلى نهاية 1953م انطلق الجنرال بارك عام 1961م بخطة بناء كوريا الجنوبية من خلال تطوير التعليم بالابتعاث وبناء المعاهد البحثية والمصانع وتحفيز العمل.

خلاصة الفكرة: أن الأحداث الكبيرة قد توقظ أمة نائمة من سباتها، وأن القائد العظيم يختصر على أمته قرونا للوصول إلى الهدف النبيل، والقائد المدر يعود بأمته قرونا إلى الظلام والتخلف والفقر والهزائم!

moh.alowain@gmail.com
mALowein@

كلمات
القائد النعمة والقائد النقمة!
د. محمد عبدالله العوين

د. محمد عبدالله العوين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة