Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 25/07/2013 Issue 14910 14910 الخميس 16 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

* أحسست ذات مساء رمضاني بغصة شجن عندما وجدت أن من تحت الأرض ممن هم أقرب الناس إليّ يقترب عددهم ممن هم فوقها من الأقربين!

* فهاتيك “أمي” في مقبرة “عنيزة” التي سقتني جدول حنانها, ونبضات قلبها ورحلت إلى قبرها وأنا لم أرتو منها ولم أردَّ لها جزءًا من فيض عطائها.. بل لم أرتو من رؤيتها وأسأل الله الذي حرمني من الأنس بالنظر إليها ألا يحرمها النظر إلى وجه ربها الكريم.

* وذلك “أبي” بحدبه وورعه رحل عن دنياي ودفن جسده الطاهر في ذات المقبرة التي احتضنت جسد أمي رحمها الله.. في رمضان كم أتذكره رحمه الله عندما ينقلب برنامج حياته إلى كون من الروحانية والعبادات مهاجراً إلى ربه هاجراً ملذات الدنيا ومشاغلها مستغرقاً بمناجاة ربه أو قراءة قرآنه مصلياً متبتلاً خلف شيخه ابن عثيمين في جامعه رحمهما الله.

* وتلك شقيقتي “حصة” أذكرها, وأذكر مضيء أخلاقها, وجميل سجاياها وصبرها على ما أصابها فلم تكن تشتك إلا لربها حتى استرد الله أمانته.. أذكر لحظة فراقها -رحمها الله- بين يدي أختها المرحومة مضاوي كنا ننظر إليها فلا نستطيع رد القدر عنها عندما بلغت روحها الحلقوم ونحن إليها ناظرون واجمون فلا نستطيع إرجاعها ونحن راغبون مشفقون.

)) وهذه أختي الكبرى “نورة” ذلك الملاك الطاهر التي زهدت بالدنيا, وعاشت لربها والبر بوالدها, وحفتنا أنا وإخوتي وأخواتي بنور دعواتها.. ولعل مصلاها الذي لم تفارقه ناله من الحزن أضعاف ما نالنا, لقد كانت بركة بيتنا ونهر الطمأنينة بين جدرانه رحمها الله.

* وذلك أخي “عبدالرحمن”.. ذلك الإنسان الذي وهب حياته ووقته للآخرين فكانت سعادته أن يُسعد الآخرين ويتواصل معهم وعاش أيام عمره رحمه الله سليم القلب طيب المعشر, ثم أقعده المرض فكان أنموذج الإنسان المؤمن الصابر, جعل الله ما ناله من داء تطهيراً له, وطريقاً له إلى جنة المأوى.

* ثم تبعتهم بالرحيل أختي “مضاوي” أو بالأحرى “أم الجميع” فعندما حرمها الله الذرية كانت أمًّا لنا: أخوة وأخوات, وأما للأبناء والبنات فالكل يطلق عليها “أمي مضاوي”, لقد عوضتْ -رحمها الله- من رحلت أمه فكانت هي نعم الأم الحانية واليد الراعية: عطفاً وعناية -عوضها الله بالجنة-.. وكانت لمن عاشت أمهاتهم الأم الثانية بشفقتها ومتابعتها وعطاياها, أسأل الله الذي حرمها الولد بالدنيا أن يجعل الولدان المخلّدين يطوفون عليها بأكواب من قوارير في جنة الفردوس.

* آخر الراحلين أخي الكبير “محمد” الذي فاجأنا بل فجعنا رحيله فلم يكن ما بين تمتعه بالعافية ومغادرة الدنيا سوى أسبوع واحد ثم غادرنا إلى رحمة ربه بهدوء كما عاش حياته بهدوء, سافر إلى رحاب بارئه صامتاً كما هو مسلكه في الدنيا.. كم كان نقياً نأنس به وبجلسته رحمه الله.

)) لولا إيماني بالله لا أصدق أنهم رحلوا من أروقة قلوب أحبابهم إلى لحود قبورهم لكأنَّهم -رحمهم الله- أمامي بحركاتهم وأشكالهم وأشيائهم!

* يالله ما أقسى الرحيل

لكنّ ماء الطمأنينة ينسكب في رواق القلب.

ووديان الروح, عندما أتذكر قول من جلّ في علاه: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا).

فلا ندم -بعد ذلك- على رحيل ولا شجن يبقى على مغادرة غال أو انطفاء حياه “غالية”.. إن فضاء الارتياح هو: أمل اللقاء في جنة الخلود والمأوى.

* * *

* وبعد!

عند كتابة من المقال ظللت أبحث عن عنوان له فوجدت أقرب إلى قلبي وقلمي هذا العنوان الذي وضعته للمقال بعد أن ألغيت أكثر من عنوان فكان هذا هو الأقرب “غاب تحت الثرى أحباء قلبي” وهو عنوان كتابي الذي رثيت فيه عدداً من الراحلين والراحلات من أقرباء وعلماء وأدباء وغالين وغاليات.

رحم الله أحباء قلبي وأحباء قلوبكم.

hamad.alkadi@hotmail.com
فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi- أمين عام مجلس مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية

جداول
غاب تحت الثرى أحباء قلبي !
حمد بن عبد الله القاضي

حمد بن عبد الله القاضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة