Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 26/07/2013 Issue 14911 14911 الجمعة 17 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

أفاق اسلامية

وزير الشؤون الإسلامية في محاضرة عن: «منهج لإصلاح العقل في الفكر الإسلامي»:
من أساسيات دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عدم التعصب للمذاهب والتجديد في الدين

رجوع

من أساسيات دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عدم التعصب للمذاهب والتجديد في الدين

الرياض - الجزيرة:

أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن المواضيع الثقافية، أو المواضيع الشرعية كثيرة جداً، واليوم، والعصر الحاضر هو عصر المعلومات وعصر الحوار، وعصر تجاذب الأفكار حتى أن كل أحد ممن لديه بعض المعلومات يجادل ويحاور بقدر ما عنده من ذلك، وتجاوز العقل الإيرادات بما يعلم الإنسان إلى أن يكون كثير ممن يحاورون، ويجادلون، ويؤثرون في من حولهم، أو في مجتمعاتهم بأنواع من التأثير آل الأمر إلى أن يكونوا أيضاً مُصدرين لأحكام أو موجهين للعقول، أو موجهين للمجتمع بأسره، وهذا له شق إيجابي ولكنه شق يحتاج إلى نظر وتبصر. من هنا جاء اختيار الموضوع الذي سأتحدث عن بعض أطرافه وهو اجتهاد مني في ما رأيت فيه بعض الحاجة للتعرض له ليفتح المجال إمام الناظرين وأمام الباحثين وأمام المؤثرين بعامة في الحياة الدينية والدعوية وغيرها لنكون أكثر قوة، وأكثر نضجاً وأكثر عقلاً وإصلاحاً.

جاء ذلك في مستهل المحاضرة التي ألقاها معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في ملتقى الأمير تركي بن طلال بعنوان: (منهج لإصلاح العقل في الفكر الإسلامي)، واصفاً معاليه الملتقى بأنه أحد الملتقيات والليالي الرمضانية المباركة الثقافية والدينية، مفاتيح لرؤية يراها المسلم، يراها الإنسان فيما يصلحه في دنياه وآخرته، ولا شك أن المرء لا يمكن أن يُضيع نفسه لأنه إذا ضيع نفسه بترك إصلاحها في روحها، وفي عقلها، وفي بدنها فإنه قد فرط تفريطاً كبيراً.

أصول وقواعد

ومضى معاليه يقول: كل علم من العلوم التي يتعلمها الإنسان له أصول وقواعد تعصم هذا المتعلم من الوقوع في الخطأ في سلوك هذا العلم، فمثلاً في التفسير لا يتعاطى التفسير إلا من كان له أدوات علمية يُعنى بها معرفة الشرع، ومعرفة اللغة، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة السيرة إلى آخره، وأن يكون عالماً أيضاً بأصول التفسير، وكذلك علوم القرآن، كذلك الحديث لا يتعاطى العلم بالحديث إلا من علم أحوال الأحاديث بمعرفة مصطلح الحديث، وشقي الدراية والرواية، وكذلك الفقه لا يتعاطى الفقه إلا من كان له إلمام بأصول التفكير الفقهي، وهو المسمى في العلوم الإسلامية بأصول الفقه وقواعد الشريعة، والمقاصد وأشباه ذلك. كذلك التاريخ لا ينظر في التاريخ ويكون منصفاً في نظره إلا من كانت عنده قواعد لتمييز المعلومات التاريخية الموجودة في الكتب ما بين صحيحها وسقيمها، وما بين الثابت منها وغير الثابت.. لهذا كتب مثلاً في أصول التاريخ كتب أحد الأساتذة في الجامعة اللبنانية قبل نحو خمسين سنة كاتباً مهماً في هذا المجال سماه: (مصطلح التاريخ) على غرار مصطلحات، العلوم الإسلامية والشرعية.

ورأى معاليه أن اللغة العربية لا يمكن أن يبرز فيها أحد، وأن يفهمها، وأن يفهم القرآن، أو يفهم الشعر العربي، أو يفهم الأحاديث، أو يفهم المأثور العربي الأدبي الكبير إلا من كان عنده معرفة باللغة العربية عن طريق معرفة النحو والصرف التي هي القواعد الموصلة لفهم اللغة العربية. التفكير جزء مهم في الحياة بل هو الحياة كيف يفكر الإنسان في كل حياته فضلاً عن التفكير في أعز ما في الحياة وهو الدين والإسلام، والتلقي عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم ـ، هذا التفكير يسبح فيه الناس في مناح شتى يفكرون بأنواع من التفكير فأصبحت نصوص الكتاب والسنة، أو المواد الشرعية، أو العلوم الشرعية من الفقه والحديث أصبحت مسرحاً لكل أحد ينظر فيها ويفكر ويستنتج ويحكم من دون معرفة بمنهج التفكير في ذلك.

حراك إسلامي

وبين أن العقل في تعاطيه للتفكير فيما ينتج أنواع من الفكر، لأن التفكير عملية والفكر نتيجة والعقل وسيلة فيما ينتج هذا الفكر الذي قد يسمى فكر إسلامي، أو قد يسمى فكر ثقافي، أو قد يسمى فكر اجتماعي بأنواعه، عملية العقل في التفكير هذه تحتاج إلى مقدمات حتى نضمن بها أن يكون العقل يصل إلى صواب النتيجة في تفكيره، وهذه الزاوية لم أر فيها من البحوث، ولا المقالات، ولا الاهتمام من ذوي الشأن ما تستحقه من العناية. الملاحظ لدينا حراك إسلامي كبير معنى إسلامي يعني في العالم الإسلامي وليس بخصوص الفكرة الإسلامية، أو العلوم الإسلامية، عندنا حراك في بلدنا، فيه حراك كبير متنوع، لكن تلحظ أن التفكير يأخذ في كل منحى وكأنه لا منهج يربط طريق التفكير حتى يكون هناك تقارب في التفكير بالوصول إلى النتيجة، لأن التفكير وسيلة والعقل أداة، والنتيجة هي الفكر منتجات الفكر التي هي تخدم الناس في الوصول إلى ما يريدون الوصول إليه من الأهداف، هذا ينبني على مقدمات لابد أن نقدم بها، وأهمية العقل في بنية الإنسان في خلق الإنسان وأهمية العقل في الشرع في نصوص الكتاب والسنة أهمية العقل في فقه دين الله، التفقه أهمية العقل في التشريع والاجتهاد، أهمية العقل في نواحي الحياة كلها الحياة الاجتماعية، الحياة الأسرية الحياة الوظيفية حتى في المال والأعباء ليس العاقل كغيره، لذلك مدار الحياة على قدرة العقل على صواب التفكير، أو على التفكير الصائب. العقل يتعرض له بعض الناس بأن العقل هذا ليس مهماً وإنما اهتم به المناطقة، واهتم به الفلاسفة واهتم به من يتكلمون في اللاهوت وعلوم الكلام ونحو ذلك. هذا ليس صحيحاً بل العقل هو مناط التشريع، وهو لب خلق الإنسان، الإنسان يميزه عن الحيوان هذا العقل القوي: قال تعالى {خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}، البيان ألفاظ صادره عن عقل مدرك، وهذا يعطينا الاهتمام الكبير في الكتاب والسنة للعقل، قال الله جل وعلا في آيات كثيرة يعظم من عقل {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. والآيات في هذا المجال كثيرة، في السنة النبوية، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حجة الوداع وهو يخاطب الأمة يقول: (رُب ناقل فقه إلى من هوافقه منه) قال: (نظر الله من سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها) هذا وسيلة ناقل ثم قال: (فربما ناقل فقه إلى من هو افقه منه)، لهذا كان العقلاء في أي أمة أقل من عامة الأمة، العقلاء دائماً هم النخبة، أو ما يسمى بالحكماء هم النخبة، يعني من يعقلون الأمور على ما هي عليه إما تماماً أو كمالاً. هذا يعطي أهمية الاهتمام بالعقل، وتنميته، وتدريبيه، والاهتمام بتعليم العقل كيف يعقل، وكيف يفكر في الأمور الشرعية من حيث هي، إبراهيم الخليل - عليه السلام - لما ناظر المشركين أحيى فيهم الفكرة العقلية في رد الشرك: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي}، يعني أهذا ربي يخاطبهم وإبراهيم الخليل - عليه السلام - كما في عقائد أهل السنة والجماعة كان مناظراً لا ناظراً، يعني أنه كان يحتج عليهم بأمر عقلي بسيط ليصل به إلى النتيجة، فإذاًً استخدام العقل في التفكير، وتميز من يعقل على من لا يعقل له شأن كبير في النصوص في الكتاب والسنة، وفي سير الأنبياء. إذا نظرنا إلى سنة الحياة كذلك مما أجمع عليه الناس مدح العاقل، وذم غير العاقل. لهذا نلخص المقام في أن الإنسان بكله يوصف بأنه كائن عاقل لهذا قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.

وسائل متجددة

واسترسل معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ قائلاً: التجديد مطلوب شرعاً، إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها، يعني يوضح لها دينها، يبين لها دينها، يجعله جديداً بعد ما خلق وصار غير واضح للناس. هذا التجديد في الدين لابد معه من تجديد وسيلة فقه الدين، ووسيلة تلقي الدين، والوسيلة هي العقل ولذلك نرى أن كثيراً من الوسائل المتجددة بحسب العصور لا يمكن الاستفادة منها إلا بعقل يميز ما بين مناسبها من عدمه، وقويها من ضعيفها. التجديد مهم بل هو جزء من ما مدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقره، لكن لا يمكن التجديد إلا بتجديد العقل، يعني بإصلاح العقل، لذلك صار منهج إصلاح العقل مهماً جداً في نتيجته وهي تجديد الدين الإسلامي. أحد الفلاسفة الفرنسيين «هنري لاوست» له كتب عدة ننظر فيما قال يقول مثلاً: إن ابن تيمية وتبعه بن عبدالوهاب صحح العقل في داخل العقل الإسلامي بتخليصه من الخراف، ولذلك قبل الناس هذا التجديد وهذا التغيير في الحياة، فأولاً تخليص العقل من قبول الخرافة هذا جزء مهم من التجديد الذي عمله من عمله فيما سبق حتى يكون هناك قبول للتجديد العام في فهم الشرع، وفي الالتزام به. هذا مجرد لفته فيما قال، وهذا صحيح لأنه بالتجربة لا يمكن أن يدخل في التجديد الصحيح للدين إلا من كان عنده حسن تجديد لنمط تفكيره وعقله في ذلك.

وشد معاليه على أن تجديد الدين يحتاج إلى أمرين، الأول منهما الثبات على الأصول، والتجديد معناه تجديد ما هو موجود، يعني جعل ما هو موجود جديداً، يعني جعل ما عندنا جديداً، فالذين يهاجمون الموروث بإطلاقه بعيدون كل البعد عن التجديد المقبول. ثم هناك للتجديد وسيلة، أوسائل متنوعة، من وسائله مثلاً في المجال الديني تجديد الخطاب الديني، أو تجديد الخطاب الإسلامي، تجديد الخطاب الديني معناه تجديد وسائل إيصال الدين إلى الناس، فإذاً عندنا لابد أن يكون هناك نقاء في الأصول ثم وضوح فيها ثم بعد ذلك يكون هناك فيه تجديد للوسائل في ذلك، الوسائل ليس معناها الوسائل التي هي الآلات يعني استخدام موقع إلكتروني، أو استخدام كتاب، أو استخدام شريط أو نحو ذلك، بل الأمر أكبر من ذلك التي هي وسائل التأثير على الناس، مثلاً الحماس التحميس، التهيج، الانتقاد، الإحباط، العناصر التي تستخدم كوسائل للفت الناس لنظر ما في الأمر الديني أو الشرعي، هذا يعطينا الكثير من التفريق في الوسائل ما بين الوسائل المقبولة الوسائل غير المقبولة لأن تجديد الوسائل كان أمراً مهماً أن ينظر.

وقال: إن تجديد الوسائل له صلة مهمة في صناعة العقل، مثال تجربة مررنا بها في العمل، مثلاً عقلية الخطيب، والداعية، كيف يتعامل الخطيب، أو كيف يتعامل الداعية مع الأمور التي تحصل فيما حوله؟ كان هناك عدة وسائل يستعملونها لتنبيه الناس على القضايا التي يريدون معالجتها، ننظر لها مثلاً وسيلة التهييج على المنابر، على الخطب بمعنى جعل الناس مشحونين، إما بأمور معاصرة، وإما حتى بالقصص التاريخية إما للصحابة أو الأنبياء أو نحو ذلك مما يجعل تفكير المتلقي العقلي في الأمور غير منضبط ويعطي وسيلة لكن نتيجة غير منضبطة فتعطي عقلاً للشرع غير منضبط. ومن ذلك ظهرت هذه الكثير من الجماعات، والأفكار، والمدارس المتنوعة الغالية، والمنحرفة نتيجة لعدم عقل الوسيلة في دينونتها ما بين الملقي والمتلقي، دائماً فيه فرق بين الملقي والمتلقي، فإذا كان عقل الملقي يختلف عن عقل المتلقي لابد أن تختار الوسيلة التي توصل الفكرة حتى لا يقع المتلقي في شيء أوسع من ما أراده الملقي.

ومضى معالي وزير الشؤون الإسلامية يقول: تجديد العقل، أو إصلاح العقل منهج لإصلاح.

فهم النصوص

العقل في هذه الكلمات مدخل للتفكير في منهج إصلاح العقل، لا نستطيع أن نغطي كل ذلك لكن هي تفتح التفكير لمنهج لإصلاح العقل في الفكر الإسلامي، العقل والنقل هذه كلمه دائماً نسمعها، أهل السنة والجماعة يقولون «إن العقل وسيلة لفهم النقل»، أي فهم النصوص فلا يُفرط في استعمال العقل حتى يلغى مدلول النص، ولا يُفرط في العقل بحيث لا يكون هناك مجال فهم النص بالعقل، يعني ما بين مدرسة الظاهرية التي يلغون العقل في فهم أبعاد الكلمات، وما بين مدرسة الإفراط في العقل التي تُؤول الواضحات. العقل عند أهل السنة والجماعة تابع، وعند بعض المدارس الكلامية في العلوم الإسلامية يجعلون العقل حاكماً على الشرع، يجعلون العقل هو القاضي، هو النقل شاهد، وهذا أوقع خللاً في تلقي المعارف الإسلامية في العقيدة والشريعة وفي السلوك فأنتج أنواعاً من الفرق، والمذاهب سواء الفرق الكلامية، أو الفرق الإسلامية، أو حتى المذاهب السلوكية والتعبدية المختلفة هناك ثنائية مهمة في طريق إصلاح العقل، هذه الثنائية لأن الإنسان مخلوق من عقل وعاطفة، يعني روح الإنسان أكثر ما يميزها العقل والعاطفة عقل الأشياء هو بالروح، والأجهزة التي في البدن هذه وسائل لعملها، المشاعر العاطفة هذه أساسية، فهناك صراع دائم ما بين العقل والعاطفة، ما بين العقل المدرك وما بين الشعور المحسوس، في الغالب أن حظ الجماهير في التأثير عليها والتأثير على عواطفها وحظ النخب في التأثير عليها هو التأثير على عقولها، ولهذا ووجه الناس في الصراع الكبير، والأكبر على الإنسان، في الصراع على هاتين الصفتين صفة العقل وصفة العاطفة، فهناك تنافس شديد منذ القدم على العقل المدرك، والعاطفة المسيرة ولما جاء الإسلام ووازن ما بين العقل والعاطفة وجعل لكل منهما نصيبه الأوفر فجعل العاطفة مجال تمسك والإقبال على الله - جل وعلا - ورؤية الآخرة وجعل للعقل التمييز ما بين ما يضره وما ينفعه {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}، طريق الخير وطريق الشر. فالصراع في كل إنسان ما بين عقله وعاطفته يومي دائب في هذا الشأن، هنا لا يمكن إصلاح العقل إلا بتوازن العاطفة إذا كانت العاطفة جياشة، فإن العقل سيضعف، ولذلك جاء في الحديث الصحيح: (لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان). وحتى الطلاق عند طائفة من أهل العلم والفقهاء لا يقع إذا كان في غضب شديد مغلظ، ولا في فرح شديد مذهب للإدراك، لماذا ؟ لأن الإرادة العقلية المحددة التي فيا صالح الإنسان اختارها تؤثر عليها العواطف، فإذاً الصراع ما بين العقل والعاطفة هذا صراع كبير جداً فمن كانت عواطفه متأثرة فلا تقبل أحكامه العقلية، أحكامه العقلية لا لنفسه، ولا تحليلاته، ولا دراساته إلى آخره، لأننا نريد حكماً صحيحاً. القاضي لا يقضي حين يقضي وهو غضبان لأننا نريد في المسائل الخلافية، وفي مسائل الخصومات نريد حكماً عادلاً، إذا كان هناك مؤثر نفسي على الحكم، على عقل القاضي فإنه لن يكون عادلاً، سوف يذهب إلى شيء آخر ربما.

الفكرة العاطفية

وشدد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ على أن القرارات المهمة في حياة الإنسان يجب لصوابها في منهج التفكير يجب أن تكون خالية من قوة المؤثرات العاطفية، المؤثرات النفسية، الجماهير يؤثر عليها بالعاطفة ما تعرف الحقائق الجماهير مثل ما قال أحد الفلاسفة الفرنسيين لاوست، يقول في أحد كتبه: كم نفذت سياسات هي من الخرق بمكان في ظل ألفاظ حسنة الانتقاء، ويقول: الجماهير تصنع بالخطابة وأما العقلاء فيصنعون بالبرهان وأما الجماهير فتصنع بالعاطفة، جاءت الماركسية تبعها هو يمثل يقول تبعها عشرات أو مئات الملايين يفدون بأنفسهم تجاه هذه الفكرة لكنها فكرة عاطفية وليست لها نصيب من موازنة العقل في كل مجال. لذلك نرى في هذا العصر الذي نعيشه نرى صراعاً قوياً على العقل وعلى العاطفة من كل القوة المؤثرة في العالم الخارجي أو الداخلي، فكل يستبق إلى أنواع المؤثرات على عاطفة الإنسان، وعلى عقله، وبالتالي فإن المنهج الذي يكون فيه وقاية، أو فيه حماية، أو فيه تأصيل وبناء مثل هذا الركام الكبير الموجود في الصراع على عقل الإنسان، وعلى عاطفته هذا يحتاج إلى بناء منهج للعقل في التفكير.

واستمر معاليه قائلاً: إذا نظرت اليوم إلى العقل الإسلامي، يعني العقل في التفكير الإسلامي نجد أن كل أحد خاض في هذا الغمار على اختلاف تنوعه، من المتقدمين خاض الفلاسفة، وخاض الحكماء، وخاض العلماء، وخاض المجددون جددوا الفقه..إلى آخره، وخاض، وخاض لإصلاح منهج العقل فيه كتب كثيرة في علم المنطق، وهو يختلف عن موضوعنا لكن عرفوا المنطق بأنه: العلم الذي يُعصم به الفكر عن الخطأ، ويقصدون بالفكر الفكر الفلسفي الكلامي وليس عموم الفكر الإسلامي. اليوم الكل خاض في صراع على العقل، فمثلاً البناء النفسي للأمة عبر المؤثرين على عقولها في رؤية الأمور والأوضاع الداخلية والخارجية وفي رؤية ما يتصرفون، وما لا يتصرفون فيه بناء عقل متدرج لإعطاء الناس قناعة عقلية بأن هذا الواقع صحيح أو غير صحيح، لأن هذا حق أو غير حق حتى في مسائل يستغرب العاقل فيما بينه وبين نفسه كيف يقتنع الناس بهذه الفكرة، كيف تؤديهم عقولهم إلى أن هذه الفكرة صائبة، ولكن هذا الذي صار. كيف يقتنع أمم من الناس بالأفكار الانتحارية، كيف يقتنع أمم من الناس بما يسمونه الفوضى الخلاقة، كيف يقتنع أمم من الناس بالثورات، وكيف يقتنع أمم من الناس بالإحباط النفسي وأنه وسيلة للإصلاح. أيضاً العقل في تلقي الشرع نجد أن المدارس الإسلامية متنوعة، فيها المدرسة السلفية في تلقي النصوص وإعمالها، وهناك مدارس فقهيه أيضاً متنوعة، وهناك مدارس تنويرية، وهناك مدارس أيضاً هي في سلك الصف الإسلامي ليبرالية إسلامية، وكلها تذهب إلى استعمال العقل وتغيير نمط التفكير في التعامل مع النصوص أو التعامل مع الشرع، بل آل الأمر إلى أن يكون من أهداف الحركة الليبرالية والعلمانية في المملكة العربية السعودية أو في غيرها إلى الاهتمام بتشويش العقل المسلم في علاقته بالنص. فكان مثلاً من أقوالهم يقول: (أديموا النقد للموروثات الدينية والتاريخية حتى لا يكون عند الناس غضاضة في نقد أي شيء)، يكون في العقول قابلية، عقل ناقد، أن تصنع عقلاً ناقداً دائماً يحجبك عن الصواب، ولذلك الفلاسفة في التاريخ لم يحكموا مع أنهم حكماء فيما يوصفون به، قال أحد الفلاسفة: (لا يصلح الفلاسفة للحكم لأن العقل عندهم عقل حكمه ناقد، والعقل الناقد غير عقل القرار، يعني كل شيء قابل للنقاش لا يمكن أن الناس يمشون في حياتهم من دون أمور مقطوع بها، إذا كان كل شيء يقبل النقاش، ويقبل التفكير والعقل له دخل في كل شيء فإنه لا يمكنللناس العيش في أصول واحدة إلا بلا تفكير غيبي ديني وإنما يكون التفكير دنيوياً بحتاً.

وسائل التجديد

وأبان معاليه أن علماء الإسلام أصلحوا العقل بالاهتمام بنقطتين أساسيتين أولاً فتح باب الاجتهاد احد وسائل التجديد، فتح باب الاجتهاد معناه عدم التعصب، باب الاجتهاد مفتوح، كان من أساسيات الدعوة السلفية التجديدية وقت ابن تيمية، وابن القيم ثم في تجديدها الثاني في عهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب من أساسياتها عدم التعصب للمذاهب والتجديد في الدين، وفي الفقه، وعدم التعصب وفتح باب الاجتهاد حتى أنه مما أثاروه على الشيخ قالوا: إنك تفتح باب الاجتهاد وباب الاجتهاد مغلق من ثلاثمائة سنة لعدم وجود مجتهد فقال: (لا يغلق باب الاجتهاد إلى قيام الساعة)، هذا تحرير للعقل من التبعية للماضي، ولكن التبعية للماضي كما أن لها سلبيات فلها إيجابيات وهنا الموازنة ما بين الانتماء للأصل وما بين الانتماء للعصر، هذه الثنائية الأصل، التاريخ، الجذور وما بين العصر الصراع ما بين هاتين الثنائيتين القديم والجديد أو العصر والأصل، التاريخ، الدين، العقائد، المنهج وما بين العصر بوسائله، ومعطياته أوقع الكثير في خلل في منهج العقل فلا يدري أيسير مع العصر أم يسير مع الأصل فضاع في الموازنة فأنتج نتائج خاطئة لا في الرؤية في التفكير الإسلامي أو حتى في المسائل المعاصرة في الفقه والتجديد وغير ذلك. وأشار إلى أن نظام الحكم في الإسلام لا يوجد نظام منصوص عليه، يعني لا يكون النظام إسلامياً حتى يكون ملكياً، أو لا يكون النظام إسلامياً حتى يكون جمهورياً، أو لا يكون النظام إسلامياً حتى يكون إمبراطورياً، أو لا يكون النظام إسلامياً حتى يكون ديمقراطياً، إلى آخره، وسيلة النظام لا تشوف في الشرع لا، يعني الشرع لا يبحث في وسيلة النظام في شكله إنما يبحث في المضمون، الشكل هل هو ملكي، هل هو جمهوري، هذا لا قيمة له، لذلك كان من الأنبياء ملوك، وأيضاً يكون النظام بغير ذلك بأنواع منه، فهذا مرتبط بالنظرية السياسية في الإسلام وهي أن الاهتمام بالمضمون لا بالشكل، المضمون ما هو ؟ إقامة حكم الله، العدل {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}، إقامة العدل أداء الأمانة، المساواة بين الناس، عدم التفريط في الحقوق، في الحريات إلى آخره بحسب قواعد الشرعي ذلك، هذه الأصول وجودها هو المضمون لكن الشكل غير مهم. الوصول للشكل لتحقيق المضمون هل هو بحكم تغلبي، أو بحكم انتخابي، أو بحكم قصري، أو بأنواع الحكم، أيضاً الشرع لا ينظر له، كيف شكل الوصول للحكم؟ وإنما القصد حياة الناس في عقلها، ومدركاتها، ومعيشتها في أنها تكون حاضية بالحياة الكريمة، بالإنسان بأنواع الحياة الكريمة، أما الشكل فهذا نوع من الوسائل وليس من المقاصد، هذا يعطيك أن التجديد في العقل الإسلامي يجب أن يسبق التفكير، بمعنى أنه إذا خضنا في التفكير في كل ما يلقى علينا أصبحنا أهل تلقي ولا يصح أن يكون عندنا التلقي أن نكون أصحاب ردود أفعال وإلا ستكون هذه الأمة دائماً أمة غير فاعلة، دائماً أمة صاحبة، ردود أفعال لهذا كان هناك من المهم أن يكون هناك وعي في التفكير، في إصلاح العقل لأجل أن نصلح التفكير، فكما أن التجديد في الدين مطلوب، فكذلك التجديد في العقل لأنه وسيلته في ذلك.

إصلاح العقل

واستطرد معاليه قائلاً: إذا نظرنا إلى ما سبق فمجالات إصلاح العقل كانت متنوعة وبها يُنتج، أو تكون النتيجة صائبة ومهمة فمثلاً إصلاح العقل في النظر إلى الكون يبعدنا عن درن الإلحاد، وإنكار الربوبية حتى على نظرية الاحتمالات فإنه إذا تساقطت الاحتمالات فإنه يبقى احتمال الأكبر والأقوى هو أن للكون خالقاً مدبراً له، فإصلاح العقل في التفكير ينتج عنه في مجال الربوبية الإيمان بالله - جل وعلا ـ، أما الفوضى في العقل، وفي التفكير فينتج عنها أن الحياة مادة، وأن الحياة شهوانية، ولا وجود إلى آخره، وجد الإنسان ولا غير ذلك، إصلاح العقل من الخرافة، من الأوهام، من الغيبيات التي لا أصل لها يُبعد كل أنواع الشرك، الشرك الأكبر والأصغر والخرافات والبدع إلى آخره، إذًا فكرة في صنع إنسان يأتي إلى ميت ويطلب منه أشياء يطلب من أنه يزوج ابنته، أو يطلب منه أن يشفي المرضى أو يطلب منه رزقاً وفيراً، أو أن يقضي دينه هذا خلل كبير في العقل في أنه إنسان يفكر بأن هذا الغائب الميت له مثل هذه القدرة، بل آل الأمر في بعض الطوائف الإسلامية أنها تعتقد أن الصورة، صورة الإله البشرية في التجسد هي في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وفي آل البيت، أو في الأقطاب الأربعة كما هو معتقد طائفي، أو في حكام الكون السبعة كما هو معتقد طائفي، هذا يدخل في خلل العقل في خلل كبير جداً في الدين بل في الوقوع في الكفر -والعياذ بالله- بوحدانية الله - جل جلاله.

وزاد قائلاً: الإيمان بأنواع الشرك، وبالغيبيات والمبالغة مثل الآن عقل بعض الناس كان عقل الناس سليماً والآن دخلت فيهم أمور الغيبيات، في أمور الجن وأمور السحرة أمور الكهنة والإيمان بأشياء إلى آخره، العقل إذا فسد دخلت فيها كل الأفكار غير الصحيحة لأن صلاحه مرتبط بعضه ببعض، إصلاح العقل في الفقه هذا ضروري جدًا لأن لا تجديد إلا بتجديد الفقهي، التجديد في الفقه معناه إحياء روح الاجتهاد من عالم قادر على الاجتهاد لأن اليوم كل أحد يدعي الاجتهاد, والاجتهاد معناها أن تقول في نازله إن هذا حكم الله - جل وعلا - فيها هو الأقرب إلى ما يعلمه من الشرع وهذه مرتبة تحتاج إلى علم غزير وليس فقط قراءات، وإنما علم مكون بعلم للقرآن والتفسير، وعلم بالنصوص وكلام العلماء، والقواعد إلى آخره، ففتح باب الاجتهاد أحد مجالات العقل السليم، وأحد مجالات إصلاح المنهج العقلي في النظر الفقهي، أيضاً من إصلاح العقل أن أنواع الفقه يُمكن أن تتجدد بمعنى أن اليوم نرى مثلاً بعض أنواع الفقه في الشرع نرى أنها غائبة أو ضعيفة التأثير مثلاً في الحس الإسلامي أو حس الدعاة أو في المجالات التي نتعاطى بها مثلاً فقه المآلات، فقه القوة والضعف، فقه المقاصد، فقه المصالح والمفاسد، هذه أنواع من الفقه مهمة جداً هي صنعة المجتهدين لكن اليوم لكثرة تعاطي الناس للمسائل الشرعية في شأن الأمة الكبير، وفي الشأن الصغير لابد أن تُحيا مجالات من الفقه يعني فقه القوة والضعف لا يمكن أن ننزل قول الله - جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا}، في كل حالة من حالات وقوع المصائب في الأمة، أو {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً}، أو

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. هذا حق لكن هذا جاء في زمن قوة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو حق كما أن قوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} حق، والإعراض {واعرض عن الجاهلين} حق, فإذاً كيف تنزل النصوص كل نص في بساط حاله الذي جاء به النص هذا يحتاج إلى عقل فقهي تجديدي، وهنا أخطأ العدد اليوم في تنزيل أحكام ليست في مجاله، فيجعلون أحكام للمسلمين في أمريكا، أو في أوروبا هي الأحكام نفسها للمسلمين في الرياض، أو يجعلون للمسلم الحديث الإسلام في اليابان، أو في الصين هي الأحكام نفسها الموجودة للمسلم في الخليج، أو في مصر، أو في باكستان ليس الأمر كذلك، وهنا يتنوع الأمر بتنوع الحاجة إلى أنواع من الفقه جديدة، فقه المآلات كنت دائماً في لقائي بالخطباء في مناسبات مختلفة أوصيهم بكثرة التأمل في فقه المآلات يعني ما يؤول إليه كلامه هل الكلام الذي سيقوله الداعية أو الخطيب سيؤول إلى خير أو إلى غيره لأن المشكلة في عقل الداعية، أو طالب العلم، أو من لديه معلومات أنه يُحب أن يلقي المعلومات التي عنده إذا كان عنده قدرة على التحليل الفلسفي سيتكلم فيه، إذا عنده قدرة على التحليل النفسي سيتكلم فيه، إذا كان عنده القدرة على التحليل الشرعي أو الفقه الفتوى سيتكلم فيه، إذا كان عنده القدرة على إثارة العواطف، وإثارة الناس سيتكلم فيه، لكن ليس الشأن في ذلك، القرآن ما نزل مرة واحدة: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} لتقراه على الناس على مكث، فهنا لابد أن يُنزل كل أمر بحسب الاستفادة منه، هنا النظر في المآلات، هذا نوع من الفقه، فقه المآلات لابد أن يحيا في الأمة لإصلاح العقل، لأنه لا يمكن أن يصل العقل إلى تفكير سليم وهو لا ينظر إلى ما سيؤول إليه تفكيره، أو عقله في هذه الأمور، ما سيؤول إليه تصرفه، ما سيؤول إليه منهجه من ما لا يؤول، المهم أنه ينتج بهذه النتيجة دون النظر في المآلات هذا ينتج خطأ في منهج التفكير، جزء من صوابية العقل في التفكير أن ينظروا في المآلات، أيضاً في المقاصد من العلوم الشرعية المهمة في النظر الاجتهادي لإصلاح العقل في النظر للعلم الشرعي، علم المقاصد الشرعية وهو علم مهم، في عصرنا الحاضر غلا أناس في المقاصد حتى أغوا النصوص في مقابل المقاصد والقواعد الكلية، وآخرون الغلوا المقاصد حتى صار النص عندهم يطبق من دون النظر إلى ما هو أولى منه، وهذا يحتاج إلى نظر عقلي إسلامي صحيح، فالاجتهاد الفقهي في أن تنزل المقاصد منزلتها فلا يبالغ فيها في النظر المقاصد ولا يلغى النظر المقاصدي، فلابد أن ننظر إلى المقاصد وتحترم المقاصد الكلية للشرع حتى نفهم روح الشرع، ولا يبالغ في ذلك بحيث لا يكون هناك قيمة لوزن الشرع.

المصالح والمفاسد

واسترسل معاليه قائلاً: المصالح والمفاسد مهمة أيضاً في صياغة العقل، وهنا هل تسبق النتائج التفكير أو يسبق التفكير النتائج، هذا أيضاً إشكالية نفسية، فأحياناً تفكير الإنسان يتبع للنتيجة التي يريد أن يصل إليها ولكن المنهج الصحيح هو العكس أن تفكر ثم تصل إلى النتيجة وفق أصول العقل، وأصول التفكير، فلا بد أن يكون هناك تفكير من دون مقررات سابقة، أي من دون نتائج مبيتة حتى يكون العقل في تفكير سليماً، السلوك أيضاً من مجالات إصلاح العقل كيف؟، هذه مسألة مهمة لابد من التأمل فيها أكثر، وأكثر، الأخلاق الذاتية للإنسان هل لها أثر على صحة تفكيره من عدمه، على صحة عقلة من عدمه, على صحة حكمته من عدمها، على وصوله للنتيجة السليمة أم لا؟ مثل الكبر والتواضع، مثل العجلة والأناة مثل الحلم والتهور، مثل الحكمة والجهل، مثل الصدق والكذب، هذه أمور أخلاقيه عظيمة وعبادات، تحري الصدق عبادة، تحري الحكمة عبادة، تحري التواضع يُقرب إلى الله - جل وعلا ـ، البعد عن الكبر يُقرب إلى الله - جل وعلا - وهكذا.

وتساءل معاليه هل لهذه الصفات أثر في صياغة عقل الإنسان؟ أجاب - نعم - وأكبر أثر، فالذي يتحرى الصدق في كلامه سينتج عنه تحري الصدق في عقله، فالذي يكذب، ويكذب دائماً عقله يكذب، فإلانسان على حسب ما ينتهي إليه، فالكذب في اللسان باستمرار ينتج عنه تمرين العقل على عدم تصور الأشياء على حقيقتها لذلك جاء في الحديث: (وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)، فتحري الصدق يعني الأمانة مع النفس وهذه لها أثر كبير في صوابية التفكير العقلي في الإنسان، فإذا كان الإنسان في أي تخصص طبيب، مهندس، عالم في أي مجال إذا كان هو يتلقي المعلومات حتى يفهمها بدقة هذا ينتج عنه صحة عقله في التفكير.

وواصل معاليه قائلاً: الكبر والتواضع، التواضع صفه يحبها الله تعالى كما جاء في صحيح مسلم: (إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، ولا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)، والتواضع خصلة يحبها الله جل وعلا، والتواضع لله تعالى ينتج منه التواضع للخلق، قال أحد السلف: «ما قابلت أحداً من المسلمين ولا اجتمعت به إلا ظننت أنه خير مني»، هذا تواضع عظيم مع أنه متعبد وصاحب عبادة، ولكن عنده تواضع وما عنده كبر على أحد، هذه العبادة ينتج عنها أثر في العقل في منهج التفكير لأنه يكون دائماً غير مؤثر لرأيه على الحق لأنه متواضع، لكن المتكبر على الناس هو سيتكبر فيما يراه، فيغالط في ما لا مجال للمغالطة فيه، ولكن لوجود شيء من الكبر والمجادلة بالباطل عنده فينتج عنها التفكير الخطأ، والحلم هو سبيل الحكمة، والطائش دائماً لا يكون حكيماً، الحليم يكون حكيماً والحكمة قال الله تعالى فيها: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}، والحكمة عصمة للعقل أيضاً من الغلط في النظر للأشياء، فإذاً الأخلاق لها أثر على عقل صاحب هذه الأخلاق وجوداً وعدماً كمالاً، أو ضعفاً.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة