Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 31/07/2013 Issue 14916 14916 الاربعاء 22 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

تقارير

الصين وعين باردة على الأموال الساخنة

رجوع

بكين - الجزيرة (خاص):

مع شعور الصين بالضغوط التي تفرضها عليها التدفقات واسعة النطاق من رؤوس الأموال القصيرة الأجل، أصدرت هيئة الدولة للنقد الأجنبي إشعاراً في أوائل شهر مايو/ أيار، أوضحت فيه الخطوط العريضة لمجموعة من التدابير الرامية إلى السيطرة على «الأموال الساخنة»، والحد من المخاطر الخارجية. والواقع أن التنظيمات الجديدة تشكّل ضرورة أساسية لإدارة الارتفاع السريع لقيمة الرنمينبي، وضمان دقة البيانات التجارية.

ولكن هل تكون هذه التنظيمات كافية؟ تشير مجموعة متنوعة من البيانات إلى الحجم الهائل للتدفقات إلى داخل البلاد؛ ففي الربع الأول من هذا العام ارتفعت مشتريات البنوك الصينية من النقد الأجنبي إلى عنان السماء؛ لتسجل رقماً قياسياً بلغ 1.2 تريليون يوان (195 مليار دولار أمريكي)، أكثر من ضعف إجمالي العام الماضي. وقد زادت هذه المشتريات بنحو 294.3 مليار يوان من مارس/ آذار إلى إبريل/ نيسان، وكان الشهر الخامس على التوالي الذي يشهد نمواً. وخلال الفترة نفسها تضخمت احتياطيات الصين من النقد الأجنبي بنحو 128 مليار دولار؛ لكي تصل إلى 3.4 تريليون دولار، وهي أضخم زيادة فصلية منذ عام 2011، وتعادل مجموع الارتفاع في عام 2012. ونظراً للفائض التجاري الصيني الذي بلغ 43 مليار دولار، فضلاً عن 30 مليار دولار في هيئة استثمارات أجنبية أثناء هذه الفترة، فمن المؤكد أن تدفقات رأس المال كانت عاملاً مساهماً. وعلاوة على ذلك، فمنذ بداية هذا العام، تجاوزت تسوية النقد الأجنبي لدى البنوك الصينية (مشتريات النقد الأجنبي التي تقوم بها بنوك معينة لصالح عملائها وأنفسها) المبيعات المقابلة؛ الأمر الذي أدى إلى تراكم فائض ضخم مستمر، وأشار أيضاً إلى زيادة تدفقات رأس المال إلى الداخل. هذا الفارق، الذي تعوض عنه البنوك من خلال صفقات تبرمها في سوق العملة بين البنوك، يؤثر بشكل كبير على احتياطيات الصين من النقد الأجنبي، لكنه لا يعادل صافي التغيير في احتياطيات النقد الأجنبي خلال الفترة نفسها. ووفقاً لهيئة الدولة للنقد الأجنبي فقد تبادل الأفراد والمؤسسات 152.2 مليار دولار من العملات الأجنبية في مقابل عملة الرينمنبي عبر البنوك الصينية في شهر مارس/ آذار، واشتروا 107.6 مليار دولار من العملات الأجنبية من المؤسسات المالية. ونتيجة لهذا فإن الفائض من النقد الأجنبي لدى البنوك بلغ 44.5 مليار دولار؛ ليرتفع بذلك بنسبة 38 % مقارنة بشهر فبراير/ شباط؛ ليصبح بذلك الشهر السابع على التوالي الذي يشهد تسبب الصفقات من البنوك إلى العملاء في خلق فائض. والواقع أن العواقب المترتبة على هذا التدفق غير الطبيعي لرأس المال إلى الصين أصبحت واضحة بشكل متزايد، خاصة في أسواق النقد الأجنبي. وبرغم تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي، الذي يبلغ حالياً 7.7 % سنوياً فقط، فإن قيمة الرنمينبي ارتفعت بسرعة، لتصل إلى تعادل مركزي مرتفع إلى حد غير مسبوق بنحو 6.2082 في مقابللدولار الأمريكي في بداية شهر مايو/ أيار. وفي غياب أي علامة لتحسن العوامل الاقتصادية الأساسية فإن الارتفاع السريع الذي سجله الرنمينبي لا بد أن يكون مرتبطاً بتدفقات كبيرة من النقد الأجنبي.

وبما أن سعر الفائدة القياسي في الصين حالياً أعلى من السعر المماثل في الولايات المتحدة فإن المؤسسات والأفراد لديهم حافز قوي للاحتفاظ بالرنمينبي كأصول والدولارات كديون. ومن الواضح أن الجولة الحالية من التيسير النقدي الجارية في العديد من الدول المتقدمة، إلى جانب التوقعات القوية بارتفاع قيمة الرنمينبي، تعمل أيضاً على تأجيج المضاربات في العملة، وتفرض المزيد من الضغوط الصعودية على سعر الصرف. وسوف تسعى التنظيمات الجديدة التي أقرتها هيئة الدولة للنقد الأجنبي إلى الحد من هذا الاتجاه من خلال اللجوء لأول مرة إلى فرض قيود على المراكز المفتوحة الصافية التي تحتفظ بها البنوك الصينية بنسب قروض/ ودائع بالعملة الأجنبية تتجاوز 75 %، والبنوك الأجنبية بنسبة قروض/ ودائع أعلى من 100 %. فنسبة القروض/ الودائع بالعملة الأجنبية الأعلى تعني قيوداً أكثر إحكاماً على مراكز الرنمينبي الطويلة الأجل. ومن خلال تقديم الحافز للبنوك للاحتفاظ بالمزيد من ودائع النقد الأجنبي في مقابل قروضها فإن القواعد الجديدة من شأنها أن تدفع سعر قروض العملة الأجنبية إلى الارتفاع، وبالتالي تمنع الشركات من استخدام قروض الدولار للمضاربة على مكاسب الرنمينبي. وبرغم أن التنظيمات الجديدة لم تصبح سارية قبل الأول من يونيو/ حزيران فإن تأثيرها كان محسوساً على الفور. فقد توقف الرنمينبي عن اتجاهه الصاعد في مقابل الدولار في السادس من مايو/ أيار؛ ليغلق عند 6.1667؛ ليسجل بذلك انخفاضاً بنحو 112 نقطة أساسية مقارنة بيوم التداول السابق، وهو أشد انخفاضاً منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وفي اليوم نفسه، تسببت الضوابط الأكثر صرامة على تدفقات رأس المال إلى الداخل في إغلاق الرنمينبي في الخارج عند مستوى 6.1790 في مقابل الدولار الأمريكي؛ لينخفض بذلك بنسبة 0.4 %، وهو أيضاً أكبر انخفاض منذ يناير/ كانون الثاني 2012. وهذا يشير إلى أن هذه التدابير سوف تنجح في منع الضغوط الصعودية المفروضة على الرنمينبي. وفي الوقت نفسه تهدف التنظيمات الجديدة إلى إنهاء ممارسة العديد من الشركات لتوجيه رأس المال إلى الصين متنكراً في هيئة فواتير تجارية. فمن خلال تضخيم صفقات التصدير من أجل نقل العملات الأجنبية، وأغلبها بالدولار الأمريكي، إلى الصين، تهربت الشركات من ضوابط رأس المال، وشوهت البيانات التجارية. ومن أجل تحويل الأموال إلى تدفقات إلى الخارج بعملة الرنمينبي عملت الشركت على زيادة حجم تسويات الرنمينبي في الصفقات عبر الحدود. وفي شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان ازدادت التسوية التجارية بالرنمينبي عبر الحدود بنحو 412.8 مليار يوان؛ لترتفع بذلك بنسبة 57.6 مقارنة بالعام السابق. وكانت هذه التناقضات المتنامية بين بيانات التجارة الخارجية وبيانات المنفذ سبباً في الإلقاء بظلال من الشك على مصداقية البيانات الأولى. ففي العام الماضي سجلت صادرات الصين نمواً بلغ 6.2 % تقريباً، كما ازداد معدل نقل الحاويات المنجز في موانئ الصين الكبرى بنسبة 6.8 % مقارنة بالعام السابق. وعلى النقيض من هذا ازدادت التجارة الخارجية للصين في الربع الأول من هذا العام إلى 974.6 مليار دولار، وهو ما يعكس معدل نمو أعلى مقارنة بعام 2012، في حين أنجزت الموانئ الصينية 800 مليون طن من البضائع المنقولة، وهو ما يمثل معدل نمو كان أقل بنحو 4.2 نقطة مئوية مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وفي مارس/ آذار كانت حركة الحاويات في الموانئ الصينية 15.29 مليون وحدة مكافئة لعشرين قدماً، بنمو أبطأ بنحو 1.7 نقطة مئوية مقارنة بالشهرين السابقين.

ومن الواضح أن البيانات التجارية تتضخم مع تنفيذ الشركات لمعاملات وهمية بهدف جلب رأس المال إلى البلاد. فالشركات تدرك أنه ما دام من الممكن أن تصل الأموال الساخنة إلى بنوك البر الرئيسي عبر هونج كونج فإنها بوسعها أن تتوقع عائدات خالية من المخاطرة، تتجاوز 2 %. وبالنظر إلى ارتفاع قيمة الرنمينبي مؤخراً فإن معدل العائد قد يصل من 3 % إلى 4 %. وبموجب التنظيمات الجديدة فإن هيئة الدولة للنقد الأجنبي سوف تصدر تحذيراً لمدة عشرة أيام بعد أن يتبين لها أن تدفقات رأس المال لدى أي شركة لا تتفق مع شحناتها المادية. وسوف يتم رصد ومراقبة هذه الشركات لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، إلى أن تعود الأرقام المعنية إلى المستوى الطبيعي. ولا نملك الآن إلا أن نتمنى أن تكون هذه التدابير كافية لإعادة بيانات التصدير الصينية إلى طبيعتها تدريجياً. ولكن على أقل تقدير، تشكّل التدابير الجديدة خطوة مهمة نحو تحسين إدارة تدفقات رأس المال عبر الحدود، وهو ما من شأنه أن يفيد إلى حد كبير تحول الاقتصاد الصيني وإعادة هيكلته.

تشانج مونان تشانج مونان - زميل مركز معلومات الصين، وزميل مؤسسة الصين للدراسات الدولية، وباحث لدى المنبر الصيني لبحوث الاقتصاد الكلي.
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2013.

www.project-syndicate.org

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة