Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 01/08/2013 Issue 14917 14917 الخميس 23 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

** في موقفٍ ذي مغزى روى “وِل ديورانت “ في كتابه “الموسوعة “قصة الحضارة “ أن “تيمور لنك” كاد يفتك بالشاعر “حافظ الشيرازي “ الذي شاء إهداء حبيبته التركية ذات الخال الأسود مدينتي “ بخارى وسمرقند” - ج 26 ص 44 - وأضاف أنه لم يجد هذه الحكايةَ الطريفة لدى أيٍ من باحثي سيرة الزعيم.

** قد يقود التدقيقُ في الحادثةِ إلى استبعادِ نسبتها إلى سيد شعراء فارس الذي توفي والإمبراطورالمغوليُّ في عامه الثاني (1337م) فلعله حافظٌ آخر لكننا نبقى عند دلالتها فأمام سطوةِ القائد أعاد الشاعرُ الكرةَ إلى مرماه مستجديًا النجاةَ من البطش باتهام نفسه بالتبذيرِ الذي طال ماله وكلماتِه وأوصله لما هو فيه من بؤسٍ فهدأ غضبُ السلطويّ وتوجت الحكايةُ بابتسامةٍ وهدية.

** تجيء الرواياتُ محملةً بوجوهٍ وأخيلةٍ وتبقى متوقّعةً بصورتها وإضافاتها وتتهيأُ لنا بعضُ معانٍ فيها وأبرزُها تضخيمُ الأنا واعتلاءُ منابرَ لا يملكُها ذوو الأوراقِ المُسوَّدة بأحلامٍ تتعالى فترى ما لا يُرى.

** تتشابهُ الطرفةُ مع ما روي من غضب” عبدالملك بن مروان “ على “ جرير” لبيته الذائع:

هذا ابنُ عمي في دمشقَ خليفةٌ

لو شئتُ ساقكمُ إليَّ قطينا

إذ ما زاد “ابنُ المراغةِ” - كما قال الخليفة - على أن جعله شرطيًا ولو أبدل بـ”شئتُ” شاءَ لساقهم إليه.

** هنا يبدو الاتفاقُ المضمرُ بين السياسيِّ والإعلاميّ على شروط الفعل والتفاعل” النظري والعملي”؛ فالنقطةُ الحرجةُ هنا هي مصدرُ الشرعنةِ الظاهر الذي قد يتبدلُ وَفقًا لمعطياتِ السياسة ومتطلبات اللعبة، والمختلفُ في زمننا تَبادلُ الأدوارُ فيتقدم السياسي بنفوذٍ وتوجيه ويتقدم الإعلامي بتهيئةٍ وتمويه.

** هذه حقيقةُ بعضِ السائد في الوسائطِ الإعلاميةِ والوسطاءِ المتصدرين حين يغيبُون عن مكانتهم وإمكاناتهم فيمنحون ويمنعون ويُحاكمون ويحكمون ويُصدِّقون تهيؤاتِهم ويجدون من يصفقون ويصبحون أداةً تتحركُ بما يُرسمُ لها من خطوطٍ وما يُحدد من خطوات ولا يعنيها أن تتجاوزَ المهنيةَ وتفقدَ المصداقية.

** لم يملك جرير سوقَ “تغلب” مثلما لم يهدِ حافظٌ مدنًا وبقيا، حيث هما يمارسان شهوةَ الكلام ويفتقدان صلاحية الحاكم والنظام فبالغا ولم يبلغا، والأمر عينُه مع الإعلام المعاصر بأشكاله التقليديةِ والرقميةِ ورموزه الفعلية والهامشية عندما يتسيدون الميدانَ بدعوى الحرية وهم راسفون في العبودية.

** يبقى تعددُ المنابر فاصلًا بين التميّز والتحيّز وسيظلُّ الرهانُ على الوعي مانعًا عن الاندلاق الغامض والانسياقِ المُغمض؛ فالغموضُ والإغماضُ معضلتا فهم ما يجري وتوقع ما يجيء.

** لن يحفل الإعلاميُّ اليوم بما حفل به الشاعرُ أمس ولن يغريَ تابعيه أو يهددَ مناوئيه لكنه سيُبرزُ أفقًا هو في واقعه نفق ويرسمُ نفقًا لما يمتدُّ به الفضاء، وهنا يتفوّق الصمتُ على الصوت ويقود المتفرجون مرحلةَ التأني والتمني وفيهما لمن يعايشُ الفتنَ والمحنَ ملجأٌ ومنجى.

**الخَلق لا يشرعنون الحق.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon

بين الحق والخَلق
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة