Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 02/08/2013 Issue 14918 14918 الجمعة 24 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

سوريا فعلاً وليست سخرية تحولت إلى (حارة كل من إيدو إلو)، حيث كان يعيش «غوار الطوشة» كما في المسلسل السوري الشهير (صح النوم)؛ غير أن الذي اختلف فقط عن مشاهد ذلك المسلسل الساخر أن (الأبضاي) في المسلسل (أبوعنتر)، تحول بحكم الظروف الموضوعية ليصبح (الشيخ أبو محمد) حيث يصولُ ويجول، ويأمر وينهى، ويُحلّل ويُحرّم!

جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية نشرت خبراً عن (فتوى) صدرت في حلب - طبعاً بعد تحريرها - ممهورة بختم الشيخ أبو محمد، وهو عضو في ما يُسمى هناك «الهيئة الشرعية»؛ تقول الفتوى: (إن «الكروسان»، ويعني الهلال بالفرنسية، صنعت على شكل «هلال» ليأكله الأوروبيون في أعيادهم ويحتفلوا بالنصر على المسلمين؛ إذ إن الهلال كان شعار الدولة الإسلامية)؛ وهذا ما يجعل أكله محرّماً!

هذه الفتوى المضحكة والمحزنة في الوقت نفسه لا تختلف عن فتوى صاحبنا الذي أفتى بأن كرة القدم حرام!.. وأصّل: لأن قوانينها وأنظمتها في الملعب ضرب من ضروب الحكم بغير ما أنزل الله (كذا!)، ولأنها - أيضاً - (لعبة ماسونية)، أراد منها الغرب (الكافر) تعويد شبابنا من خلال هذه اللعبة على الحكم بغير ما أنزل الله!

فتوى (حرمة أكل الكروسان) تنطلق من المنطلقات ذاتها، وتُعبِّر عن الذهنية نفسها، حيث تَرسّخ في (لا وعي) هذا الشيخ الشعور بالمؤامرة؛ ليصبح (وهم) تآمر الغرب على الإسلام والمسلمين مصدراً يغرف منه مشايخ الظلام والتخلّف تأصيل فتاواهم.

المحزن أن أهل حلب، حيث صدرت فتوى الشيخ أبو محمد، يتضوّرون جوعاً، فلا يجدوا كسرة الخبز لتسد رمقهم، بل ولا رشفة ماء لتُطفئ ظمأهم، ليجدوا «الكروسان» الفرنسي؟!.. فهو كمن يُحرم ركوب عربات «الرولز رويز» على أهل الصومال لأنها من صنع الكفّار!

ويُروى بالمناسبة - أن أهل حلب عندما عرفوا الطماطم نفروا من استهلاكها وزراعتها في بادئ الأمر لأن منشأها بلاد الكفّار، وللونها الأحمر غير المطابق لكونها «خُضرة» ؛ ولهذا لقبها الحلبيون بـ»مؤخرة الشيطان», وأصدر مفتي المدينة فتوى بتحريم أكلها؛ كما يقول «جورج طرابيشي» في كتابه «من النهضة إلى الرِّدة».

ومثل فقيه حلب هذا فقيه جاء ذكره في كتب التراث اسمه «الطالقاني» من أصحاب أبي حنيفة، وكان يُوصف (بالغفلة). يُروى أنه قال يوماً لابن عقيل: كيف مذهبكم في المرأة هل يجوز أن يُزوّجها ابنها؟.. فرد عليه ابن عقيل ساخراً: في ذلك تفصيل؛ إن كانت بكراً جاز وإن كانت ثيباً - (أي متزوجة سابقاً) - لا يجوز. فقال الطالقاني: ما سمعت هذا التفصيل قط! وقد سُئلَ الطالقاني هذا مرة: ما تقولُ في فأرة ميتة مشت على شيء هل ينجس؟.. فقال: إذا كانت ميتة لا!

ولو أن الطالقاني هذا عاش في عصرنا لأصبح العالم العلاَّمة الذي لا يُجارى في فضله وعلمه وعلو شأنه أحد!

ومن غريب الفتاوى المعاصرة المبنية على (الأوهام) تحريم بعض فقهاء البشتون في باكستان وأفغانستان التلقيح ضد شلل الأطفال، أما تأصيل هذه الفتوى الغريبة العجيبة القميئة فيتكئ على (وهم) - أيضاً - انتشر بين هؤلاء الظلاميين مُؤداه أن لقاح شلل الأطفال مستخرج من الخنزير (كذا)؛ وأن الهدف (تعقيم) أطفال المسلمين لمنعهم من الإنجاب؛ ليس ذلك فحسب، بل أباح هؤلاء الجهلة (قتل) كل من يقوم بهذا اللقاح في هذه المناطق؛ فقتل تسعة عمال يشاركون في حملة تلقيح ضد شلل الأطفال، ما أجبر السلطات الباكستانية على تعليق نشاط الحملة برمتها في مناطق البشتون حفاظاً على أرواح العاملين في فيها؛ تصوروا إلى أي مدى أجرم هؤلاء المتخلفون في حق الطفولة؟

وليس لدي أدنى شك أن الأفلام والرسومات والمقالات التي تظهر في الغرب بين الحين والآخر تُسيء للإسلام ولنبي الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام، أقل ضرراً على هذا الدين وسمعته ونظرة العالم إليه من هذه الفتاوى الهوجاء الظلامية المتحجرة.

إلى اللقاء.

شيء من
انتبهوا لمؤامرة خبز «الكروسان»!
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة