Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 06/08/2013 Issue 14922 14922 الثلاثاء 28 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

العنوان أعلاه، هو وسم لملتقى لجنة الدعوة في إفريقيا الثاني والعشرين، الذي يعقد -هذه الأيَّام -في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة؛ ليركز الضوء على عناية نصوص الشريعة الإسلامية بلزوم جماعة المسلمين، ووحدتهم، والتحذير من سلوك سبيل الشذوذ عن الجماعة، ويجلي الغموض حول هذا المفهوم،

بل إن عناية تلك النصوص جاءت؛ لتؤكد على وجوب طاعة وَلِّي الأمر في غير معصية، وحرمة الخروج على وَلِّي الأمر إلا عند الكفر البواح، عندهم من الله فيه برهان.

كل ذلك؛ من أجل تحقيق العبودية لله، وإقامة الشريعة، وجمع كلمة المسلمين على الحقِّ. وهذا -بلا شكَّ- من مقاصد الشريعة الإسلاميَّة، ومحاسنها، وفضائلها. كما أنَّه أحد الأسس التي قامت عليها عقيدتنا؛ امتثالاً لأمر الله، وأمر رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم -، من وجوب لزوم جماعة المسلمين، والحذر من التفرق.

“لن نستطيع البحث عن أمن دون استقرار”، وهذا ما أكَّد عليه معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان أبا الخيل، وتلك -لعمري -كلمة رائعة، فلئن كنَّا مضرب الأمثال في هذه البلاد أمام العالم في تحقَّق الأمن، والأمان، والتَّعايش السلمي، والوفاق الوطني بين شتَّى طوائفها، وقبائلها، فإنَّ الحفاظ على هكذا مبادئ راسخة، لن يكون إلا بسدِّ الثغرات، التي يمكن أن تحدث شرخًا فيها.

ولذا كانت الوحدة سنّة كونية، منظمة للحياة البشرية، وأصلاً من أصول كافة الأديان، ومقصدًا عظيمًا من مقاصد الإسلام.

الأمن مطلب أساس لجميع الناس، لاسيما ونحن نعيش عصرًا مدلهمًا بالمتقلبات الفكريَّة، والتحدِّيات السياسيَّة، والمجتمعية، والمؤثِّرات الثقافيَّة. وبغير هذا المبدأ، فإنَّ السعادة التي ينجرّ إليها بعض المخدوعين خلف بصيصها، لا تعدو أن تكون مُجرَّد سراب، يحسبه الضمآن ماءً؛ ولكي تكون الفكرة واضحة، فإنَّ أهم مقاصد الشريعة الإسلاميَّة، وما ترمي إليه من خير للبشرية جمعاء، هو الوقوف صفًا واحدًا ضد أيّ عبث بمقدرات الوطن؛ حتَّى تتطابق نتائج حكمة الحفاظ على أمن الوطن مع مبادئه. ويتجلَّى ذلك في الهدف الأساس، الذي ترمي إليه أحكام الشريعة، وذلك من خلال الحفاظ على المقاصد الأساسيَّة الخمسة، وهي -بلا شكَّ- أساس عوامل قيام الدول، والحضارات، والمجتمعات.

نحن اليوم، أشد ما نكون فيه إلى البرِّ بالوطن؛ حتَّى نصونه من مؤامرات عبثية، ونحميه من أيّ عدوان، سواء كان عدوًا متربصًا بنا، أو طامعًا يتلمس الفرص من خلال مظاهرات فئوية، تريد الحصول على مكاسب آنية، ومنافع ذاتية؛ حتَّى أصبحوا -مع الأسف- مُجرَّد رقم في معادلة غير مفهومة، عبث بمصيرهم المجهول. وهو ما يجعلنا نؤكد على أن الإِنسان، هو جوهر العملية الأمنيَّة، بل هو نواة الأمن الداخلي، والخارجي.

بإمكاننا أن نقدم لوطننا نموذج العطاء الصالح، وأن نسلك به السبيل الأسلم، الذي يحقِّق به معنى طاعة وَلِّي الأمر، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من وحدة الصفِّ، وجمع الكلمة، وحقن الدماء، وتسكين الدهماء؛ ولمَّا في الخروج عليه من شق عصا المسلمين، وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم.

وعليه، فإنَّ مصالح الدنيا، والآخرة، وجمع أصول الدين، وقواعده، لا تنتظم إلا بلزوم جماعة المسلمين بعد كلمة التوحيد، ومناصحة أوَلِّي الأمر. وهذا هو الطَّريق الأسلم، والمنهج الأوفق، والأمر الذي كان عليه سبيل الدعوة أيَّام الرسالة، بل إن منهجًا كهذا، هو من عزائم الدين، ومن وصايا الأئمة الناصحين. أليس التاريخ حفظ لنا قول أحدهم: “إذا رأيت الرَّجل يدعو على السلطان؛ فاعلم أنَّه صاحب هوى، وإذا سمعت الرَّجل يدعو للسلطان بالصلاح؛ فاعلم أنَّه صاحب سنة -إن شاء الله -”!.

إن إدراك الظروف المحيطة بنا، وما يجري حولنا من أحداث متسارعة، وتجاذب القوى بين عدد من دول المنطقة في الوقت الراهن، تستلزم لمّ الشمل، وتوحيد الصفِّ، وبذل الوسع في سيادة النظام العام، واحترامه من حيث القيمة العملية، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، بثّ رسالة واضحة للمتربصين بنا: ألا مجال للعبثية المقيتة على حساب قضايا الأمة المصيرية، والدَّعوة إلى معالجة القضايا الكبرى بروح المسؤولية. وألا ننس الخطوط العامَّة في عدم التعاطي مع الأحداث برؤية خاطئة، أو كل ما يؤججها، ويساعد على إيقاظها.

إن المأمول من أهل العلم المعتبرين، توعية المواطنين بضرورة حفظ الأمن، وفرض النظام العام، بعيدًا عن المعالجات التي تقوم على الارتجال، أو استثارة الغرائز العدوانية، فالأمن مسؤولية الجميع، وهو خطّ أحمر. وبالتالي، فإنَّ حفظ النظام العام في منظومة مقاصد الشريعة، هو حق مشروع، يتعدى ذلك إلى نظرة شاملة، تضع في الاعتبار: تحقيق المصلحة الخاصَّة؛ لتكون مكملة للمصلحة العامَّة. وتحقيق المصلحة العامَّة؛ لتكون مُتضمِّنة للمصلحة الخاصَّة، دون تهديد لتلك الغايات العظيمة بما يهدمها، أو يلغيها.

drsasq@gmail.com
باحث في السياسة الشرعية

وحدة الصف.. وأثرها في استقرار المجتمعات!
سعد بن عبدالقادر القويعي

سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة