* العقل صندوق مغلق لا ينفتح إلا برغبته.. ولا ينتبه إلا إذا اهتم.. ولا يستجيب إلا إذا اشتهى.. ولا يسعى إلا إذا احتاج.. ولا يخاف إلا إذا هدد.. ولا يتوقف إلا إذا صدم.. ولا يتراجع إلا لمصلحته.. ولا يتغير إلا إذا هرم.
* العقل وعاء محكم الإغلاق له منفذ واحد يستقبل ويخزن لكنه لا يفرغ ما فيه.. فالذي فيه يظل فيه إلى أن يموت.. يمكن أن ينحى أو يخفف أو يصحح أو يعدل أي أنه يمكن التأثير فيه لكن لا يمكن أن يُلغى أو يمُحى أو يُنسى.
* ما يتلقاه العقل منذ أن يعي يسري فيه ويؤثر تأثيراً يستمر مدى الحياة.. فالمعرفة المتلقاة أولاً تكون لها السيادة بالأسبقية ولا يمكن زحزحتها.. وأية معرفة جديدة تالية لا تكون معرفة بديلة، بل تقع تحت تأثير السابقة لها وتكون في مجال محاكمتها ووسيلة تمحيصها.. لذلك يتفق الناس على أن «الحكم على الشيء فرع من تصوره».
* من المتفق عليه أنه لو سئل ابن آدم عمّا يريد لنفسه.. فإنه سوف يطلب زيادة في المال أو المنصب أو الطول أو الصحة أو الأبناء أو الجمال أو العلم أو الدين.. لكنه قطعاً لن يطلب زيادة في العقل أو إحدى ميزاته: من حلم أو فطنة أو ذكاء أو تحليل أو استشراف أو تنظيم!
* الانطباع السائد لدى كثيرين أن العقل يزيد بالعلم فقط.. وهذا انطباع تنفيه نجوم ساطعة عديدة في التاريخ الإنساني، فالعلم يزيد العقل نوراً لكن الأمية لا تنقص منه.. فالعقل كيان مستقل تماماً كما الذراع والقلب والكبد والقدم.. منها القوي ومنها الضعيف وكثير منها بين ذلك.
* في وقت المواجهة يكون العقل أداة تكتيكية وليس إستراتيجية.. كما لا يعمل في حالة الاستفزاز أو في مجتمع غير مستقر أو مساحة الحوار فيه محدودة.. ويتعطل في حالات الغضب والجوع والخوف والشهوة والطمع.. كما أن العقول شموع مختلفة المقاسات.. فمنها مقاسات كأنها الفنار تستضيء به الجموع.. وتهتدي به المجتمعات.. ومنها ما دون ذلك بكثير.
* العقول المستنيرة الكبيرة هي التي تمتلك القدرة على هضم خلاصة القديم، ومن ثم صبّه في نماذج وقوالب معاصرة جديدة.. أما العقول الضحلة الصغيرة فإنها تقف مرتبكة أمام كل جديد وتعجز عن التكيف معه واستيعاب متغيراته.
* العقل إما أن يكون مدركاً نيراً، أو خاملاً ساكناً، أو شاذاً طائشاً.. كما يمكن أن يُصْقَل بالتدريب والتعليم.. وهو لا شك يُصْقَل بالتجربة.. ويثبت الفكر الإنساني المجرب أن العقل كما العضلة أو المهارة.. يمكن تدريبها وتجهيزها وتنميتها وتقويتها.
* يقول ابن رشد: إن العقل هو العلم بالأسباب في علاقتها بالمسببات.
