Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 08/08/2013 Issue 14924 14924 الخميس 01 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

تختلف المجتمعات باختلاف نظرتها للحياة، فبعضها يضيء الحياة بساعات الفرح، ويحول الأعياد إلى مناسبة خالصة لإعلان السعادة والاحتفال بها في مظاهر اجتماعية أخاذة، بينما تهيمن الأجواء الجنائزية على أفراح مجتمعات أخري، وإن كان ذلك هو عيدها السنوي، وقد يصعب الوصول إلى معرفة الأسباب الكامنة خلف ذلك، لكنها قد يكون للخلفية الدينية أو التراث أو التقاليد القديمة أو البيئة الاجتماعية أثر في ذلك، ولو حاولت تصنيف مجتمعنا إلى أيهما ينتمي لكان أقرب إلى الجمود والهدوء، وربما يحمل في بعض أوجهه بعضا من الكآبة والحزن.

***

الخطاب المحلي السائد موجه ضد اللهو والاستمتاع، لدرجة اختفاء ثقافة الاحتفال والسعادة في الأعياد، ربما لهذا السبب تخلو شوارع بعض المدن السعودية من سكانها في الأعياد، وتبدأ رحلة الهروب إلى بعض الدول المجاورة بحثاً عن العيد بكل ما تعنيه الكلمة من محتوى، والتي تظهر هناك في أجواء احتفالية شعبية، ولا يحتاج المجتمع فيها إلى رعاية رسمية ليظهر الفرح في عيده السنوي.

***

الميل نحو الجنائزية في الأفراح كان إحدى سمات أزمنة المصريين القدماء، والتي كانت تدور حول تجربة الموت، وما يحدث في العالم الآخر، وطغت تلك النظرة الجنائزية على أفراحهم وأتراحهم، لدرجة يصعب التمييز بينهما، وكانت تظهر على هيئة ترانيم ومدائح وصلوات وتعاويذ لمساعدة الأحياء على إكمال مسيرتهم إلى العالم الآخر.

***

لكن المصريين في حاضرهم المعاصر اختلفت عندهم تلك الرؤية، وأصبحت متوازنة بين الفرح والحزن، لذلك تختلف مظاهر العيد عن مظاهر المآتم في حياة المصري، ففي الأعياد تبدو الأجواء مشبعة بالبهجة والسعادة، بينما في زمن الحزن تطغى الجنائزية على المناسبة.

***

في الحضارة العراقية القديمة، كانت إقامة الشعائر الجنائزية سمة سكان بلاد الرافدين القديمة، انطلاقاً من اعتقادهم بأن الموت هو نتيجة حتمية لكل الناس، وأن الخلود ليس للبشر، ومن هذا المنطلق أقام العراقيون القدماء احتفالاتهم وشعائرهم الجنائزية على جنائز الموتى لتنعم أرواحهم بالراحة في العالم الآخر.

***

لكن تلك النفحة الجنائزية لا زالت تصبغ حياة العراقيين، فالموسيقى العراقية تكاد تئن من كثرة الآلام التي تختزنها ذاكرة العراقي، والأعياد في العراق تقتلها نبرة الحزن والألم ، وربما لذلك علاقة بثقافة كربلاء والحزن الذي تحولت إلى أسلوب حياة بين كثير من العراقيين، بينما تغيب الثقافة الحزينة عن أعياد الشام والمغرب العربي واليمن، وتبدو الأعياد في كامل زينتها.

***

لكن لماذا تغيب مظاهر الفرح عن العيد في بلادنا كما هو الحال في البلاد الأخرى؟، وما هو سر غياب البهجة في العيد السعودي؟، وهل له علاقة بالتقاليد الاجتماعية التي تتسم بالجفاف والمحافظة في إظهار الفرحة والبهجة!،أم هو الاجتهاد الديني للحياة في هذه المنطقة من العالم الذي يحرص على تهيئه الإنسان المسلم لليوم الآخر، وأن يؤدي الواجبات، و يبتعد عن الكبائر والذنوب.

***

لذلك تنتشر فتاوي التحريم والتحذير من كثير من مظاهر اللهو والفرح، لدرجة أن الخطاب الديني المعاصر يرى أن كثرة الضحك والسرور قد تكون سبباً لموت القلوب ولارتكاب المعاصي، و لهذا يرى في سماع الموسيقى والاحتفاليات المصاحبة لها أحد أسباب عذاب نار جهنم والعياذ بالله، وكنت لزمن غير بعيد يتردد على سمعي فتوى تنص على أن حكم من يستمع للموسيقى يُصب في أذنه الآنك، وهو الرصاص المذاب، لحديث (من جلس إلى قينة صب في أذنه الآنك)، لكن الوعظ الديني توقف عن ترديد هذه العقوبة المروعة، لأن الناس اكتشفوا أنه حديث موضوع.

بين الكلمات
لماذا يغيب الفرح عن العيد؟
عبدالعزيز السماري

عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة