Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 09/08/2013 Issue 14925 14925 الجمعة 02 شوال 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في إحدى غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد خرج صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوة الفتح فأفطر وبلغه أن رجالاً خرجوا صائمين فقال: “أولئك العصاة، أولئك العصاة” رواه مسلم، قال بعض العلماء: فمن صام أجزأه لكنّه قَدْ خالف السنَّة، لأن الصائم يضعف نشاطه في المعركة. والمؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف.

فيحسن أن نمرّ بالصيام باختصار، لأنه باب واسع، وفضائله كثيرة، وما فيه من نفحات فنقول: من جامع في نهار رمضان فعليه كفّارة مع القضاء، فإن جامع ثانية، قبل الكفاءة، فكفارة واحدة وعليه التّوبة ومن كان قضاء من أيام أُخر، أفطرها في رمضان، فإنّ عليه المبادرة بالقضاء لأنّه أصبح في عنقه دين لله، ودين الله أحق بالقضاء.

ومن أخّر القضاء قبل رمضان الآخر، فإن كان لعذر حتى أدركه رمضان آخر فليس عليه إلا القضاء، أما إذا كان مفرّطاً فعليه القضاء مع الكفّارة لكل يوم يُطْعم مسكيناً مع التوبة إلى الله. أما من ترك القضاء لعذر كالمرض حتى مات فلا شيء عليه، فإن كان لعذر أطعم عن كل يوم مسكيناً، إلا أن يكون الصَّوم منذوراً، فإنه يُقام، وفعله كلّ نذر طاعة.

وقد كانت عائشة رضي الله عنها، تؤخّر صيام القضاء إلى شعبان، ولا تقضيه إلا في شعبان، ولا تعتبر مفرّطة لأنها علّلت ذلك بمكانة رسول الله منها، وأخذ العلماء هذا عذراً لا تفريطاً في تأخير قضاء الصوم، مع أنّ الواجب المبادرة بالقضاء، وتحيّن الفرص أولى، لأنّه دين الله الذي يجب المبادرة به، ولا يضمن الإنسان حوادث الزّمن، وبعض النّاس يهتّمون خوفاً من فوات الحرص، وبعضهم يبادرون في شوال ليصوم مع ست من شوال، طمعاً في الأفضليّة للحديث الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان وستاً من شوال إيماناً واحتساباً، فكأنما صام الدهر). الحسنة بعشر أمثالها، رمضان بعشرة أشهر، وست من شوال بشهرين، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم. مع احتساب الأجر في المبادرة بالقضاء.

وفي القضاء عن الميت حديث رواه ابن ماجه والترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه قضاء صيام شهر رمضان، فليُطْعَم عنه مكان كل يوم مسكيناً). قال الترمذي صحيح عن ابن عمر برقم (718) وابن ماجة برقم (1757).

وقالت عائشة رضي الله عنها: (يُطعَمُ عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه) أخرجه البيهقي، أما ابن عباس فقد سئل عن رجل مات وعليه نذر شهر رمضان وعلين رمضان فقال: أمّا رمضان فيطعَمُ عنه، وأمّا النذر فيصام عنه. رواه الأشرم في السّنن.

وأما ما يفسد الصّوم: فالأكل والشرب أو ما أوصل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان، أو استقاء فقاء أو استمنى أو قبّل أو لمس فأمنى أو أمذى أو كرّر النظر حتى أنزل، أو حجم أو احتجم عامداً ذاكراً لصومه لقوله صلى الله عليه وسلم (أفطر الحاجم والمحجوم) أخرجه أبو داود.

أمّا الأكل والشرب فيحرم على الصائم لقوله سبحانه: “ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ “ (البقرة 187) بعد قوله سبحانه (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) نفس الآية.

فإذا أكل أو شرب مختاراً ذاكراً فسد صومه، فعل ما ينافي الصوم لغير عذر، سواء كان غذاء أو غير غذاء، كالحصاة والنواة لأنّ ذلك في حكم الأكل..

أمّا من استعطّ فقد فسد صومه لقوله عليه الصلاة والسلام: لِلَقيْط بن صَبْره :(بالغ في الاستنشاق إلاّ أنْ تكون صائماً) أخرجه الترمذي وقال: حديث صحيح، ومعنى استعطّ أي جعل في أنفه سعوطاً، والسّعوط ما يوضع في الأنف من الأدوية، وهذا يدل على أنه يفسد الصوم.

وإن أوصل إلى جوفه شيئاً من أيّ موضع كان، مثل من احتقن أو داوى جائفة، وهي الطعنة التي توصل الجوف أو طعن نفسه، أو طعنه غيره، بإذنه، أو أوصل إلى دماغه شيئاً مثل: مَنْ: قطّر في أذنيه، أو داوى مأمومة وهي الشّجة، التي تصل إلى أم المصباح، فوصل إلى دماغه فسد صومه، لأنه إذا فسد بالسّعوط: دلّ على أنه يفسد بكل واصل من موضع كان، ولأن الدماغ أحد الجوفين، فأفسد الصّوم بما يصل إليه كالأخرى: أي كالجوف الأخرى.

وإن استقاء عمداً فعليه القضاء، قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامداً، لما روى أبو هريرة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وكذا من استمنى بيده فإنّه يفطر، ومن أكل أو شرب ناسياً فليس عليه شيء للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أكل أحدكم أو شرب ناسياً فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) متفق عليه، وفي لفظ (فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله). أخرجه التّرمذي، قال المؤلف: فنصّ على الأكل والشرب، وقسنا عليه ما ذكرنا.

وعلى هذا رأى بعض العلماء على عدم إخباره حتى ينتهي من أكله أو شربه، لأنه من رزق الله له، ومثل هذا القياس قال المؤلف في العدّة على العمدة، مسألة: وإنْ فعله مكرها - والضمير يعود على القيء - لم يفطر مَنْ ذَرَعَهُ القيء فليس عليه قضاء.

أمّا من طار إلى حلقه ذباب أو غبار فلا يفسد ذلك صومه، لأّنه لا يمكن التحرز أشبه الرّيق.

ومن ذرعه القيء لم يفسد صومه لحديث أبي هريرة مرفوعاً: “من ذرعه القيء فليس عليه قضاء” “حديث حسن”.

ومن فكّر فأنزل: لم يفسد صومه لأنه يخرج من غير اختياره، فصار مثل الاحتلام، ومثله من قطّر في احليله، ومن أكل في النهار يظنه ليلاً، فإنّ عليه القضاء بعدما بان له أنّه نهار فعليه القضاء، لما روي عن حنظلة قال المؤلف: ويتلو صيام رمضان المفروض على كلّ مسلم ومسلمة، بأحكامه وما فيها من تيسير: صيام التِّطوع وهذا من أهمية القيام وعظم أجره حيث أعدّ للصائمين خصوصاً: باباً اسمه الريّان الذي لا يدخله إلا الصائمون، فإن تكاملوا أغلق، كما جاء في الحديث القدسي عن الله سبحانه: (الصوم لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي: الصوم لي وأنا أجزي به).

وأفضل صيام التّطوع صيام نبيّ الله داود عليه السلام: كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

أما حديث الثلاثة الحنفاءَ الذين تقالّوا أعمالهم في شبابهم، ونذروا على أنفسهم المواصلة: حيث قال الأول: أصوم النهار ولا أفطر، وقال الآخر: أصلي الليل ولا أنام، وقال الثالث: اعتزل النساء ولن أتزوج وقيل عنه أنّه فكر في جب نفسه. وبلغ خبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستدعاهم وقال لهم: أما إني أخشاكم لله: أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس منّي، وقال لعبد الله بن عمرو: صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام، فقال: إني أطيق أكثر من ذلك فقال له الرسول الكريم لا أفضل من ذلك، ورُويَ عن عبدالله قوله: ليتني أطعْتُ الرسول بعد ما تقدمت به السّن.

وجاءت أحاديث كثيرة في تخصيص أيام وأشهر بالصيام، وكفّارات كذلك بارتكاب محظورات.

ومن ذلك، ما رواه أبوداود والتّرمذي وقال: حديث حسن جاء فيه: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل فيهنّ أحب إلى الله من عشر ذي الحجة، قالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء) وهذا حديث حسن صحيح رواه ابن عباس.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام أحب إلى الله أنْ يُتعبّد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها، بقيام ليلة القدر) وهذا حديث غريب رواه التّرمذي.

وروى أبو داود بإسناده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجّة ويوم عاشوراء.

وكان يوم عاشوراً من الأيام المفضّل صومها، فقد جاء في فضل صيامه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، رأى اليهود يصومون هذا اليوم، ويقولون: هذا يوم نجّا الله فيه موسى وأمته من بني إسرائيل وأهلك فرعون وقومه بالغرق، فصامه موسى ونحن نصومه شكراً لله.

فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: نحن أحق بموسى منكم.

وقال لأمته: (صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده خالفوا اليهود، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتسب على الله في صيام يوم عرفة، أنْ يكفّر السنة التي قبله، لكن يرى كثير من العلماء بأنه لا يشرع لمن كان في عرفه حاجاً، ليتقوّى على الدعاء والعبادة، لما رُوِيَ عن أم الفضل بنت الحارث: أن ناساً تماروا بين يديها يوم عرفة، في رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال بعضهم صائم، وقال بعضهم ليس بصائم، فأرسلت لرسول الله قدحاً من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة، فشربه النبي صلى الله عليه وسلم والناس ينظرون) متفق عليه.

ولأنّ الصيام من أفضل العبادات البدنية، بعد الصلاة فقد كثْرت الأحاديث التي ترغّب فيه، علاوة على أنّه بما فيه من أجر، وأن للصائمين فيه منزلة كبيرة، وهذا من تيسير الله على عباده، حيث إنّ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، مع بيان فضائله حتى يسارعوا في الخيرات، ويتباروا في زيادة الخير طمعاً في الأجر.

وقد جعل الله الصّيام من الكفّارات في موضوعات مثل: قتل الخطأ وغير ذلك، حيث جاء ذكره في كتاب الله حوالي عشرين مرّة، أما في السنَّة فهو كثير، وهذا من علوّ مكانته.

mshuwaier@hotmail.com

من فضائل الصيام
د.محمد بن سعد الشويعر

د.محمد  بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة