Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 10/08/2013 Issue 14926 14926 السبت 03 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

كنت في الأيام الأخيرة من شهر رمضان أعطيت قلمي إجازة قصيرة، وخلال تلك الأيام المباركة رحل عن دنيانا علمان هما المرحوم الأستاذ محمد بن سليمان الضلعان، عليه رحمة الله, والمرحوم الأستاذ محمد بن فهد العيسى عليه رحمة الله.

الراحل أ. محمد الضلعان فقيد الإدارة والسماحة

* لم أجد ما أعنون به مقالتي في رثاء أ. محمد الضلعان أقرب من هذا العنوان.

أبو سليمان - فعلا - رمز السماحة في حديثه وفي ابتسامته وفي إدارته وتعامله، ويجمع كل من عرفه على هذه السجية التي امتاز بها وحسبه - رحمه الله - بالسماحة خلقا وطبعا.

عرفت الراحل أ.الضلعان أول ما التحقت بوزارة العمل بعد تخرجي من الجامعة، وعندما جئت للوزارة موظفا صغيرا كان الراحل مساعداً لمدير عام الإدارة العامة للتدريب المهني، وكان - أحيانا - ينوب عن مدير عام الإدارة التي كنت فيها, ومن هنا كانت بداية تواصلي معه, وكنت وقتها في بداية عملي الحكومي, وكان أنموذجا للسماحة وحسن التوجيه، وقد كنت وزملائي ندخل عليه بمكتبه لنعرض عليه بعض المعاملات وكأننا ندخل على أحد زملائنا, فقد كانت فيه سماحة عجيبة وتعلو محياه ابتسامة جميلة تزيل كل الحواجز بينه وبين الآخر.

* كان رحمه الله واثقا من نفسه متفانيا بعمله أعطى «تدريب أبناء الوطن» ذوب عمره, ونضارة شبابه, وعدد كبير من الذين يعملون الآن في المجال المهني والتقني هم من غرسات هذا الإداري المخلص.

كان رحمه الله حافزاً.. صاحب رسالة بعمله، أذكر عندما تعين وزيراً جديداً لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية كان الموظفون والمسؤولون بالوزارة على عادتهم وجلين.. كيف سيعملون مع الوزير الجديد ويتساءلون: ماذا سيحُدث الوزير من تجديد وتنقلات؟ معالي أ. الضلعان كان وحده الذي لا يتحدث بهذا الشأن, كان همه عمله لا يعنيه من جاء لأن له رسالة يؤديها لا ترتبط بأشخاص وإنما ترتبط بأداء عمل وعندما كان الموظفون يسألون أبا سليمان عن نظرته لمجيء وزير جديد كان يرد بكلمة طريفة لطيفة «ما علينا عمنا زوج أمنا»!

رحمه الله رحمة واسعة.

* لقد كان أ. الضلعان، كما وصفه، في مقالة كتبها عنه زميله الذي عمل معه ويدين له بالكثير من الفضل كما أشار في مقاله, لقد وصفه معالي الدكتور علي بن سليمان العطية نائب وزير التعليم العالي السابق بعمله بأنه ( تأسرك بشاشته وطيب حديثه وسمو أخلاقه) وقد صدق وربّ كاتب هذه السطور.

***

* كنت أتواصل مع الراحل بعد انتقالي إلى عمل آخر عبر الزيارة وعبر الهاتف، وإن كان التواصل متباعدا بحكم ظروف المدن الكبرى التي تبتلع الوقت, ولكم سعدت عندما صدر الأمر الملكي بتشكيل مجلس الشورى بدورته الرابعة, وكان معالي أ.محمد الضلعان أحد الذين حظوا بالثقة الكريمة, وكنت وقتها عضوا بالمجلس من الدورة الثالثة وجدد لي بالدورة الرابعة, سعدت بالتحاقه بالمجلس لأن هذا سيجعل التواصل يتم بشكل أكبر, وفعلا صار ذلك, وقد أضاف وأثرى المجلس - رحمه الله - بمداخلاته وآرائه، وبخاصة فيما يتعلق بشأن تدريب الشباب السعودي بحكم خبرته الطويلة، وكان رحمه الله يكرمني ببعض الرسائل القصيرة التي نتبادلها بيننا تحت قبة المجلس, والتي إما تحمل تعليقا لطيفا, أو تثمينا لمداخلة, أو تصحيحا لخطأ, وقد سعدت بعديد من تلك الوريقات الصغيرة «من أبو سليمان» إما معلقا أو مثّمنا أو مصححا تغمده الله بواسع رحمته, وجعل تلك «الابتسامة» على محياه رفيقته في جنة المأوى.

***

الراحل أ. محمد الفهد العيسى فقيد السفارة والثقافة

* في العشر الأواخر من شهر رمضان غادر دنيانا الفانية أحد رموز هذا الوطن ورجاله الذين أفنوا حياتهم في خدمة نمائه وسياسته وثقافته على مدى عمره الذي قاربت سنيّه 90 عاما.

الإداري والسفير والشاعر الكبير محمد بن فهد العيسى هو أحد بقية أعلام الشعر العربي المعاصر رحمه الله.

لا أدري عن أي جانب أختار في «مسيرة هذا الراحل» إنه عمر من العطاء في كافة الفضاءات التي دخلها وأبدع فيها.

كان أحد المؤسسين لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بداية إنشائها، وكان آخر منصب تقلده فيها وكيل الوزارة والذي لم يمكث فيه طويلا وعاد إلى حبره ومحابره وجزيرة شعره التي أخذه عنها عمله الإداري، لكن لم يطل به المقام فقد عاد ليكمل رسالته الوطنية الإدارية حيث تم اختياره للعمل بوزارة الخارجية لينطلق معها سفيراً لوطنه في عدد من البلدان التي أبقى فيها ذكراً عاطراً بحكم قدرته على تمثيل وطنه أفضل تمثيل, وبعده عن وطنه أشعل في قلبه الحنين له، وكان ثمرة ذلك عدداً كبيراً من القصائد الباذخة الصدق والجمال التي تغنى فيها بوطنه, وتألف الاستباق بين قوافيها شوقا إلى صحرائه ومن أجمل قصائده التي قالها وهو ناءٍ عن بلاده وتحديداً عن نجد قصيدته التي كان عنوانها «صبا نجد» والتي منها:

(ألا يا صبا نجد فديتك يا نجدي

متى كان عهدك - بالأحباب- في نجد؟

متى كنت فيهم في مواسم حيهم

وفي روضة «التّنهات» كيف همو بعدى

أيذكروني الخلان في الوسم عندما

تلوح بروق المزن.. أم أُنسيوا عهدى؟

سقـى الله أرضــا كنت بين رياضهـا

أريق كؤوس البوح وجدا على الوجد

بها كنت لحنا بين أضلع شاعر

يغنى لليلى الشوق في القرب والبعد)

***

* كم أتمنى لو أن الراحل العزيز سجل ذكرياته؛ فهو شاهد عصر على المسار الإداري والتنموي والدبلوماسي، ومن يجلس ويستمع إليه وهو يتحدث عن ذكرياته يدرك ذلك المخزون الذي يحمله في جوانحه, ولن أنسى زيارة له عندما كان منوما قبل عدة سنوات بالمستشفى وقد تماثل للشفاء, وقد بهرنا وهو يتحدث عن ذكرياته الإدارية والشعرية.

وقد رجونا منه أن يسجلها في كتاب وكنا ثلاثة: الشاعر أ. أحمد الصالح «مسافر»الأديب د. إبراهيم عبدالرحمن التركي, وكاتب هذه السطور، لكن يبدو أنه لم يفعل رحمه الله لقد كان ضنيناً بالحديث عن نفسه وأعماله ومنجزه, فضلا عن أن بعض ذكرياته قد لا يسمح الرقيب بنشرها !

***

لقد فقدنا برحيل الأستاذ الكبير محمد الفهد العيسى أحد القامات الأدبية العربية الكبيرة الذي يضاهي شعره شعر كبار الشعراء المعاصرين، وإن كان لم يحظ بالشهرة التي نالتهم لأنه كان زاهدا بالأضواء وما يهمه أن ينغّم على قيثارته قوافي شجنه, ومسارات دروبه, ومشارف طريقه.

لقد انعكست رقة شعره على رقة تعامله, ومضيء كلماته, وكان كما وصفه حفيده طراد نزار العيسى في رثائه بصحيفة الحياة «حنونا ومثالا في التعامل وكنا لا نسمع منه حتى عندما يغضب سوى كلمات حنونة ودعوات صادقة «الله يوفقك يا ابني الله يرضى عليك».

ونحن نسأل الله يا فقيدنا أن يرضى عليك، كما رضي عليك أحبابك, وأن يجزيك بجنة المأوى كفاء ما قدمته طوال عمرك من أعمال جسام لوطنك ودينك وأمتك.

hamad.alkadi@hotmail.com
فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi- أمين عام مجلس مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية

مع الراحلين
حمد بن عبد الله القاضي

حمد بن عبد الله القاضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة